Abdullah Ghadawi@
في مطلع الثمانينات زار رئيس البرلمان الإيراني - آنذاك- علي أكبر هاشمي رفسنجاني سورية في بداية التنسيق المشترك؛ وبينما كان الرجل يأخد قسطا من الراحة في مقر استضافته في دمشق، لفت انتباهه مقدمة أخبار الثامنة والنصف على التلفزيون السوري وهي تلقي النشرة من دون حجاب. كان ذلك صدمة لرفسنجاني الذي يزور دمشق للمرة الأولى بعد «الثورة الخمينية». وفي أول لقاء مع وزير الخارجية السوري آنذاك عبدالحليم خدام لم يخف رفسنجاني اندهاشه قائلا: لماذا تظهر المرأة على التلفزيون من دون حجاب، متناسيا ابن «قم» الفوارق الثقافية واختلاف نظم الحكم بين الحليفين!؟
هذه الرواية منقولة عن الكاتب البريطاني الراحل باتريك سيل في كتابه الشهير حافظ الأسد والصراع على الشرق الأوسط. ولعل هذه الحادثة تختصر جوهر العلاقة بين النظامين الإيراني والسوري، القائمة على تقاطع المصالح «فقط» في مناطق الصراع، التي كانت في فلسطين ولبنان وتوسعت أخيرا إلى العراق واليمن.
يقال إنه ما من دولة تتغير، لكن ثمة دولة تنكشف؛ إيران كذلك انكشفت في المنطقة بعد أحداث «الربيع العربي»، بدت أجندتها واضحا وسياستها مكشوفة، أخرجت من القمقم الميليشيات، دعمت فرقا طائفية وحاولت زعزعة دول، مثل هذه البيئة المضطربة هي المكان المناسب لدولة اعتمدت في دستورها تصدير المشكلات. إلا أن الضريبة ستكون باهظة جدا، ذلك أن اللعب بالنار على كل الجبهات معادلة ملغمة فيعصر التأجيج الطائفي والمذهبي.
إيران اليوم «دولة مراهنة»، تربط كل مصالحها الإستراتيجية والطبيعية بأنظمة حكم وقوى سياسية، وهذا النوع من العلاقات سرعان مايزول، ذلك أن العلاقات السياسية الدولية غالبا ماتقوم على الجغرافيا السياسية وليس على الأنظمة المتغيرة. لذا فهي تخوض معركة موت في سورية والعراق، لأنها راهنت على الأنظمة التي لم تعد قادرة على التكيف السياسي والشعبي. ففي العراق نظام سياسي طائفي. وفي سورية حاكم ومنظومة حكم طائفيتان، لذا دفعت إيران بكل أوراقها السياسية والعسكرية والمالية في سورية من أجل استمرار بقاء الأسد.. وهي حسمت أمرها منذ بداية الصراع.. «الأسد أو لا أحد». لأنها تدرك أن أي عملية تغيير ستكون ضد السياسة الإيرانية. ومثل هذا الخيار - الرهان على الحاكمين- يجعل دولة مثل إيران تسير إلى ما بعد الهاوية. وتحارب إلى آخر رصاصة، وتخوض حرب الاستنزاف الطويلة.
مهما حكم الأسد فإنه زائل، بل إن حكمه انتهى من الناحية الشكلية والمعنوية؛ وبزواله سواء في حالة التسوية السياسية أو أية وسيلة أخرى، تكون إيران فقدت آخر الأوراق في المنطقة. هذا النوع من الاستثمار السياسي محكوم بنهايات فاشلة لأنها ترتبط بحكم ديكتاتور ذي صلاحية منتهية.
في مطلع الثمانينات زار رئيس البرلمان الإيراني - آنذاك- علي أكبر هاشمي رفسنجاني سورية في بداية التنسيق المشترك؛ وبينما كان الرجل يأخد قسطا من الراحة في مقر استضافته في دمشق، لفت انتباهه مقدمة أخبار الثامنة والنصف على التلفزيون السوري وهي تلقي النشرة من دون حجاب. كان ذلك صدمة لرفسنجاني الذي يزور دمشق للمرة الأولى بعد «الثورة الخمينية». وفي أول لقاء مع وزير الخارجية السوري آنذاك عبدالحليم خدام لم يخف رفسنجاني اندهاشه قائلا: لماذا تظهر المرأة على التلفزيون من دون حجاب، متناسيا ابن «قم» الفوارق الثقافية واختلاف نظم الحكم بين الحليفين!؟
هذه الرواية منقولة عن الكاتب البريطاني الراحل باتريك سيل في كتابه الشهير حافظ الأسد والصراع على الشرق الأوسط. ولعل هذه الحادثة تختصر جوهر العلاقة بين النظامين الإيراني والسوري، القائمة على تقاطع المصالح «فقط» في مناطق الصراع، التي كانت في فلسطين ولبنان وتوسعت أخيرا إلى العراق واليمن.
يقال إنه ما من دولة تتغير، لكن ثمة دولة تنكشف؛ إيران كذلك انكشفت في المنطقة بعد أحداث «الربيع العربي»، بدت أجندتها واضحا وسياستها مكشوفة، أخرجت من القمقم الميليشيات، دعمت فرقا طائفية وحاولت زعزعة دول، مثل هذه البيئة المضطربة هي المكان المناسب لدولة اعتمدت في دستورها تصدير المشكلات. إلا أن الضريبة ستكون باهظة جدا، ذلك أن اللعب بالنار على كل الجبهات معادلة ملغمة فيعصر التأجيج الطائفي والمذهبي.
إيران اليوم «دولة مراهنة»، تربط كل مصالحها الإستراتيجية والطبيعية بأنظمة حكم وقوى سياسية، وهذا النوع من العلاقات سرعان مايزول، ذلك أن العلاقات السياسية الدولية غالبا ماتقوم على الجغرافيا السياسية وليس على الأنظمة المتغيرة. لذا فهي تخوض معركة موت في سورية والعراق، لأنها راهنت على الأنظمة التي لم تعد قادرة على التكيف السياسي والشعبي. ففي العراق نظام سياسي طائفي. وفي سورية حاكم ومنظومة حكم طائفيتان، لذا دفعت إيران بكل أوراقها السياسية والعسكرية والمالية في سورية من أجل استمرار بقاء الأسد.. وهي حسمت أمرها منذ بداية الصراع.. «الأسد أو لا أحد». لأنها تدرك أن أي عملية تغيير ستكون ضد السياسة الإيرانية. ومثل هذا الخيار - الرهان على الحاكمين- يجعل دولة مثل إيران تسير إلى ما بعد الهاوية. وتحارب إلى آخر رصاصة، وتخوض حرب الاستنزاف الطويلة.
مهما حكم الأسد فإنه زائل، بل إن حكمه انتهى من الناحية الشكلية والمعنوية؛ وبزواله سواء في حالة التسوية السياسية أو أية وسيلة أخرى، تكون إيران فقدت آخر الأوراق في المنطقة. هذا النوع من الاستثمار السياسي محكوم بنهايات فاشلة لأنها ترتبط بحكم ديكتاتور ذي صلاحية منتهية.