شهد عام 2023م حراكاً لافتاً في مجال السياسة الخارجية، انطلاقاً من رؤية وفلسفة المملكة السياسية بشأن الاستقرار العالمي والنظام الدولي، وهي الرؤية التي تبتعد عن سياسات المحاور والاستقطاب، وتسعى لبناء جسور مصالح مع جميع القوى، بحيث لا تعني علاقاتها مع إحداها القطيعة مع الآخرين.
وبحسب تقرير أصدره المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، فإن الرؤية والفلسفة التي وجهت الحركة الدبلوماسية السعودية على مدى العام الماضي، مكّنت المملكة من التحرك النشط خارج صناديق الحركة الدبلوماسية الضيقة، وانتقلت من مرحلة الحفاظ على وضعيتها القيادية في العالم الإسلامي إلى مرحلة بناء الدور العالمي، لقوة إقليمية ذات طموح دولي.
المملكة في 2023م ظهرت بوصفها قطباً إقليمياً بخصائص عالمية، وانتقلت من مركز لقيادة العالم الإسلامي، إلى قطب إقليمي صاعد ذي هُوية حضارية محددة، يمارس دوراً عالمياً أصبح محل احتياج في الوساطات والتوازنات الدولية، وكان ذلك مميزاً بعد سنوات أُثقل خلالها دورها السياسي بفعل انخراطها في أزمات الإقليم وحرب اليمن. هذا التوجه العالمي يشيرُ إليه، بشكل خاص، حجم المؤتمرات والقمم الجماعية والثنائية التي استضافتها المملكة، وحجم الزيارات الرسمية والوفود، ونوعية الأفكار والمبادرات الجديدة التي أطلقتها السعودية، ما جعل من 2023م ذروة النشاط الدبلوماسي السعودي؛ وهو مسار يرجّح أن يستمر ويزداد في 2024م.
وبحسب التقرير، فإن ما مكّن المملكة من لعب هذا الدور هو تنامي الرضى عن الدور السعودي، ازدياد الطلب والمقبولية الإقليمية لهذا الدور الذي تعاملت معه المملكة بجهوزية سياسية ودبلوماسية وتقنية عالية، وتفاعلت معه بثقة كبيرة. ولعل ما ساعد المملكة على إحداث هذا الزخم السياسي، هو أنها مارست الانضباط على نفسها أوّلاً قبل الآخرين، وطبقت مبدأ (صفر مشكلات) فعلاً لا قولاً، حين سعت إلى تصفير مشكلاتها مع قطر والعراق وإيران، والحوثيين، وتركيا، وسورية. وإلى حدٍ كبير؛ سلط العام الماضي الضوء على القدرات الخاصة للمملكة، التي جعلتها محطة محورية، يرغب الكثيرون في القدوم إليها وقبول وساطتها والاستضافة لأجل إبرام اتفاقيات التسويات على أراضيها.
الشرق الأوسط.. أوروبا الجديدة
وفي ما يتعلق بالشرق الأوسط، تقدّم المملكة، عبر الأمير محمد بن سلمان، رؤية لشرق أوسط يسوده الاستقرار ويتنافس على التقدم والرخاء والازدهار، ولا تسيطر عليه الصراعات، وليس أسيراً لنزاعات أيديولوجية تُهدر مقدراته. شرق أوسط تسود علاقات السلام بين قواه الفاعلة، ويسهم فيه العرب بدورهم الطليعي التاريخي، وذلك ما عبَّر عنه الأمير في ختام القمة الصينية العربية في 9 ديسمبر 2022م، حين قال: نؤكد للعالم أجمع أن العرب سيسابقون على التقدّم والنهضة مرة أخرى.. وسوف نثبت ذلك كل يوم».
وهو نفس ما قاله ولي العهد خلال انعقاد النسخة الثانية لمنتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض قبل أكثر من خمس سنوات، في أكتوبر 2018م، حين أكد أن «منطقة الشرق الأوسط ستصبح أوروبا الجديدة»، ما يعكس الاستمرارية والاتساق في الرؤية السياسية لولي العهد.
