في خضم الاهتمام العالمي بحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، التي تقترب من نهاية عامها الأول، من دون أن تلوح في الأفق أية بوادر على وقف نزيف الدم الفلسطيني، الذي تتحمله حركة حماس بنزواتها غير المحسوبة، بدت الحرب في السودان التي دخلت شهرها الـ18 «منسية» وغائبة عن الأجندة الدولية، بعدما تصدرت المجازر والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في القطاع المنكوب، الشاشات العربية والغربية، وهيمنت على الزيارات المكوكية للدبلوماسيين والمسؤولين الدوليين.
ورغم محاولات التغييب للأزمة السودانية، وإبعادها عن جدول الأعمال العالمي والإقليمي، لعبت السعودية دوراً بارزاً في التصدي لهذا التجاهل للكارثة التي بلغت ذروتها بتفاقم الجوع وسقوط المزيد من القتلى، وتمسكت الرياض بتعزيز وتنسيق مبادرات وجهود السلام من خلال الشراكة الوثيقة مع الولايات المتحدة لاستضافة طرفي النزاع عبر محادثات (جدة 1، 2) والمشاركة في الاجتماعات الخارجية في هذا الشأن. وتؤكد المملكة دوماً حرصها على عودة الأمن والاستقرار إلى السودان، وحث أطرافه على تغليب الحكمة وضبط النفس، وإبداء المرونة والتجاوب مع المبادرات الإيجابية والإنسانية، والتوصل إلى حل، يبدأ بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
ومع دخول «حرب الجنرالين» عامها الثاني، يشتكي سودانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أن العالم بات يتجاهل مأساة بلادهم، وما يجري من فقر ومجاعة، وتدهور على كل المستويات، فضلاً عن مآسي النزوح في مخيمات اللاجئين، وأولئك الفارين من جحيم الحرب إلى الدول المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا ومصر. ويتساءل السودانيون: إلى متى يغيب المشهد السوداني عن أنظار العالم ؟
«الحرب المنسية»، دفعت المفوضية العليا للاجئين إلى القول: «بعيداً عن أعين العالم وعن عناوين الأخبار، يستمر الصراع في السودان بالتفاقم. وتتكشف فصول أزمة إنسانية تفوق التصور في مختلف أنحاء البلاد، بينما يدفع الصراع بعددٍ متزايد من الأشخاص إلى النزوح عن ديارهم إثر احتدام القتال».