تتعدّد الأسماء المرشّحة لرئاسة الجمهورية اللبنانية، ومع كل يوم يمرّ تطرح أسماء من هنا وهناك. فيما المرشح الأول الذي يتقدّم على الجميع هو «الفراغ الرئاسي» ولا شيء غير الفراغ.
المبعوث الفرنسي الخاص بلبنان جان إيف لودريان أجرى سلسلة من اللقاءات والاجتماعات. هي مهمة استكشافية كما يبدو ليس فيها مبادرة ولا اسماً يتقدّم على أي من الأسماء المرشحة.
أزمة لبنان أنه لم يعد يعني الشيء الكثير للأطراف الإقليمية والدولية. لقد أُفرغ هذا البلد من معانيه كافة السياسية والاقتصادية والثقافية وصولاً إلى الأمنية.
يتلهى اللبنانيون بالأسماء وصفات أصحابها الشخصية، فيما المطلوب واحد هو برنامج للعمل يحدّد آفاق ما بعد الانتخابات. فخامة الاسم وحدها لا تكفي، فالعالم العربي والغربي أُتخم بالأسماء اللبنانية وبات مقتنعاً بأنّ لا حلّ إلا ببرنامج عمل واضح يصحح ما مضاه ويؤسّس لما سيأتي. برنامج عمل تكرّر في كثير من المحطات.. في الرسالة الخليجية التي حملها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى المسؤولين اللبنانيين في 22 يناير 2022 وجاءت في البيان الثلاثي السعودي الأمريكي الفرنسي على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في 21 سبتمبر 2022، وفي كثير من البيانات الدولية لبنان بحاجة إلى إصلاح اقتصادي ودستوري وأمني، ودون ذلك لا قيمة للأسماء، كل الأسماء.
ليست المشكلة في اسم فرنجية أو أزعور أو بارود أو جوزيف عون. بل المشكلة في نيّة الأفرقاء اللبنانيين في العبور من الفساد إلى الإصلاح ومن التنكّر للدستور إلى التشبث بالدستور المتمثل باتفاق الطائف ومن أمن الدويلة إلى أمن الدولة. قد تتعدد جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية لكن النتيجة واحدة فوز الشغور الرئاسي على كل الأسماء المطروحة إن لم يكن هناك إجماع لبناني على خارطة طريق للإصلاح في كافة النطاقات. ليس الاقتصاد وحده ينقذ لبنان، كما ليست السياسة وحدها تحصّن لبنان هو عربة يجرّها حصانان واحد اقتصادي وآخر سياسي يسيران جنباً إلى جنب من أجل صناعة المستقبل والتخلص من موبقات الماضي.
انتخاب الرئيس هو نتاج خطة، ولا يمكن لأي رئيس أن يختصر باسمه أي خطة، هنا التحدي الذي ينتظر اللبنانيين لتجاوز أزماتهم وإلا فإنّ الشغور لم يكتفِ برئاسة الجمهورية، بل سيتمدد ويتمدد إلى باقي المؤسسات، إلى قيادة الجيش في نهاية العام الحالي، وإلى قيادة قوى الأمن الداخلي في النصف الثاني من العام القادم، وقبل هذا وذاك إلى حاكمية مصرف لبنان بعد أشهر قليلة.
القضاء على الشغور يكون بخطة اقتصادية يتعهد بها الجميع، فيما استمرار الشغور مرشح للبقاء في غياب هذا التعهد لخطة ينشدها الشعب اللبناني.