وليد كاملي
وليد كاملي
-A +A
وليد كاملي
في مرحلة عمرية ما؛ كتبت عن نفسي قصة قصيرة اسميتها «اغتيال» ظننت لوهلة ما أنني سأكون بطلها الفذ، لكنني لم أستطع إلا أن أنقاد لحقيقة ما كنت أكتب وواقع ما قادني للكتابة في الأساس، فوجدتني أكتب عن بطلها بفرحة عارمة رغم تراكمات اليقين التي كنت أحملها تجاهه والتي اختزلتها في عنوان القصة «اغتيال»، حيث الشعور الدائم بأنه استطاع أن يغتال بعضاً من مراحلي العمرية. نعم اغتالها بسحر لغته وجمال منطقه الذي لم يشعرني يوماً أنني أقتعد مقاعد الدراسة المتوسطة لا لشيء ولكن لأنه كان يحملنا لأبعد من ذلك بكثير حيث كان يطوف بنا أرجاء الكون تاركاً على شفاهنا أكواماً من الأسئلة التي لم ندرك معانيها وفوائدها إلا بعد أن كبرنا وحددنا مساراتنا التعليمية في الجامعة آنذاك.

كبرت وقررت أن أدرس الإعلام في جامعة الملك سعود يومها حيث الرياض المدينة التي سمعت عنها منه، حين كان يتحدث عن المدن والأسفلت والرخام، ودخلت الجامعة فتذكرت أن كل الأسماء المعروفة فيها ليست غريبة عني، لأنني أيضاً سمعتها منه حين كان يحدثنا عن النقد والأدب، حتى أسماء الكتب لم تكن غريبة بالنسبة لي لأنني أيضاً وحين كنت في مقاعد التعليم المتوسط سمعت منه كل أسماء الكتب التي يجب على كل مهتم وشغوف بالمعرفة أن يطلع عليها.


وحتى بعد كل ذلك وأخيراً في احتفائية جمعية الثقافة والفنون بمجموعتي القصصية الأولى حضر بجواري متقداً بالحب والوفاء والنبل وكل السمات التي لا تفارق معلمي الأول ورسول مهنته الصادق معها الشاعر إبراهيم زولي الذي كلما تذكرت اغتياله لي في تلك المرحلة، حمدت له ذلك الاغتيال وشكرته، ثم قلتُ لنفسي: لولاه لما كنت الآن هنا أكتب في معاقل الإبداع عنه، وهذا أقل واجب أقدمه له.