-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول)
عادة الرئيس التركي أردوغان أن يلعب عـ«المضمون» وقبل أن يصدح صوته يجس النبض الإقليمي والدولي، وقد كانت تصريحاته القاسية ضد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي محل تساؤل ما هو مصدر قوة تركيا في العراق وفي الموصل على وجه التحديد لاسيما وأن النزاع على أرض عراقية! صحيح أن مثل هذا التحدي التركي للحكومة العراقية يبرره هشاشة الحكم وانصياعه لحكم الميليشيات وإيران، إلا أن هذا وحده لا يسهل قراءة الموقف التركي المتعالي ضد العبادي.

إذن ما هي سبب ثقة أردوغان.


؟ بعد الملاسنة الأخيرة عبر المنابر بين العبادي وأردوغان بساعات فقط، قالت الخارجية الأمريكية إن أية مشاركة تركية من خلال القوات التركية المتمركزة في بعشيقة «العراقية» يجب أن تكون تحت مظلة التحالف وبتوافق إقليمي وعراقي، وقد تم تفسير هذا التصريح على أنه موافقة ضمنية أمريكية لمشاركة القوات التركية مادامت النتيجة هزيمة داعش.

لاسيما وأنها لم تعلن الرفض بشكل علني، في ظل هذا التوتر العراقي التركي، بدا لافتا أن المعني الأول بالأمر مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق تجنب الدخول في الاشتباك الإعلامي بين العبادي وأردوغان، ذلك أن تركيا تعتبر البرزاني الكرت الرابح في معادلة الصراع على الموصل.

برزاني في الوقت ذاته من أكثر المستفيدين من المشاركة التركية في معركة الموصل وهذا أحد أسرار «الصولة» التركية في الموصل، فانتشار حزب العمال الكردستاني جنوب غربي جبل سنجار مصدر قلق لقوات البيشمركة التي تنتشر بشكل ضئيل على هذا الجبل.

وهنا تتقاطع مصلحة أردوغان وبرزاني في تحجيم قوة حزب العمال في محيط الموصل، وتتجاوز هواجس أردوغان هذا الحد، كون وجود «الكردستاني» على منطقة ممتدة من جبل سنجار إلى عين العرب «كوباني» يعمق من سيطرة الأكراد في سورية والعراق الأمر الذي تعتبره تركيا خطا أحمر.

وهنا تكمن كل مخاوف تركيا وتدفع بكل قوتها لتكون رقما صعبا في الموصل.

ومن هنا ترى تركيا أن مشاركتها في الموصل في صلب أمنها القومي، وتقاطعت مصلحتها مع برزاني وغض الطرف الأمريكي، وقد أحسن أردوغان استخدام الورقة العرقية، حين قال إن ماجرى في الفلوجة لن نسمح بتكراره في الموصل بسبب ممارسات الحشد الشعبي، لكن غطاء أردوغان في مشاركة قواته يتجاوز البعد الطائفي إلى مصالح أكثر عمقا، وحزب العمال الكردستاني في عمق كل خطوة تركية في الموصل.

وبعد أن نجحت القوات التركية في طرد داعش من جرابلس السورية وأخيرا دابق، باتت أكثر ثقة ومصداقية في مواجهة الإرهاب وتحمل شهادة حسن سلوك في مقارعة التنظيمات الإرهابية.