" data-responsive="https://www.okaz.com.sa/uploads/images/2017/04/11/293137.jpg" data-src="https://www.okaz.com.sa/uploads/images/2017/04/11/293137.jpg">
"توماهوك" لحظة إطلاقة على قاعدة «الشعيرات» أخيرا. (ا.ف.ب)
-A +A
عبدالله الغضوي (أنقرة)
Gadawiabdullah@

ما هذه الدولة التي تخترق سماؤها أكثر من 20 دولة ضمن التحالف الدولي لقتال «داعش»؟ وما هذا الرئيس الذي كلما أراد الطيران الإسرائيلي أن يضرب أبرز مقراته الإستراتيجية يفعل ذلك في ساعة خاطفة وتعود طائراته آمنة إلى المطارات؟ما هذا الرئيس الذي تسرح على أرضه مئات الميليشيات الطائفية وتتلقى الأوامر من خارج الحدود، فيما تحول قصر الحكم إلى سنترال لتلبية طلبات الدول المسيطرة على الصراع؟


يعيش النظام السوري اليوم على توازنات الإرادات الدولية، بل إن مبرر بقائه حتى هذه اللحظة مرتهن بأجندات ومصالح الدول اللاعبة على الأرض السورية، ذلك أن الأسد تحول إلى شخص وظيفي باعتباره واجهة الحكم في سورية، وبكل تأكيد لم يعد يمتلك سلطة قرار الدولة، وحتى أبرز مكونات الدولة المتعلقة بقرار السلم والحرب لم تعد في قصر الحكم، فهو اليوم «بيدق »صغير أوكلت إليه مهمات مؤقتة، وسرعان ما يتم التخلص منه عند انتهاء اللعبة الدولية في الصراع على سورية.

أكبر دليل على انتهاء النظام السوري وحكم عائلة الأسد، فقدانه أبرز مقومات الدولة؛ جوار سياسي وأمني صفر، بلاد مقسمة بين قوى معارضة وأخرى ميليشياوية وإرهابية في أكثر من مكان، بينما تراه يتبجح في أكثر من مكان بالسيادة. وعندما تصل الدولة أو أي نظام إلى هذا المستوى من المزايدة والكذب فإنه نظام تالف غير صالح لأي نوع من الحكم، لذا تراه يحول جيشه إلى عصابة وإلى ميليشيات، بل أصبح مصنع ميليشيات، وهو لا يعرف أنه بهذا الأسلوب يتآكل من الداخل ويكتب نهاياته بنفسه.

حتى قرار الرد وصد هجمات صواريخ «توما هوك» لم يعد يمتلكه الأسد ولا حتى داعمه الأول روسيا، فالسؤال: أين هي مضادات الطائرات والصواريخ (بطاريات S300) التي نصبتها روسيا في طرطوس منذ العام الماضي؟!

لقد كشفت الضربة الأمريكية -رغم محدوديتها- الكثير من التساؤلات حول أبعاد القوى الموالية الداعمة للأسد، وأثبتت أنها قوى تلعب في ظل غياب القوة الأمريكية، وهي ليست قادرة على صنع الحل السياسي، وغير قادرة على ضبط الصراع. إذ إن الضربة الأمريكية جاءت من خارج كل المؤسسات الدولية، بقرار أمريكي صرف تم اتخاذه في أقل من 48 ساعة.

لم تعد سورية في عهد بشار الأسد دولة، تحولت إلى «صومال جديد» أكثر خطورة من الصومال الآن، سورية التي كانت مركزا إستراتيجيا وجبهة شمالية قوية للمنطقة العربية، تحولت في عهد بشار إلى خاصرة ضعيفة يمكن من خلالها التأثير على الأمن القومي العربي.. لذا لا بد من تغيير هذا الواقع لإنقاذ ما تبقى من الأمن القومي العربي.