-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول)
عندما بدأت معركة الفلوجة في مايو الماضي حاول تنظيم «داعش» أن يحول مسار المعركة إلى قتال على الأطراف واستغل انشغال القوات العراقية بتطويق المدينة، ليهاجم عامرية الفلوجة، القريبة منها ويقتحمها من الجهة الجنوبية، ورغم محاولات التنظيم حرف مسار المعركة إلا أن النهاية كانت ذوبان التنظيم في الفلوجة وتحريرها بالكامل.

وعندما دحرت فصائل الجيش الحر في دابق السورية التنظيم بدعم الجيش التركي، حاول التنظيم التقليل من أهمية معركة دابق وزعم في مجلته الدورية «النبأ» أن ما جرى في دابق معركة صغرى بانتظار المعركة الكبرى في دابق.


واليوم، حين ضاق الخناق على التنظيم في الموصل، حاول نقل المعركة إلى قضاء الرطبة مهاجما من ثلاثة محاور وتبعها بهجوم على سنجار وكركوك. لم تؤثر على إستراتيجية التحالف، بل كشفت حالة الأزمة التي يعيشها التنظيم.

وللمرة الأولى يعمد التنظيم إلى تحليل معركة الموصل في نشراته الإعلامية في مجلة «النبأ»، الأمر الذي يفعله من قبل في سورية أو العراق. وقد مهد التنظيم في تحليله لمعركة الموصل للهزيمة، بالقول «إن وقعت الهزيمة في معركة الموصل فهذا لا يعني نهاية القتال».

إن الهدف من هذه الهجمات هو خلق انتصارات وهمية يرفع من خلالها معنويات التنظيم بعد حالات الفرار المتكررة في الموصل، وبالفعل في الوقت الذي يتقدم فيه الجيش العراقي وتم تحرير 30 قرية من الموصل وتحرير بعشيقة وتنسيق هجمات التحالف، يحاول التنظيم الاحتفال بداخل الموصل، فيما يفرض حالة من العزلة على نحو أكثر من مليون ونصف المليون شخص في السجن الحديدي بقلب الموصل. يحاول «داعش» من خلال هذه التكتيكات القتالية المفضوحة، تأجيل نهايته المحتومة -كما حدث في الفلوجة والأنبار- والحفاظ على مستواه القتالي، قبل أن يوجه التحالف الدولي الضربة القاصمة المباغتة، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة وخصوصا في الموصل التدفق الإعلامي للتنظيم بنشره «حفلات» الإعدام التي عادة ما يعتمد عليها في تصدير الخوف وتحقيق التوازن المعنوي لمقاتليه، ويتوقع في الفترة القادمة أن يوسع التنظيم دائرة الهجمات وتحقيق عنصر المفاجأة من خلال مفخخات غير متوقعة إلا أن كل هذه المحاولات لن تغير من حتمية الموت لهذا التنظيم، إذ يمكن تسمية هذا السلوك بالمنازعة الأخيرة أو سكرة الموت.