بشار
بشار
-A +A
فهيم الحامد (جدة)
FAlhamid@

عندما انطلقت الثورة السورية عام 2011 كان مطلبها الأول هو رحيل بشار الأسد، وهو نفس المطلب الذي دعمه الغرب طوال أكثر من ست سنوات في سورية، التي تحولت خلال هذه السنوات العجاف إلى دولة طائفية لا يُرى فيها سوى الإرهاب والقتل والتدمير، بفعل نظام همجي مدعوم من إيران وميليشياتها الطائفية. في درعا انطلقت أول شعارات الثورة «ارحل يا بشار»، حتى أصبح هذا هو الأساس لثورة الكرامة التي ضحى الآلاف من أجلها والتي أدت لنزوح الملايين قسرا وقتل مئات الآلاف، ما وضع الشعب السوري على «قارعة الطريق».


في كل مدينة وقرية سورية استمرت الثورة تحت شعار «ما لنا غيرك يا الله».. وفي كل هذه السنوات أهلك الباسيج الإيراني والميليشيا الطائفية الحرث والنسل في سورية.. وعبثت ميليشيات فاطميون وزينبيون والنجباء بمقدرات الشعب السوري، الذي أضحى بمفرده يبحث عن حريته بين أنقاض دولة كانت يوما ما لهم وأصبحت الآن أسيرة لحكم الفرس. بعد هذه السنوات العجاف، جاءت انعطافة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه سورية، إذ اعتبرت أن رحيل بشار ليس أولوية، في تغيير دراماتيكي في الأزمة، وهو ما أعلنته سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هالي، عندما قالت: إن رحيل بشار لم يعد من أولويات الموقف الأمريكي الجديد. لكن هذا الموقف لم يكن مفاجئا للمراقبين، باعتبار أن هناك أولويات إستراتيجية للإدارة الأمريكية الجديدة، والتي تتصدرها مكافحة الإرهاب وتحديدا «داعش»، كما أوضح المتحدث باسم البيت الأبيض عندما قال ينبغي أن نركز على هزيمة «داعش»، أضف إلى ذلك أن الرئيس ترمب قال خلال حملته الانتخابية: «لا أحب الأسد على الإطلاق، لكنه يقتل «داعش»، وروسيا تقتل «داعش». إذن «داعش» هو الأولوية». وهذا توجه إستراتيجي ليس فقط للإدارة الأمريكية بل للمجتمع الدولي، ويجب أن يعمل الجميع لتحقيق هذا الهدف وإنهاء الإرهاب الظلامي من الوجود. ولكن في نفس الوقت يجب أن لا يترك الأسد حراً طليقا بعد تشريد الملايين وقتل الآلاف عبر البراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي وإرهابيي إيران. ومن الأهمية بمكان إخراج إيران بالكامل (سلاحا وميليشيا) من سورية لأنها أصل المشكلة، ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في سورية ومحاربة للإرهاب إلا عبر إنهاء الوجود الإيراني، إذ تعد طهران أكبر حاضنة للإرهاب، ومن هنا فإنه يتعين لإخلاء الساحة السورية من الإرهاب الظلامي والطائفي أن يكون هناك شركاء حقيقيون لصناعة مستقبل سورية دون وجود للمجرمين والقتلة والإرهابيين.