-A +A
«عكاظ» (بغداد)
هل تكون العراق وسورية ساحة الرئيس ترمب لتصفية الحسابات مع إيران؟ أم أنه سيلجأ إلى المحافل الدولية والدول الأوروبية لتضييق الخناق على ملالى قم؟ وكيف سيواجه جغرافيا "الهلال الشيعي" الذي بدأت إيران برسمه في الشرق الأوسط؟ وماذا سيفعل لتحييد روسيا وتفكيك تحالفها مع العراق وسورية وإيران؟.

أسئلة كثيرة يتم طرحها في المنطقة والإقليم بعد أن استحوذت قضايا الشرق الأوسط وإيران على مواقف ترمب الخارجية، سواء لناحية وصفه للاتفاق النووي مع طهران بـ"المشين" وأنه سيسعى لتمزيقه، أم لناحية الهجوم على إيران التي اعتبرها دولة إرهابية، تسعى لتقويض الأمن الإقليمي، وركز على دعم طهران لإنشاء وتدريب الشبكات الإرهابية في العراق وسورية ولبنان واليمن، متوعدا بمواجهة هذه الشبكات، وفي مقدمتها "حزب الله" الإرهابي، مطالبا بتجميد أرصدة طهران المالية لكبح جماحها وتغولها في الإقليم، وبلغت حدة تصريحات ترمب حدود مواجهة إيران عسكريا.


لا شك بأن وصول ترمب إلى سدة الحكم -حسب الرؤية الإيرانية- يأتي في ظل مناخ أمريكي ودولي يميل إلى اليمين المتشدد، الأمر الذي يعني تعزيز اليمين المتطرف على حساب اليسار المعتدل في أوروبا، وهو ما سيؤدي أيضا إلى بروز أصوات مطالبة بالتشدد تجاه طهران، ما يعني انهيار جبهة الاعتدال المهادنة لها بشكل كامل، ولا تخفي بعض التحليلات الإيرانية خشيتها من التقارب الأمريكي الروسي الذي سيكون على حساب العلاقات بين موسكو وطهران، وتلميح إيران إلى ضرورة بناء إستراتيجيات جديدة لتحالفات بديلة مع الاتحاد الأوروبي، مستغلين تصريحات ترمب النارية ضد أوروبا.

تحاول طهران اللعب بورقة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومحاولة الترويج لفكرة مفادها أن خروجها من الاتحاد يعني انسحابها نحو الإدارة الأمريكية الجديدة، وأن من شأن ذلك أن يكون على حساب الحلفاء إذ تروج طهران إلى حاجة الاتحاد الأوروبي إلى حليف إقليمي قوي في ظل تقارب تركي مفترض مع أمريكا، وهذا ما ظهر من خلال خطاب ترمب الذي أشاد بالدور التركي.

ولا تقتصر الخشية على إيران من سياسة ترمب على العلاقات الثنائيّة وحسب بل برزت من موقف الأخير من القضايا الساخنة كالحرب على الإرهاب، واعتباره دولة إرهابية، إلى جانب عدم الوضوح إزاء الأزمة السورية والعراقية و«حزب الله»، واعتبار كل ذلك يشكل تهديدا للسياسة الإيرانية ولأمن إيران القومي.

باختصار، إيران مرتعدة من وصول ترمب الى سدة الحكم، لأن معنى ذلك ببساطة انتكاسة اللوبي الإيراني في إدارة الرئيس المنتهية ولايته أوباما. وتدرك طهران تماما التصاق الجمهوريين بالحروب وبسياسة المجابهة الانتقائية، وهو الأمر الذي سيعيد تصنيف إيران كدولة ليست إرهابية فقط، بل راعية ومصدرة للإرهاب وهو ما يتطلب قرارات وسياسات أمريكية جديدة في المنطقة.

يبقى مهما أن ترمب سيجابه الهلال الشيعي التي احتلت إيران له جغرافيا عربية في العراق وسورية ولبنان، وبذلك يكون قد ضرب العصب الحيوي الذي تصدر منه إيران الإرهاب، عبر ميليشيات الحشد وعصائب أهل الحق الشيعية أو الباسيج الإيراني أو ميليشيات "حزب الله" الإرهابي.