وعلى الرغم من إدراك الأمير محمد بن سلمان أهمية تحقيق النهضة للمملكة العربية السعودية ونظرته للوضعية السياسية والتاريخية والاقتصادية والدينية الخاصة لبلاده في الإقليم، وأهمية تصدُّر المملكة وقيادتها النهضة والنمو، وعلى حد قوله إنه «لا يليق أن يكون هذا البلد العظيم إلا في موقع الصدارة في كل المجالات»، فإنه لا يرى ذلك إلا في إطار شرق أوسطي شامل ومستقر ينعم فيه الجميع بالاستقرار والرخاء، لذلك يقول في حواره مع (فوكس نيوز): «لنحقق أهدافنا في المملكة يجب أن تكون المنطقة مستقرة، ونتطلع إلى أن تنعم المنطقة ودولها كافة بالأمن والاستقرار لتتقدم اقتصاديّاً»، وهو نفس ما كان الأمير قد قاله سابقاً عام 2019م، حين قال: «لن يهدأ لنا بال حتى نحقق هذا الهدف لوطننا أولاً ثم لأشقائنا في المنطقة». وفق ذلك يرى الأمير محمد بن سلمان أن تقدُّم السعودية وصدارتها في المنطقة أمر حتمي، ويصل إيمانه بمستقبل الشرق الأوسط المزدهر -أوروبا الجديدة- إلى حد القناعة والعقيدة السياسية.
ولا تقتصر رؤية المملكة للشرق الأوسط على الجانبين السياسي والاقتصادي، كما لا تقتصر على مجرد الرؤى والطموحات، وإنما ترافقها خطوات عملية على الأرض، حتى تشمل مجال البيئة والمبادرات بشأن المناخ والتشجير. وكان ولي العهد أطلق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في عام 2021م؛ وهي التحالف الإقليمي الأول الذي يهدف إلى الحد من آثار تغيّر المناخ على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما انطلقت النسخة الثانية من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في 7 نوفمبر 2022م في مدينة شرم الشيخ، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (COP27).
وتبقى الدائرة الخليجية المركز الأول لنشاط الدبلوماسية والفكر الإستراتيجي السعودي، وهي مركز الرعاية الخاصة لولي العهد، ويبقى الهدف الأسمى للمملكة داخل هذه الدائرة هو العمل على الحفاظ على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وتضامنها وأمنها القومي وإبعادها عن الأزمات، ودفع أي تهديدات يمكن أن تطالها من العالم أو من الإقليم، وليس أدل على ذلك من حرص السعودية على وجود دول المجلس معها في كل خطوة دبلوماسية عالمية تخطوها، أو فضاء دبلوماسي جديد تتحرك نحوه، وذلك نهج المملكة المستمر؛ ففضلاً عن جذب السعودية معها دول المجلس في القمتين الخليجية- الأمريكية والخليجية- الصينية اللتين عُقدتا عام 2022م، فقد حرصت المملكة عام 2023م على وجود دول المجلس معها في التحركات الدبلوماسية الجديدة التي أحدثتها في سياستها الخارجية، على نحو ما حدث في القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى في يوليو الماضي، والقمة الخليجية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) في الرياض في أكتوبر. وفيما يتعلق بمواقف التضامن العملية للمملكة مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي، وكمثال واحد فقط، يمكن الإشارة إلى البيان شديد اللهجة الذي أصدرته الخارجية السعودية في 2 أغسطس 2023م تضامناً مع الكويت ضد الموقف الإيراني؛ حيث صدر البيان بعد مُضي خمسة أشهر على اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، برعاية صينية، ما يؤكد أولوية قضايا دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمملكة، وأنها لا تتأثر في ذلك بأي مواقف أو حسابات سياسية متعلقة بأطراف أخرى، حينما يكون الحق مع دول المجلس.
