تحية فرغلي تطمح لاستكمال الدراسات العليا. (عكاظ)
قهرت الستينية تحية فرغلي العمى الذي أصابها 3 مرات، وتمكنت من الحصول على شهادة البكالوريوس من جامعة طيبة كطالبة منتظمة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف في تخصص تربية خاصة، لتسطر مسيرة كفاح وصمود مليئة بالتحديات والإنجازات.
وتروي تحية فرغلي -أم نرجس- المولودة سنة 1377هـ بالمدينة المنورة قصتها وتقول إنها أصيبت بالعمى 3 مرات، الأولى كانت في الصف الرابع الابتدائي، عندما استيقظت من النوم لتجد أنها فقدت بصرها؛ لكنها لم تفقد بصيرتها ولم تفتر عزيمتها، فبعد فترة من العلاج رجع إليها بصرها باستخدام النظارة الطبية.
وتذكر أم نرجس أنها تزوجت أثناء دراستها وأنجبت ابنتها الأولى، وبعدها بأشهر اصطدم رأسها بقوة في جدار، فنصحها الأطباء بالتوقف عن القراءة والتعلم للحفاظ على ما تبقى من نظرها بعدما تأثرت الشبكية بشكل كبير، وبالفعل توقفت عن التعليم وهي في الأول المتوسط.
وفي عام 1402هـ أتاها نبأ وفاة زوجها -رحمه الله- وكان لذلك الحزن الذي ألمَّ بها الأثر الكبير فابيضَّت عيناها من الحزن، وتلقت العزاء فيه وهي فاقدة للبصر بنفس مؤمنة ملؤها السكينة والرضا بقضاء الله وقدره. بعد ذلك حصلت على مكرمة من القيادة الرشيدة بالعلاج في أسكتلندا بهدف إعادة الإبصار لمسافة متر واحد؛ ولكن العملية لم تنجح، واستمر هذا الحال إلى أن كتب الله لها عودة النظر بعد 6 أشهر.
وأصيبت أم نرجس في عام 1418هـ بارتفاع في ضغط العين أثر على العصب البصري، وأدت محاولات إنقاذه إلى موته وفقد النظر نهائيا في 1420هـ. وتضيف: خلال تلك الفترة ومنذ تركها لمقاعد الدراسة لم يكن للإحباط سبيل إلى كسر نفسها وكبح عزيمتها وطموحها؛ إذ كانت تعكف على تثقيف نفسها من خلال الاستماع إلى البرامج الإذاعية في الراديو وبما يُقرأ عليها من صحف ومجلات، فلم ترضخ للمعوقات وأصرَّت على خلق الظروف التي تلبي شغفها المعرفي.
وبعد 36 عاما من الانقطاع عن الدراسة عادت أم نرجس مجددا في سن 52 عاما إلى مقاعد الدراسة بمعهد النور بالمدينة المنورة، حيث بدأت أولاً كمستمعة قبل أن تصدر توجيهات من ولاة الأمر بقبولها في المعهد كطالبة منتظمة، لتثبت أن العجز وهم يعزي به المحبطون أنفسهم. فحصلت على الابتدائية بطريقة (برايل) عام 1430هـ وهي في الثالثة والخمسين من عمرها. وحصلت على الشهادة المتوسطة عام 1433هـ بنسبة 99% ثم على الشهادة الثانوية عام 1436هـ بنسبة 97% وفي هذا العام 1440هـ أتمَّت المرحلة الجامعية كطالبة منتظمة بامتياز مع مرتبة الشرف في تخصص تربية خاصة مسار عقلي.
وتشيد تحية فرغلي بالدور الكبير والدعم اللامحدود الذي قدمته لها جمعية المكفوفين الخيرية (رؤية بالمدينة المنورة)، وتتطلع تحية لإكمال مسيرتها التعليمية والسعي للحصول على الماجستير والدكتوراه.