‏إبراهيم زولي
‏إبراهيم زولي
-A +A
‏إبراهيم زولي
قبل نحو خمس سنوات تقريباً، غيَّب الموت فناناً من جازان، اسمه، أحمد محَّة، من مواليد قرية الحمى، رحل هذا الفنان دون ضجيج إعلامي، ودون تأبينات صحفية وهاشتاقات. استمعت لأغنياته، أنا وعدد كبير من أبناء جيلي، قبل ظهور ما يسمَّى بالصحوة، أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، كان واحداً من كوكبة فنية في منطقة جازان آنذاك، من أمثال محمد جيلان، والحكومي، وعلي صبياني، وجبران مكحل، وطلال جبلي، والدويري. هؤلاء، وسواهم كانت أغنياتهم، وألحانهم يتداولها الجميع في تلك الفترة، وكانت تباع أشرطتهم في الأسواق الأسبوعية، حيث كانت أصواتهم في كل بيت تقريباً، وكان الفن سلوة الناس الوحيدة. أتمنى على جمعية الثقافة والفنون في جازان، أن تكرم هذه الأسماء، ولو بعد موتها «جرياً على عادتنا العربية» أن تكرِّمها بأي طريقة شاءت، فذلك في اعتقادي جزء أصيل من دور الجمعية، وقبل هذا وذاك هو حقهم علينا.

وداعاً أحمد محَّة، ولا عزاء «بكل أسف» للفنانين المنسيين في حياتهم، وعقب مماتهم.


إننا نعتذر منك أيها الفنان الراحل، الفنان الذي أخلص لألحانه وفنه في زمن كان مسمى «فنان» يستحي منه الكثير، لا سيما في المجتمعات التقليدية، والكثير المتشدد كان يطارده بالتهم الجاهزة، ويتعقبه بكل أنواع الوعيد والترهيب.

نعتذر منك، لأنك لم تشهد ما تعيشه بلادنا هذه الأيام من احتفاء بالفن وأهله، بلادنا التي باتت تكرِّم الفنانين، وتخلِّد أسماءهم على مسارحها الوطنية.

نعتذر منك ومن كلِّ الذين رحلوا بصمت، ولم يجدوا ما يليق بهم وبتجاربهم الغنائية، تجاربهم التي حملوا مشعلها في الهوامش، حملوها في القرى البعيدة، والضواحي النائية.