رؤية تصالحية تكاملية
هذا الدور السعودي الطموح تجسَّد في مناحٍ عديدة، إذ استأنفت المملكة في 2023م، تقديم رؤيتها للعالم وللشرق الأوسط في إطاره. وسلَّط لقاء ولي العهد مع قناة (فوكس نيوز) الضوء على هذه الرؤية بجلاء، إذ يرى أن العالم بناء متسق ومتعاضد، لا ينبغي الإضرار بأيٍّ من أركانه وأعمدته، ولا يرى أن التحالفات أو التكتلات الدولية هي تكتلات متعادية بالضرورة، لذلك حين سُئل عن عضوية المملكة في (البريكس)، أكد أن مجموعة (بريكس) ليست ضد أمريكا، بدليل وجود حلفاء واشنطن داخلها، و«بريكس ليست تحالفاً سياسياً». وحين سُئِل عن الصين قال «لا أحد يريد أن يرى الصين ضعيفة، إن انهارت الصين فدول العالم أجمع معرضة للانهيار بما فيها أمريكا». وأكد التقرير الإستراتيجي للمعهد الدولي أن هذه الرؤية التصالُحية والتكاملية للنظام الدولي تنتصر لرؤية عالم يسوده السلام وليس الصراع؛ وهي رؤية تدعو الأقطاب المتصارعة في العالم لأن تتبصَّر في أهمية وجودها المشترك، وأن وجودها هو جزء أساسي لوجود الآخر، وأن فناءها يستبطن احتمالات الفناء للذات أيضاً. وفي ما يتعلق بالسياسة النفطية أكد أن «سياستنا البترولية يحكمها العرض والطلب، وملتزمون باستقرار أسواق النفط، وقرارات (أوبك+) لا تدعم طرفاً على حساب الآخر».
وترافق مع الرؤية التصالحية لولي العهد بشأن النظام الدولي توجُّهٌ سعوديّ للانفتاح بثقة على الشراكات الدولية الجديدة، والاستمرار في آلية تعزيز العلاقات عبر مجالس التنسيق الإستراتيجية، التي لن يكون آخرها إعلان المملكة والبرازيل خلال زيارة الرئيس لولا دي سيلفا إلى الرياض في أواخر أكتوبر، عن إنشاء (مجلس التنسيق السعودي البرازيلي)، وَفق ما تضمنه البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة الرئيس أواخر نوفمبر 2023.
وبحسب تقرير أصدره المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، فإن الرؤية والفلسفة التي وجهت الحركة الدبلوماسية السعودية على مدى العام الماضي، مكّنت المملكة من التحرك النشط خارج صناديق الحركة الدبلوماسية الضيقة، وانتقلت من مرحلة الحفاظ على وضعيتها القيادية في العالم الإسلامي إلى مرحلة بناء الدور العالمي، لقوة إقليمية ذات طموح دولي.
المملكة في 2023م ظهرت بوصفها قطباً إقليمياً بخصائص عالمية، وانتقلت من مركز لقيادة العالم الإسلامي، إلى قطب إقليمي صاعد ذي هُوية حضارية محددة، يمارس دوراً عالمياً أصبح محل احتياج في الوساطات والتوازنات الدولية، وكان ذلك مميزاً بعد سنوات أُثقل خلالها دورها السياسي بفعل انخراطها في أزمات الإقليم وحرب اليمن. هذا التوجه العالمي يشيرُ إليه، بشكل خاص، حجم المؤتمرات والقمم الجماعية والثنائية التي استضافتها المملكة، وحجم الزيارات الرسمية والوفود، ونوعية الأفكار والمبادرات الجديدة التي أطلقتها السعودية، ما جعل من 2023م ذروة النشاط الدبلوماسي السعودي؛ وهو مسار يرجّح أن يستمر ويزداد في 2024م.
