-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول)
إثارة مسألة التدخل التركي في الموصل قديمة، لكنها أثيرت اليوم كون المعركة تقترب من الحسم ولا تريد القوى الإقليمية، خصوصا العراق وإيران، منح تركيا فرصة الانتصار على تنظيم «داعش»، لذلك يلوح رئيس الحكومة العراقية العبادي بحرب إقليمية.

أما إيران فتسخر ميليشيات الحشد الشعبي لممارسة كل أنواع القتل الطائفي بغية تخويف الأتراك من مغبة التدخل في الموصل.. فهل ينثني أردوغان أمام الابتزازات الطائفية. منذ 11 شهرا وحتى الآن والجيش التركي يضرب مقار «داعش» في الموصل وحينها لم تعترض الحكومة العراقية على الدور التركي، باعتباره كان من بعد ويضعف «داعش» لكن الآن ومع بداية الحركة المتزامنة على الأرض ارتفعت أصوات العراقيين المناوئة للوجود التركي.


وخلال الأشهر الـ11 الماضية، دمر الجيش التركي 555 مبنى تابعا للتنظيم وأعطب 106 عربات و34 منصة صواريخ كاتيوشا وخمسة مدافع وراجمة صواريخ و11 دوشكا، هذا الحجم الهائل من الخسائر التي ألحقها الجيش التركي بـ«داعش» لم تكن محل اعتراض من قبل، ولعل ابتزازية الحكومة العراقية هي من دفعت الرئيس التركي أردوغان إلى رفع نبرة صوته وسقفه في التدخل، ذلك أن بغداد تريد تدخلا على مقاسات إيران والحشد وليست على مقاسات المصلحة العراقية، ذلك أن القوات الأمريكية والفرنسية والإيرانية والبريطانية لا تشكل حساسية عراقية بقدر ما تشكل حساسية من الجانب التركي.. وليس سرا القول إن دولة مثقوبة مثل العراق آخر من يتحدث عن حساسية التدخل.

ثمة مرجعية تاريخية وقانونية في التدخل التركي في الموصل على وجه التحديد، وهي أن اتفاق أنقرة 1926 مازال قائما بين أنقرة وبغداد، وبموجب هذا الاتفاق الذي أشرفت على بنوده بريطانيا فإنه يحق للجانب التركي التدخل في الموصل لحماية الأقلية التركمانية مع الحفاظ على وحدة وسلامة العراق وكذلك في حال تأثير ما يجري في الموصل على الأمن القومي التركي، وليس هناك أكبر من خطر انتشار «داعش» عقب معركة الموصل على الأراضي التركية، فلماذا ترفض بغداد مشاركة القوات التركية؟! بغض النظر عن شرعية التدخل التركي في الموصل، إلا أن «باكورة» التبرير السيادية التي يتحدث عنها العبادي غير مكتملة العناصر بوجود ميليشيات إيران على أبواب الموصل بقيادة قاسم سليماني.

تكشف لنا نبرة أردوغان بقوله: سنشارك في معركة الموصل شاؤوا أم أبوا أن القرار التركي من عيار «نكون أو لا نكون»، فمسألة الموصل لم تعد حكرا على العراق ولا بد لكل دولة أن تأمن شر هذا الوعاء بما لا يخدش السيادة الحقيقية وليست المنقوضة.. لقد أصبحت مسألة الوجود التركي بالنسبة لقيادة الجيش مسألة «نكون أو لا نكون».