-A +A
زياد عيتاني (بيروت)
ziadgazi@

المتابع للأزمة التي حدثت بين وزيرة الأسرة التركية فاطمة بتول والشرطة الهولندية، التي منعتها من الوصول إلى مبنى القنصلية التركية في أمستردام، وتفاصيل الحوار الذي جرى بين الطرفين، يدرك دون أدنى شك أن الأمر ليس خطأ تقنيا أقدمت عليه الشرطة الهولندية، وليس ردا عفويا أقدمت عليه الوزيرة التركية، بل هي مواجهة تم الإعداد لها مسبقا، ولكل طرف فيها مقصد ومبتغى، فجاءت استكمالا للمواجهات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته حول أحقية الجالية التركية في هولندا بإقامة مهرجانات انتخابية.


وكانت الشرطة الهولندية خلال الإشكال حريصة على رفض تحرك الوزيرة التركية بعيدا عن منظومة القوانين الهولندية، فيما كانت الوزيرة التركية حريصة على إبراز انتهاك السلطات الهولندية للقوانين التي تحفظ حقها بالتنقل والذهاب إلى مبنى قنصلية بلادها، وهو حوار كان الإعلام التركي حريصا على عرض الفيديو الخاص به الذي يظهر الوزيرة وهي تعطي ما يوازي محاضرة للشرطة الهولندية عن حقوق الإنسان والممارسة الديموقراطية. على خلفية هذه المشهدية لا يبدو أن أحدا من الطرفين؛ أي التركي أو الهولندي منزعج من هذه المواجهة، فالرئيس أردوغان نجح في تطويع ما حصل لصالح حشد شعبه خلفه عشية الاستفتاء الذي سيجريه، فيما رئيس الوزراء الهولندي روته نجح في تصوير نفسه أمام الشعب الهولندي أنه الرجل الشرس في مواجهة أي تطرف، سارقا بذلك شعارات منافسه اليميني المتطرف خيرت فيلادرز الذي استدرج عبر الإشكال إلى تصريحات عنصرية ضد الإسلام والمجنسين والمهاجرين، ما جعله مصدر خوف لا اطمئنان بالنسبة للمكونات الهولندية المتنوعة، والتي رغم المواجهة لا بد لها من العودة السريعة للتفكير بتسوية تريح الجميع.

المواجهة الهولندية التركية أقرب إلى مواجهة في مباراة لـ"سلاح الشيش"، بحيث يصطدم المتسابقان بسيفيهما إلا أنهما محكومان بقواعد المواجهة، إضافة إلى كل احتياطات الأمان والمهم بحبل يتصل بظهر كل منهما يحدد لهما المسافة التي يمكنهما الهجوم على الخصم والتقدم إليه خلال اللعبة.

التركي والهولندي محكومان بقواعد صارمة خلال هذه المواجهة والتي ستنتهي حالما يذهب المقترعون في البلدين إلى صناديق الاقتراع، حيث ستفقد الأزمة حينها مبرر استمرارها، وهي أزمة خارجية تخاض لأهداف داخلية وبالتالي سقفها سجال إعلامي ولا مكان فيها للمواجهات أو الحروب.