عمرو العامري
عمرو العامري
-A +A
إلى صديقي المتقاعد: أعتذر منك جداً لأنك لم تمت في الوقت المناسب، وأعني بالوقت المناسب ثاني أيام التقاعد وربما بعده بقليل، ولكن ليس كثيراً فصلاحيتك انتهت ثم وإنهم يطلقون النار على الجياد.

مفردة «التقاعد» بغيضة ودخيلة وفي مجتمعاتنا ولم نكن نعرفها والكل يعمل حتى يختاره الله إلى جواره، الكل يعمل في الحقل، في الرعي في الصيد وفي مهنته ولا يتقاعد، حتى إن كبر أو عجز يظل وبحكم سنه يتصدر مجلس القبيلة أو الحي وصاحب الرأي والحكمة، وحتى السيدات أيضاً يرعين الأبناء والأحفاد ويبقين للأسر صمام الأمان ولا يتقاعدن.


الحال اختلف سيدي المتقاعد الآن ومع تقاعدك ستستمع إلى مديح وثناء وربما تقال فيك قصائد على شاكلة أنك أفنيت عمرك في خدمة الوطن، وأن الوطن بحاجة إلى خبراتك الكبيرة وستحصل على خطابات شكر ودرع «تقاطوا» فيه الزملاء وربما «تقاطوا» في وجبة عشاء وداعية.

ولتعلم سيدي المتقاعد أن ذلك آخر عهدك بالتقدير والسلام عليك وربما لا يفعل ذلك البعض وقد عرف أنك داخل نفق النسيان والمجتمع دفان.

وأعتذر منك جداً سيدي المتقاعد لأنك لم تمت ونازعت الآخرين حياتهم في حين أنك متقاعد وتوقف عندك كل شيء.

مثلاً راتبك التقاعدي القليل سيتوقف وسيكتسب مزية الخلود، وسواء ارتفعت قيمة الريال الشرائية او انخفضت، زاد التضخم أو توقف، زادت فاتورتك العلاجية أو مت، كل ذلك لن يهز خلود راتبك التقاعدي، وسيظل تماماً كما هو وحتى بدل غلاء المعيشة ستستحق منه فقط النصف باعتبارك متقاعداً تأخر كثيراً عن المغادرة.