الغموض يكتنف كوريا الشمالية، هذه الدولة التي يحكمها الجنون، فلا يدخلها أحد إلا تحت حراسة مشددة، ولا يخرج منها أحد حتى يوشك على الهلاك. هذه الدولة التي لا يستطيع أحد أن يفلت من قبضة الزعيم، فعين الرقيب تلاحق الشعب، تقتحم منازلهم، والويل لمن لا ينظّف صورة الزعيم كل يوم، ويلقي التحية له، حسب ما ذكره فيلم وثائقي لـ"بي بي سي".
ولأن كوريا الشمالية تصدرت الأخبار العالمية باختباراتها النووية، فقامت الوكالة الفرنسية (أ.ف.ب) برصد المحطات الأساسية في تطور برنامج كوري الشمالية النووي والباليستي في اطار سعيها لامتلاك صاروخ نووي قادر على إصابة القارة الأميركية.
وأعلنت بيونغ يانغ (الأحد) أنها اختبرت بنجاح قنبلة هيدروجينية في سادس تجربة نووية تجريها منذ 2006، بعدما ذكرت هيئات عدة لمراقبة الزلازل أنها رصدت «انفجارا» بالقرب من الموقع الرئيسي الكوري الشمالي للاختبارات.
ففي أواخر سبعينات القرن الماضي، بدأت كوريا الشمالية العمل على نموذج من صاروخ سكود-بي السوفياتي (مداه 300 كلم). وقامت بتجربته عام 1984.
وفي الفترة 1987 حتى 1992، قامت كوريا الشمالية بتطوير صواريخ من طراز سكود-سي (500 كلم) ورودونغ-1 (1300 كلم) وتايبودونغ-1 (2500 كلم) وموسودان-1 (3 الاف كلم) وتايبودونغ-2 (6700 كلم).
وفي أغسطس 1998، أعلنت هم تجربة صاروخ تايبودونغ-1 فوق اليابان قالت بيونغ يانغ انها تهدف الى وضع قمر اصطناعي في المدار، وأكدت الولايات المتحدة أنها تجربة صاروخية.
وفي سبتمبر 1999، كوريا الشمالية تعلن تجميد تجارب الصواريخ البعيدة المدى بالتزامن مع تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي يوليو 2000، فشل محادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية حول الصواريخ بعدما طالبت بيونغ يانغ بمليار دولار مقابل وقف صادراتها من الصواريخ.
وفي مارس 2005، بيونغ يانغ تنهي تجميد التجارب الصاروخية البعيدة المدى مبررة ذلك بالسياسة «العدائية» لإدارة الرئيس جورج بوش تجاهها.
وفي يوليو 2006: أجربت كوريا الشمالية تجربة على سبعة صواريخ بينها تايبودونغ-2 البعيد المدى الذي انفجر في الجو بعد 40 ثانية.
أول تجربة نووية
وفي أكتوبر 2006، تجري كوريا الشمالية أول تجربة نووية تحت الارض.
وفي أبريل 2009، إطلاق صاروخ بعيد المدى حلق فوق اليابان وسقط في المحيط الهادئ في ما وصفته بيونغ يانغ بأنه محاولة لوضع قمر اصطناعي في المدار. أما الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية فقالت إنها تجربة مقنعة لصاروخ تايبودونغ-2.
تجربة نووية ثانية
وفي مايو 2009، تجربة نووية ثانية تحت الارض، أقوى بعدة مرات من التجربة الأولى.
وفي أبريل 2012: كوريا الشمالية تطلق ما قالت إنه صاروخ بعيد المدى لوضع قمر اصطناعي في المدار لكنه يتفكك بعيد إطلاقه بعد انفجار ويسقط في المحيط.
وفي ديسمبر 2012، نجحت كوريا الشمالية في إطلاق صاروخ لوضع قمر اصطناعي في المدار لرصد الأرض.
تجربة نووية ثالثة
وفي فبراير 2013، أجرت بيونغ يانغ تجربة نووية ثالثة تحت الأرض.
