فيما يتواصل القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة المدمّر، تتلاشى الآمال في إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وسط تفاقم الكارثة الإنسانية، بحسب ما أعلنت منظمات غير حكومية.
وخلال اجتماع في واشنطن، عبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لمسؤولَين إسرائيليين كبيرين عن«القلق العميق» الذي يساور الولايات المتحدة في أعقاب الغارات التي شنّها الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة في قطاع غزة وأوقعت خسائر كبيرة في الأرواح، بحسب المتحدث باسمه ماثيو ميلر.
واستؤنفت الجهود الدبلوماسية على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وأعلن قيادي كبير في حماس (الأحد)، وقف المفاوضات الجارية عبر الوسطاء، بسبب عدم جدية الاحتلال وسياسة المماطلة والتعطيل المستمرة وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل، بحسب تعبيره.
وحذر موقع «ميديا بارت» الفرنسي من أن الهدف الحقيقي لتصعيد الغارات على غزة هو تخريب المفاوضات. وتحدث عن سحابة الغبار والرمل الهائلة التي اندفعت فجأة إلى السماء الزرقاء، مصحوبة بصرخات الخوف، في مشهد من الخيام والملاجئ والناس الهاربين المرعوبين في كل اتجاه في خان يونس، وقالت إن الصواريخ الأربعة الأولى كانت مجرد البداية و«أقام بعدها الجيش الإسرائيلي حلقة من النار حول المنطقة».
ونقل الموقع عن شاهد على الهجوم، قوله «إن المكان الذي قصفته الطائرات كان قبل الحرب منطقة زراعية وهو اليوم يعج بالخيام، وقد احترق العديد منها أو دُفن تحت الرمال والركام نتيجة ارتطام الصاروخ، وأكد أن هذا المكان قد تم تعيينه منطقة إنسانية».
وبلغت حصيلة المذبحة التي استمرت طوال عطلة نهاية الأسبوع 90 قتيلا و300 جريح، إضافة إلى عدد من المفقودين مدفونين في الرمال والأنقاض، وتلتها غارات أدت إلى قتل 20 مصليا في مسجد بمخيم الشاطئ و16 شخصا شمال قطاع غزة، و17 شهيدا و70 جريحا في قصف مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وكشف مراقب مطلع على المفاوضات بأنها تدور في حلقة مفرغة، فالخلافات الحقيقية تتعلق بمسألة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وطبيعة وقف إطلاق النار.
وتريد حماس انسحابا كاملا ووقفا دائما لإطلاق النار، خشية أن تخسر كل شيء حين تعيد المحتجزين، فتستأنف إسرائيل هجماتها، في حين يرفض الإسرائيليون مصطلح الوقف الدائم، ويريدون بدلا منه مصطلح «بذل الجهد» من أجل الوقف الكامل والدائم لإطلاق النار.
وعلى مدى أكثر من أسبوع، تحدث رؤساء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن وجود فرصة فريدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس لكن نتنياهو -كما يقول المحلل عاموس هاريل في صحيفة هآرتس- يختار تشديد مواقفه العلنية في المفاوضات بطريقة من المرجح أن تخرجها عن مسارها.
من جانبها، اعتبرت منظمة أطباء بلا حدود أن الأحداث الأخيرة تفاقم الكارثة الإنسانية، منددة مع منظمات غير حكومية أخرى بعرقلة إسرائيل المنهجية للمساعدات وهجماتها على عمليات الإغاثة. وحذّرت 13 منظمة غير حكومية من تدهور وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مع تكثيف العمليات الإسرائيلية.