وبحسب التقرير، فإن ما مكّن المملكة من لعب هذا الدور هو تنامي الرضى عن الدور السعودي، ازدياد الطلب والمقبولية الإقليمية لهذا الدور الذي تعاملت معه المملكة بجهوزية سياسية ودبلوماسية وتقنية عالية، وتفاعلت معه بثقة كبيرة. ولعل ما ساعد المملكة على إحداث هذا الزخم السياسي، هو أنها مارست الانضباط على نفسها أوّلاً قبل الآخرين، وطبقت مبدأ (صفر مشكلات) فعلاً لا قولاً، حين سعت إلى تصفير مشكلاتها مع قطر والعراق وإيران، والحوثيين، وتركيا، وسورية. وإلى حدٍ كبير؛ سلط العام الماضي الضوء على القدرات الخاصة للمملكة، التي جعلتها محطة محورية، يرغب الكثيرون في القدوم إليها وقبول وساطتها والاستضافة لأجل إبرام اتفاقيات التسويات على أراضيها.
الشرق الأوسط.. أوروبا الجديدة
وفي ما يتعلق بالشرق الأوسط، تقدّم المملكة، عبر الأمير محمد بن سلمان، رؤية لشرق أوسط يسوده الاستقرار ويتنافس على التقدم والرخاء والازدهار، ولا تسيطر عليه الصراعات، وليس أسيراً لنزاعات أيديولوجية تُهدر مقدراته. شرق أوسط تسود علاقات السلام بين قواه الفاعلة، ويسهم فيه العرب بدورهم الطليعي التاريخي، وذلك ما عبَّر عنه الأمير في ختام القمة الصينية العربية في 9 ديسمبر 2022م، حين قال: نؤكد للعالم أجمع أن العرب سيسابقون على التقدّم والنهضة مرة أخرى.. وسوف نثبت ذلك كل يوم».
وهو نفس ما قاله ولي العهد خلال انعقاد النسخة الثانية لمنتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض قبل أكثر من خمس سنوات، في أكتوبر 2018م، حين أكد أن «منطقة الشرق الأوسط ستصبح أوروبا الجديدة»، ما يعكس الاستمرارية والاتساق في الرؤية السياسية لولي العهد.
وعلى الرغم من إدراك الأمير محمد بن سلمان أهمية تحقيق النهضة للمملكة العربية السعودية ونظرته للوضعية السياسية والتاريخية والاقتصادية والدينية الخاصة لبلاده في الإقليم، وأهمية تصدُّر المملكة وقيادتها النهضة والنمو، وعلى حد قوله إنه «لا يليق أن يكون هذا البلد العظيم إلا في موقع الصدارة في كل المجالات»، فإنه لا يرى ذلك إلا في إطار شرق أوسطي شامل ومستقر ينعم فيه الجميع بالاستقرار والرخاء، لذلك يقول في حواره مع (فوكس نيوز): «لنحقق أهدافنا في المملكة يجب أن تكون المنطقة مستقرة، ونتطلع إلى أن تنعم المنطقة ودولها كافة بالأمن والاستقرار لتتقدم اقتصاديّاً»، وهو نفس ما كان الأمير قد قاله سابقاً عام 2019م، حين قال: «لن يهدأ لنا بال حتى نحقق هذا الهدف لوطننا أولاً ثم لأشقائنا في المنطقة». وفق ذلك يرى الأمير محمد بن سلمان أن تقدُّم السعودية وصدارتها في المنطقة أمر حتمي، ويصل إيمانه بمستقبل الشرق الأوسط المزدهر -أوروبا الجديدة- إلى حد القناعة والعقيدة السياسية.
ولا تقتصر رؤية المملكة للشرق الأوسط على الجانبين السياسي والاقتصادي، كما لا تقتصر على مجرد الرؤى والطموحات، وإنما ترافقها خطوات عملية على الأرض، حتى تشمل مجال البيئة والمبادرات بشأن المناخ والتشجير. وكان ولي العهد أطلق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في عام 2021م؛ وهي التحالف الإقليمي الأول الذي يهدف إلى الحد من آثار تغيّر المناخ على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما انطلقت النسخة الثانية من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في 7 نوفمبر 2022م في مدينة شرم الشيخ، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (COP27).
