حذرت صحيفة «تايمز» البريطانية من أن أوكرانيا ستفقد السلام والأمن حتى لو انتصرت في الحرب الراهنة. وقال كاتب المقال الخبير في الأمن والسياسة إدوارد لوكاس: «ليس من المؤكد الآن أن تتم مكافأة تضحيات الأوكرانيين بالأمان والازدهار والحرية التي يتوقون إليها، حتى لو انتصروا عسكريا في الحرب ضد روسيا».
وحدد الكاتب خطرين يلوحان في الأفق وربما يجهضان أحلام الأوكرانيين وهما: العدوان الروسي في المستقبل، لافتا إلى أن حلف «الناتو» سيقدم تعهدات رسمية وليس بطاقة عضوية بحماية أوكرانيا ربما على غرار العلاقات الدفاعية لأمريكا مع تايوان وإسرائيل، وهي تعهدات جيدة لكنها رهينة بعدم عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى سدة الحكم.
والثاني وهو الأمن الهش، الذي سيؤدي بحسب رؤية الكاتب، إلى تأجيج الاستياء داخل أوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب، إذ أنه سيخيف المستثمرين من القطاع الخاص ويجعل المساعدات الخارجية أكثر أهمية. ولفت إلى أن الخطر الأكبر على أوكرانيا هو الفساد، إذ إن جزءا من المشكلة هو التصور الذي تروج له روسيا بإصرار، بأن أوكرانيا فاسدة بشكل لا يمكن إصلاحه، وبالفعل، فإن مؤسسات أوكرانيا ضعيفة ومسؤوليها جشعون منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي السابق عام 1991.
ولمعرفة فداحة الضرر الذي ألحقه الفساد بأوكرانيا، عقد الكاتب مقارنة بينها وبين بولندا وإستونيا اللتين تخلتا عن النظام الشيوعي في وقت متزامن مع أوكرانيا، قائلا: إن بولندا أصبحت أغنى بـ3 مرات تقريبا من أوكرانيا بحلول عام 2021، وضاعفت إستونيا دخلها للفرد 5 مرات تقريبا خلال الفترة نفسها، بفضل الإدارة العامة الممتازة في البلدين.
ورأى الكاتب أن أوكرانيا بدأت في إخراج نفسها من الوحل قبل الهجوم الروسي، لكن زمن السلم سيطرح تحديات جمة، من بينها أن كثيرا من المواطنين سيتوقعون تعويضهم ومكافأتهم عن تضحياتهم، وستنتشر الإغراءات بمجرد بدء إعادة البناء، وستكون المبالغ المتضمنة هائلة؛ مئات المليارات من الدولارات في شكل منح وقروض لإعادة بناء البنية التحتية والصناعة والإسكان.
ودعا إلى الاستفادة من دروس أفغانستان والعراق، وأخذ الحذر من الجشع في الدول الغنية، معتبرا أن التواطؤ من قبل الغربيين الذين سيشاركون في عملية البناء والأعمار، مثل المصرفيين والمحامين والمحاسبين والوسطاء وعمالقة المال سيكون هو الخطر الحقيقي على أوكرانيا..