بينما يوشك العالم على طي الملف السوري في غرف النسيان، في ظل تداخل النزاعات الإقليمية، إلا أن هيئة التفاوض تفاجئ الأوساط السياسية والمجتمع الدولي بالإصرار الدائم على إيجاد طوق الأمان.
وعلى مدار يومي غد الجمعة وبعد غد السبت، تجري هيئة التفاوض اجتماعها الدوري بكافة مكونات الهيئة في جنيف، من أجل إعادة تموضع الملف السوري والبحث مع مبعوثي الدول الغربية مسار العملية السياسية، إذ تحاول الهيئة طوال العام 2023 ألا تتوقف عن الحركة السياسية في الأروقة الدولية لوضع حد لهشاشة «الإرادة الدولية» في تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي يهدف في جوهره إلى المرحلة الانتقالية.
وفد الهيئة برئاسة الدكتور بدر جاموس الذي أعيد انتخابه في أغسطس العام الحالي لمدة عام، سيجري خلال يومي الجمعة والسبت عدة لقاءات مع فريق المكتب الخاص بالمبعوث الدولي للملف السوري غير بيدرسون للحديث، إذ يدور النقاش على مدار يومين حول إيجاد آليات حقيقية وجدية والبحث بشكل واضح وصريح في أسباب بتعثر العملية السياسية، ومدى جدية المجتمع الدولي في القفز على المعوقات التي مازالت تبقي الأزمة السورية دون حل.
وفي هذا الإطار دعت الهيئة المبعوثين الدوليين الخاصين بالملف السوري لكل من (الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، هولندا، سويسرا، الاتحاد الأوروبي، تركيا، إيطاليا، الدنمارك، مصر، السعودية، قطر، الأردن) بهدف حشد الجهود الدولية لدعم العملية السياسية بما يحقق الحرية والعدالة للشعب السوري.
وعلى الرغم من الشلل السياسي الدولي حول الملف السوري، إلا أن هيئة التفاوض تصر من خلال النشاطات الدبلوماسية واللقاءات مع مبعوثي وممثلي الدول، على ضرورة العودة وبكل جدية إلى المرجعيات الدولية للحل السياسي، وبطبيعة الحال فإن القرار 2254 هو الأساس الذي ترى فيه هيئة التفاوض طريق للحل السياسي.
لكن السؤال الصريح، في ظل الجمود السياسي حول سورية، على ماذا تراهن هيئة التفاوض!؟
وخلال العام الحالي، تمكنت هيئة التفاوض من إعادة وحدة الموقف على مستوى مكونات الهيئة، فهذا الاجتماع هو الثاني من نوعه الذي ينعقد بحضور كافة المكونات السياسية والعسكرية التي نص عليها مؤتمر «الرياض1»، والأمر الآخر توسعت الهيئة في نشاطها على المستوى الداخلي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال السوري من أجل إعادة تنظيم القوى المدنية والعسكرية باتجاه الحل السياسي.
وهذه الجهود، على ما يبدو تستند إلى مسار طويل قررت الهيئة أن تخوضه من أجل إعادة تمكين المعارضة سياسيا واجتماعيا، في الوقت الذي لا تتوقف فيه اللقاءات مع الدول، ولعل آخرها زيارة وفد الهيئة إلى نيويورك على هامش أعمال الجمعية العمومية وإجراء العديد من اللقاءات مع الأطراف الدولية الفاعلة.
كل هذا يبين أننا اليوم أمام رؤية جديدة للحل السوري تستند إلى عاملين، الأول رفع مستوى التنسيق والتوافق بين كافة الأطراف السياسية المعارضة، والآخر مد الجسور الدولية والاحتفاظ بالقرارات الدولية والتأكيد على تنفيذها، ولعل اجتماع جنيف على مدار يومين جزء من إصرار الهيئة على إعادة الاعتبار وبكل قوة إلى الملف السوري، إلا أن الأمر يتوقف عند «سياسة النفس الطويل»، فهل تمتلك المعارضة وعلى رأسها هيئة التفاوض هذه الرئة الكبيرة للاستمرار في المعركة السياسية!