Al_ARobai@
ليس الواقع ما تراه العين فقط، بل ما تؤمن وتتمسك به، وتعوّل عليه في مجابهة أعاصير المحو، وللمكان علاقة بالثقافة واللغة والإنسان، حتى أنه يمكن أن يتحول إلى نص تتدلى منه عناقيد البوح، ويتحرر به الجسد من سطوة الروح، وكما أن لكل مدينة سوقها، ولكل تجمع تجاري خصائصه ومزاياه، فإن سوق الخميس تسكن ذاكرة أهالي منطقة الباحة منذ ما يزيد على 90 عاما وإن تغير موعدها إلى يوم السبت بحكم تعديل يومي الإجازة.
وتحتل مساحة عامرة برائحة الكادي والبعيثران، كما أن سمع القرويين المبكرين إلى موقع السوق وسط مدينة الباحة العتيقة يصغي لأصوات باعة يلهجون بالمفردات الشعبية المموسقة بالسجع والمنفتحة على تأويلات شتى، ويفتنون المارة من جنسيات عدة بندرة بضائعهم المعروضة في مساحة صغيرة تحمل معاني كبرى.
إذ لا تزال تسكن وجدان كبار السن ممن ارتبطوا بالسوق لا كموضع للمزايدة والكسب المادي بقدر ما هي موعد للقاء إنسان بإنسان.
تغير موعد السوق من الخميس إلى السبت وكأنها تقول: لن أُفرّط في سحنتي، ولم أنس ملامح عشاقي، ولا أتخلى عن واجبي في توفير ما يرمم الذاكرة ويحد من تسلط النسيان، ففي سوق الخميس كل سبت يحمل المزارعون ما جادت به الأرض وما روته حانة الغيم.
فيما الحرفيون يتسابقون في عرض آخر نتاجهم اليدوي من أدوات الزرع والحرث والطبيخ والدفاع عن النفس، وللعسل والسمن البلديين ركنهما، يصطف عدد من السيدات المؤتمنات على الكفوف والأنوف يقدمن الحناء والكادي والبعيثران والريحان بأثمان معقولة، إذ لا يتجاوز سعر عذق الكادي التهامي هذه الأيام 40 ريالا.
ويؤكد المتسوق محمد سعيد الغامدي أن لصبح السبت طقوسا لا يمكن لمعظم المواطنين والزوار في منطقة الباحة إخلافها أو الإخلال بها، بدءا من تناول الإفطار في مطعم خلوفة للفول باعتباره الأشهر بين فوالين عدة تزخر بهم السوق، مرورا بسوق الطيور لابتياع ما يلزم من دجاج وحمام وطيور برية وحيوانات نادرة، وانتظاما أمام باعة العسل والسمن البلدي، وليس انتهاء بشراء الريحان والكادي. مشيرا إلى أن السوق محكومة بأخلاقيات العرف، إذ لا يتجاوز ولا يتطاول أحد على آخر، فالكل يحرص على جذب الزبائن وتحقيق مردود مادي جيد ليعود إلى منزله قبل اشتداد الهاجرة.
ليس الواقع ما تراه العين فقط، بل ما تؤمن وتتمسك به، وتعوّل عليه في مجابهة أعاصير المحو، وللمكان علاقة بالثقافة واللغة والإنسان، حتى أنه يمكن أن يتحول إلى نص تتدلى منه عناقيد البوح، ويتحرر به الجسد من سطوة الروح، وكما أن لكل مدينة سوقها، ولكل تجمع تجاري خصائصه ومزاياه، فإن سوق الخميس تسكن ذاكرة أهالي منطقة الباحة منذ ما يزيد على 90 عاما وإن تغير موعدها إلى يوم السبت بحكم تعديل يومي الإجازة.
وتحتل مساحة عامرة برائحة الكادي والبعيثران، كما أن سمع القرويين المبكرين إلى موقع السوق وسط مدينة الباحة العتيقة يصغي لأصوات باعة يلهجون بالمفردات الشعبية المموسقة بالسجع والمنفتحة على تأويلات شتى، ويفتنون المارة من جنسيات عدة بندرة بضائعهم المعروضة في مساحة صغيرة تحمل معاني كبرى.
إذ لا تزال تسكن وجدان كبار السن ممن ارتبطوا بالسوق لا كموضع للمزايدة والكسب المادي بقدر ما هي موعد للقاء إنسان بإنسان.
تغير موعد السوق من الخميس إلى السبت وكأنها تقول: لن أُفرّط في سحنتي، ولم أنس ملامح عشاقي، ولا أتخلى عن واجبي في توفير ما يرمم الذاكرة ويحد من تسلط النسيان، ففي سوق الخميس كل سبت يحمل المزارعون ما جادت به الأرض وما روته حانة الغيم.
فيما الحرفيون يتسابقون في عرض آخر نتاجهم اليدوي من أدوات الزرع والحرث والطبيخ والدفاع عن النفس، وللعسل والسمن البلديين ركنهما، يصطف عدد من السيدات المؤتمنات على الكفوف والأنوف يقدمن الحناء والكادي والبعيثران والريحان بأثمان معقولة، إذ لا يتجاوز سعر عذق الكادي التهامي هذه الأيام 40 ريالا.
ويؤكد المتسوق محمد سعيد الغامدي أن لصبح السبت طقوسا لا يمكن لمعظم المواطنين والزوار في منطقة الباحة إخلافها أو الإخلال بها، بدءا من تناول الإفطار في مطعم خلوفة للفول باعتباره الأشهر بين فوالين عدة تزخر بهم السوق، مرورا بسوق الطيور لابتياع ما يلزم من دجاج وحمام وطيور برية وحيوانات نادرة، وانتظاما أمام باعة العسل والسمن البلدي، وليس انتهاء بشراء الريحان والكادي. مشيرا إلى أن السوق محكومة بأخلاقيات العرف، إذ لا يتجاوز ولا يتطاول أحد على آخر، فالكل يحرص على جذب الزبائن وتحقيق مردود مادي جيد ليعود إلى منزله قبل اشتداد الهاجرة.