وتبقى الدائرة الخليجية المركز الأول لنشاط الدبلوماسية والفكر الإستراتيجي السعودي، وهي مركز الرعاية الخاصة لولي العهد، ويبقى الهدف الأسمى للمملكة داخل هذه الدائرة هو العمل على الحفاظ على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وتضامنها وأمنها القومي وإبعادها عن الأزمات، ودفع أي تهديدات يمكن أن تطالها من العالم أو من الإقليم، وليس أدل على ذلك من حرص السعودية على وجود دول المجلس معها في كل خطوة دبلوماسية عالمية تخطوها، أو فضاء دبلوماسي جديد تتحرك نحوه، وذلك نهج المملكة المستمر؛ ففضلاً عن جذب السعودية معها دول المجلس في القمتين الخليجية- الأمريكية والخليجية- الصينية اللتين عُقدتا عام 2022م، فقد حرصت المملكة عام 2023م على وجود دول المجلس معها في التحركات الدبلوماسية الجديدة التي أحدثتها في سياستها الخارجية، على نحو ما حدث في القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى في يوليو الماضي، والقمة الخليجية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) في الرياض في أكتوبر. وفيما يتعلق بمواقف التضامن العملية للمملكة مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي، وكمثال واحد فقط، يمكن الإشارة إلى البيان شديد اللهجة الذي أصدرته الخارجية السعودية في 2 أغسطس 2023م تضامناً مع الكويت ضد الموقف الإيراني؛ حيث صدر البيان بعد مُضي خمسة أشهر على اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، برعاية صينية، ما يؤكد أولوية قضايا دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للمملكة، وأنها لا تتأثر في ذلك بأي مواقف أو حسابات سياسية متعلقة بأطراف أخرى، حينما يكون الحق مع دول المجلس.
رؤية تصالحية تكاملية
هذا الدور السعودي الطموح تجسَّد في مناحٍ عديدة، إذ استأنفت المملكة في 2023م، تقديم رؤيتها للعالم وللشرق الأوسط في إطاره. وسلَّط لقاء ولي العهد مع قناة (فوكس نيوز) الضوء على هذه الرؤية بجلاء، إذ يرى أن العالم بناء متسق ومتعاضد، لا ينبغي الإضرار بأيٍّ من أركانه وأعمدته، ولا يرى أن التحالفات أو التكتلات الدولية هي تكتلات متعادية بالضرورة، لذلك حين سُئل عن عضوية المملكة في (البريكس)، أكد أن مجموعة (بريكس) ليست ضد أمريكا، بدليل وجود حلفاء واشنطن داخلها، و«بريكس ليست تحالفاً سياسياً». وحين سُئِل عن الصين قال «لا أحد يريد أن يرى الصين ضعيفة، إن انهارت الصين فدول العالم أجمع معرضة للانهيار بما فيها أمريكا». وأكد التقرير الإستراتيجي للمعهد الدولي أن هذه الرؤية التصالُحية والتكاملية للنظام الدولي تنتصر لرؤية عالم يسوده السلام وليس الصراع؛ وهي رؤية تدعو الأقطاب المتصارعة في العالم لأن تتبصَّر في أهمية وجودها المشترك، وأن وجودها هو جزء أساسي لوجود الآخر، وأن فناءها يستبطن احتمالات الفناء للذات أيضاً. وفي ما يتعلق بالسياسة النفطية أكد أن «سياستنا البترولية يحكمها العرض والطلب، وملتزمون باستقرار أسواق النفط، وقرارات (أوبك+) لا تدعم طرفاً على حساب الآخر».
وترافق مع الرؤية التصالحية لولي العهد بشأن النظام الدولي توجُّهٌ سعوديّ للانفتاح بثقة على الشراكات الدولية الجديدة، والاستمرار في آلية تعزيز العلاقات عبر مجالس التنسيق الإستراتيجية، التي لن يكون آخرها إعلان المملكة والبرازيل خلال زيارة الرئيس لولا دي سيلفا إلى الرياض في أواخر أكتوبر، عن إنشاء (مجلس التنسيق السعودي البرازيلي)، وَفق ما تضمنه البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة الرئيس أواخر نوفمبر 2023.