ذهب إلى اليمن من أجل تقديم المساعدة للشعب اليمني.. هكذا لخصت أسرة المسؤول الأممي مؤيد حميدي التي كانت تتحدث لوسائل الإعلام إثر حادث الاغتيال وباتت الآن في انتظار تسلم جثمانه الذي وصل إلى محافظة عدن اليمنية تمهيدا لنقله إلى الأردن.
ظهرت عائلة المسؤول الأممي في برنامج الغذاء العالمي في محافظة تعز مؤيد حميدي من المملكة الأردنية على القنوات الفضائية للحديث عن الجريمة ومشاعر الصدمة التي تلقوها عن مقتله.
ماذا قالت سوزان عن والدها؟
بدا واضحا تأثر ابنته سوزان حميدي بحالة الحزن الشديد على فقدان والدها.. قالت بحزن إنها كانت تنتظر عودة والدها النهائية من العمل والتفرغ للأسرة وقضاء بقية السنوات القادمة برفقة العائلة، لكنها صدمت بحادثة استشهاده في مدينة التربة بمحافظة تعز جنوب اليمن التي جاء إليها برغبة شديدة من أجل تقديم المساعدة للشعب اليمني - على حد وصف سوزان- بعد أن عمل في أكثر المناطق خطرا في سورية والعراق والسودان، ليكتب في اليمن نهاية لمسيرته الإنسانية في تقديم المساعدة للشعوب المتضررة من تداعيات الحروب الداخلية والاضطرابات التي مرت بها تلك الدول.
ابنة الشهيد سوزان حميدي أضافت بالقول: «إنها تشعر بالفخر بوالدها الذي أمضى حياته في العمل الإنساني وتقديم المساعدة للشعوب المحتاجة في العديد من الدول المتضررة من تداعيات الحروب، وبصوت مخنوق بالحزن، وحبس الدموع، وصلت حديثها لقناة الغد المشرق بأن والدها على المستوى العام ظل يقدم المساعدة لكل الناس في محيطه ولم يحصل أن اختلف مع أحد أبدًا وعرف بين الجميع بأخلاقه العالية والسمعة الطيبة ووصفت والدها بأنه أطيب إنسان، وقالت إن أي شخص يعرفه راح يحكي عنه الكثير من سمات الخير».
ورغم تأثرها الواضح في حديثها عن فقدان والدها قالت سوزان ردا على سؤال المذيعة بأن على جميع العاملين في مجال الإغاثة الاستمرار في العمل وتقديم المساعدة للناس المحتاجة في محافظة تعز اليمنية التي قتل والدها فيها وفي كل مكان من العالم، وأن لا تثنيهم هذه الجريمة النكراء في قتل والدها عن تقديم المساعدة ومواصلة العمل الإنساني.
في حين قال سمير حميدي شقيق مؤيد إن خبر مقتل شقيقة في اليمن كان مؤلما للغاية لدرجة كبيرة، ولم تستوعب الأسرة الأخبار التي تلقتها عن مقتل مؤيد حميدي في اليمن الذي قدم إليها لتقديم المساعدة من خلال عمله في برنامج الغذاء العالمي.
ومع ذلك أظهر تماسكا رغم حالة الحزن الواضحة، وعبر عن شكر الأسرة للسلطات الأمنية في اليمن التي تمكنت من القبض على الجناة مرتكبي الجريمة كي ينالوا العقوبة الرادعة إزاء ما اقترفته أياديهم الآثمة.
ولفت إلى أن السلطات الأردنية أولت القضية اهتماما كبيرا من خلال التواصل مع أسرة الفقيد والتواصل مع السلطات اليمنية عبر وزارة الخارجية الأردنية.
وفي المقابل أفاد بأن الأمم المتحدة تفاعلت مع حادث مقتل شقيقه وأبدت الكثير من الاهتمام بالقضية، وعملت على التواصل المستمر مع الأسرة والوقوف إلى جانبها في هذا المصاب الجلل.
وقال إن الأسرة شعرت مع ذلك الاهتمام من قبل الأمم المتحدة والسلطات الأردنية بأنهم جزء من العائلة،
مفيدا بأن الأسرة تنتظر تسلم جثمان الفقيد.
وقال إن الإجراءات الأمنية تقع على عاتق الأجهزة الأمنية والقضائية في إنزال أقصى العقوبات على مرتكبي هذه الجريمة لمنع تكرار حدوثها؛ لأن هؤلاء الناس قدموا لليمن من أجل مساعدتهم وليس لقتلهم تركوا أولادهم وزوجاتهم وعائلاتهم وجاءوا لمساعدة الشعب اليمني الطيب، بينما المجرمون ارتكبوا هذه الجريمة الشنعاء التي يستحقون عليها عقوبة الإعدام جزاء ما اقترفوه.
الرصاصة التي اغتالت قلب تعز
ويبدو المشهد صادما على وقع جريمة اغتيال مدير برنامج الغذاء العالمي بمحافظة تعز جاء إليها حاملا سنابل القمح -على حد تعبير رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني- ليكتب لمسيرته في مجال العمل الإنساني النهاية في محافظة جرى اختيارها كي تكون نموذجا لتنفيذ المشاريع المستدامة من قبل المجتمع الدولي وليس هناك وصف أكثر مما قاله رئيس البرلمان اليمني الشيخ سلطان البركاني عن هذه الجريمة.
حيث قال: طعنةٌ غائرةٌ في القلب وجهتها أيادٍ أدمنت الأذى لليمن الذي لم يتعاف من طعنات متوالية بسهامٍ مختلفة.
ما كاد العالم يستجيب لمأساة اليمن الإنسانية ويبدأ أولى الخطوات لتقديم تعز نموذجاً لخروج اليمن من محنته ليقرر أن تكون ملتقىً أممياً نموذجيًا لجهود التنمية... فيستبشر البسطاء والمحرومون...إلا أن قطاع الطرق وعصابات الإرهاب تأبى إلا أن تمارس هواية الدم والدمار باعتدائها هذا اليوم على موظفٍ أمميٍ من مواطني الشقيقة الأردن التي لم تتردد في مؤازرة اليمن سلطةً وشعباً عبر مبادرات لا أجد متسعاً لحصرها.
اعتداءٌ لم يسفك دم المواطن الأردني في مدينة التربة فحسب.. بل سفك معه دم كل يمني يشعر بالخيبة والحرج والأسى على هذا المواطن الأردني الذي جاءنا يحمل شجرة القمح والأرز.. فلم يرد المجرمون التحية بمثلها.. تعازينا للأردن ملكاً وحكومةً وشعباً ولأسرة الشهيد مشاعر الأسى والحزن، ولا نامت أعين الجبناء.
قتلوه قبل أن يكمل وجبة الغداء
وكان حميدي في اليمن من أجل تقديم الطعام لأسر جائعة انهكتها تسع سنوات من الأزمة اليمنية، لكن القتلة اختاروا قتل من جاء من أجل إطعام الجائعين قبل أن يكمل وجبة الغداء في أحد مطاعم مدينة التربة. ووفقا لتوصيف الصحفي محمد العزيزي في حديثه لـ«عكاظ» وكأن القتلة اختاروا قتل من جاء لتقديم المساعدة للجائعين، وهو ما يظهر بشاعة الجريمة والرسالة التي أرد أن يبعثها مرتكبو الجريمة ومعها فإن الرصاص التي اغتالت مدير برنامج الغذاء العالمي اغتالت قلب تعز وفقا لبيان صادر عن الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة تعز التي أدانت الجريمة التي هزت وجدان الشارع اليمني.