35
35
-A +A
فهد بن جابر
صديقي العزيز وحبيبي.. في الماضي كان الحديث المباشر وجهاً لوجه، هو وسيلة التواصل الوحيدة، ثم استُعملت الكتابة، التي حَرَمت جزءاً من المعنى الوصول. واستخدم التسجيل الصوتي بعد ذلك ليقوم بنقل جزء من الإحساس المفقود على صدر تلك الأوراق البيضاء، واستمرت عملية تطور تلك الوسائل والوسائط إلى أن وصلت إلى ما نحن عليه، ورغم ذلك فهي ليست كالاتصال الأول.

يوجد ما يستعان به في الكتابة، مثل (الوجوه التعبيرية) إمكانية إضافة صورة، ملصق، وغير ذلك، وفي نفس الوقت تم توفير خدمات مثل معرفة كون الشخص متصلاً بالشبكة، تأكيد وصول الرسالة، وتوقيت وصولها، وتحديد لحظة فتحها. هذه خدمات تساعدنا على رؤية جزء من الحقيقة، وليست دليل إدانة. فربما تضيع الرسالة بين الكم الهائل من الرسائل، قد تكون فتحت عن طريق الخطأ، أو بهدف إعادة مراجعتها أو أو.....


قد يكون الحرف الذي ضغطتْ عليه أصبعي حرفاً خاطئاً، قد أكون أعاني من مشكلة في النظر بسبب إجراء عملية جراحية لكلتا عيني، أو غير ذلك من الأسباب. قد أكون لا أرى تلك الوجوه التعبيرية بالشكل الصحيح. بل قد أفهم معنى ذلك الوجه بغير ما تفهمه أنت. عشتُ في ثقافة مختلفة عن ثقافتك، فما تراه خطأً قد أراه صواباً أو العكس، أو غير ذلك. إننا في زمن تعددت فيه الالتزامات، وتكاثفت فيه الهموم، وتسارعت فيه الأوقات، وتداخلت فيه وسائط التواصل الاجتماعي، وكل تلك المستحدثات جعلت من التواصل عملية معقدة جداً. لذلك إذا رأيت مني ما يضايقك -ولأجل بقاء المودة- أرجوك سامحني، فأنا أفعل ذلك معك دائماً. أرجوك أن تمحو كل مراسلاتي التي تضايقك، حتى لا تتمكن من الرجوع لها يوماً ما، وأعدك بأني سأفعل ذلك، كعادتي.