لاتزال جبهة جنوب لبنان مشتعلة منذ اندلاع شرارة الحرب على غزة في أكتوبر الماضي.
لاتزال جبهة جنوب لبنان مشتعلة منذ اندلاع شرارة الحرب على غزة في أكتوبر الماضي.
-A +A
راوية حشمي (بيروت) HechmiRawiya@
تواصل إسرائيل تعميق ضرباتها الجوية على الجبهة الجنوبية للبنان، إذ وصلت في الساعات القليلة الماضية إلى مدينة النبطية، وأودت عمليات القصف بحياة ١١ مدنياً، ليرتسم الخوف الأكبر من إمكانيه توسع رقعة المواجهة من ضربات مركزة إلى حرب شاملة.

«الضربة بالضربة»، حتى اللحظة هذا هو السيناريو الذي يعتمده «حزب الله» وإسرائيل، في إظهار قدراتهما على الرد بالمثل، فبعد أن قصفت إسرائيل مدينة النبطية قبل أيام رد الحزب بقصف «صفد» التي تبعد 30 كيلومترا عن الحدود مع لبنان، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين.


الطرفان لم يعد بإمكانهما الوقوف في منتصف الطريق ولا إلى العودة خطوة واحدة إلى الوراء. فهل يتخلى حزب الله عن الرد المناسب الذي يعتمده وينزلق وراء مشروع الحرب الشاملة التي تسعى إليها إسرائيل؟.

التوقعات العسكرية تقول إن الحرب الإسرائيلية مع لبنان لا بد منها، فإسرائيل لا يمكنها أن تستمر في حالة الاستنزاف خصوصا على جبهتها الشمالية، إذ إن سكان المستوطنات لا يزالون في عداد النازحين، الأمر الذي يكبد حكومة نتنياهو تكاليف باهظة، فضلاً عن النقمة الشعبية ضد رئيس الوزراء من قبل أهالي الأسرى لدى حماس والنازحين من المستوطنات الشمالية.

لكن هل حكومة نتنياهو قادرة على أن تتكبد المزيد من التكاليف إن خاضت حرباً على هذه الجبهة التي يتوقع خبراء أن تفوق خسائرها الـ30 مليار دولار؟

والسؤال نفسه يطرح من الجهة المقابلة، هل حزب الله قادر على تكبيد لبنان خسائر يتوقع الخبراء أن يفوق حجمها تكلفة حرب تموز 2006، عدا عن الأضرار التي بدأت تحصى من جراء القذائف الفوسفورية على المواسم الزراعية التي احترقت محاصيلها بالكامل، إضافة إلى توقف المدارس والجامعات والخسائر بالملايين بفعل تعطل عمل المؤسسات التجارية والشركات في الجنوب؟

الحرب بين إسرائيل وحزب الله محكومة بسيناريوهين لا ثالث لهما، إما أن تنجح التسوية التي ما زالت الاتصالات والمفاوضات مستمرة بشأنها تحت عنوان «هدنة رمضان» والتي يجب أن تبدأ من غزة وتسلك بطريقة أو أخرى إلى الجبهة الجنوبية، وإما أن يسلك الوضع جنوباً إلى التصعيد الأخطر وتتوسّع رقعة الضربات وتحتدم المعركة لتتحول إلى الحرب الشاملة، إذ إن المشهد القائم لا يبشر بالخير طالما إسرائيل تواصل استفزاز حزب الله منذ اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية، والذي تلاه سلسلة اغتيالات في عقر داره، وما زالت تتمادى في تصعيدها النوعي، ويبدو حتى ساعات غير مضمونة أنها باقية على ضغوطاتها العسكرية كونها جادة في إقفال ملف جبهتها الشمالية مهما كلفها الأمر، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب الله الذي يبدو أنه باقٍ على موقفه وماضٍ في معركته إلى أن تتوقف الحرب في غزة.

الوضع يسير على حبل مشدود، والتفاوض يجري تحت النار، وكلا الطرفين يتأرجحان بين الصمود في الرد والرد المضاد، أو السقوط في سيول حرب لن تحمد عقباها.