-A +A
زياد عيتاني (بيروت)
انتهى الفراغ وبات للبنان رئيس للجمهورية هو عون. لغط كبير رافق عملية الانتخاب وسبقها، أن لجهة المبادرة التي أطلقها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري والتي مهدت الطريق للعون إلى قصر الرئاسة في بعبدا أو لجهة التموضع السياسي الجديد الذي ستشهده الساحة اللبنانية بعد الانتخاب وبخاصة لجهة موقع رئيس البرلمان نبيه بري الذي لوح جهارا بالمعارضة الشرسة للعهد الجديد.

كثيرون تحدثوا عن موقف الحريري ودعمه لعون وذهب البعض لتصوير الأمر على أنه انتحار سياسي للحريري فيما البعض الآخر تحدث عن هزيمة مقنعة لحزب الله في انتخاب عون رغم تأييده له علنا، على خلفية كل ذلك ماذا حصل وسيحصل بعدما انتخب عون رئيسا للبنان؟. الحريري المعني الرئيسي بتسهيل هذا الانتخاب سارع للقول: «لقد انتصر الطائف وسقط مرشح حزب الله وهو الفراغ..».


وفي التأمل الهادئ لمجريات الأمور وللتسوية التي صيغت بين الحريري وعون فإن ثلاثة عناوين حملتها هذه التسوية، أولا الحفاظ على الطائف، ثانيا الحفاظ على الطائف وثالثا أيضا وأيضاً الحفاظ على الطائف.

تسوية الرئاسة صيغت بإحكام ليس لإيجاد حل للأزمة اللبنانية والكل يدرك أن لا حل جزئي لملف في المنطقة دون الحل الشامل لكل الأزمات والزمن الحالي ليس زمن الحل، بل جاءت التسوية لتحد من عمر الأزمة اللبنانية مقابل منع سقوط لبنان كدولة ومؤسسات.

مع انتخاب عون كما هو متوقع تتحول الأزمة اللبنانية من أزمة نظام إلى أزمة حكم. فحزب الله وحلفاؤه ومن خلفهم إيران كانوا يسعون إلى قلب النظام عبر إسقاط الطائف كدستور والدخول إلى دستور جديد من بوابة المؤتمر التأسيسي وبالتالي صناعة لبنان جديد، وفقا للمواصفات الإيرانية.

انتخاب عون رئيسا جاء ليوقظ الحالمين من وسط أحلامهم وليقول أحلام العصافير لا تصنع وطنا.

الحريري يدرك أن تشكيله للحكومة الأولى في العهد الجديد سيكون دون أزمات ومشكلات وربما هذه الحكومة تحتاج لأشهر كي تشكل كما بشر رئيس البرلمان نبيه بري، لكن الحريري يدرك أنه بانتخاب عون قد نقل الصراع حول شكل الحكومة وليس حول شكل النظام، لقد ألزم حزب الله وحلفاءه بالعودة إلى الزواريب الضيقة في السياسة اللبنانية المحكومة بقواعد اتفاق الطائف.

ازمة حكم لا أزمة نظام، هذا هو عنوان المرحلة الأولى من عهد عون ولبنان اعتاد هكذا أزمات من حكومة السنيورة الأولى إلى حكومة سلام الأولى، لكن الثابت وحتى ست سنوات قادمة أن الطائف لن يمس كدستور توافق عليه اللبنانيون. ألم يقل في حينه الراحل الرئيس رفيق الحريري «لقد توقف العد..!».