تجربة نووية رابعة
وفي يناير 2016، تجربة نووية رابعة تحت الأرض قالت كوريا الشمالية إنها لقنبلة هيدروجينية ولكن معظم الخبراء شككوا في ذلك.
وفي فبراير 2016، كوريا الشمالية تعلن نجاح ثاني عملية إطلاق لصاروخ وضع قمرا اصطناعيا ثانيا في المدار.
وفي مارس 2016، الزعيم كيم جونغ أون يعلن أن كوريا الشمالية نجحت في تصغير رأس نووي حراري.
وفي أبريل 2016، تجربة إطلاق صاروخ باليستي من غواصة.
وفي يوليو 2016، الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تعلنان عن خطة لنشر منظومة الدفاع الصاروخية (يو اس ثاد).
وفي أغسطس 2016، للمرة الاولى كوريا الشمالية تطلق صاروخا باليستيا مباشرة باتجاه المياه الإقليمية اليابانية.
تجربة نووية خامسة
وفي سبتمبر 2016، تجربة نووية خامسة.
وفي مارس 2017، إطلاق أربعة صواريخ بالستية قالت بيونغ يانغ إنها تجربة لمهاجمة القواعد الأميركية في اليابان.
وفي مارس 2017، الولايات المتحدة تبدأ بنشر منظومة "ثاد".
وفي أبريل 2017، غداة عرض عسكري كبير شمل نحو ستين صاروخا وفي أوج توتر مع الولايات المتحدة التي أعلن رئيسها دونالد ترمب أنه يريد «معالجة مشكلة» كوريا الشمالية، بيونغ يانغ تجري تجربة إطلاق صاروخ قال الأميركيون والكوريون الجنوبيون إنها فشلت.
وفي مايو 2017، إطلاق صاروخ اجتاز 700 كلم قبل أن يسقط في بحر اليابان. رجح الخبراء أن يصل مداه إلى 4500 كلم وأن يكون قادرا على بلوغ القواعد الأميركية في غوام.
وفي يوليو 2017، إطلاق صاروخ اجتاز 930 كلم ورجح الخبراء ان يصل مداه إلى 6700 كلم وأن يكون بإمكانه بلوغ ألاسكا. بيونغ يانغ تعتبر التجربة «تاريخية» لصاروخ هواسونغ-14 الذي وصفته بأنه عابر للقارات. لكن الجيش الروسي قال إنه متوسط المدى.
وفي يوليو 2017، بيونغ يانغ تطلق صاروخا يبلغ مداه عشرة آلاف كيلومتر ما يعني انه يهدد جزءا كبيرا من القارة الاميركية.
أغسطس 2017، الشمال يطلق ثلاثة صواريخ بالستية قصيرة المدى.
وفي أواخر شهر أغسطس 2017، كوريا الشمالية تطلق صاروخا حلق فوق اليابان قبل أن يسقط في المحيط الهادئ. قالت سيول انه قطع 2700 كلم على ارتفاع حوالى 550 كلم.
تجربة نووية سادسة
وفي سبتمبر 2017، بيونغ يانغ تعلن انها اختبرت بنجاح قنبلة هيدروجينية في سادس تجربة نووية، بعدما ذكرت هيئات عدة لمراقبة الزلازل انها رصدت زلزالا شدته 6,3 درجات بالقرب من الموقع الرئيسي الكوري الشمالي للاختبارات.
ردود أفعال.. اليابان ترتعد والصين تترقّب
وقال وزير الخارجية الياباني تارو كونو للصحافيين "نؤكد باسم الحكومة ان كوريا الشمالية أجرت تجربة نووية".
وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية أن بيونغ يانغ ستصدر «إعلانا مهما» عند الساعة 06,30 (توقيت غرينيتش) بعد هذا الانفجار الذي أكدت الوكالة أنه أقوى بـ9,8 مرات من التجربة النووية السابقة التي اجرتها بيونغ يانغ.
وستؤدي هذه التجربة بالتأكيد الى المزيد من التصعيد في التوتر الشديد الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية.
وذكرت رئاسة أركان القوات الكورية الجنوبية في بيان أن الهزة رصدت ظهر (الأحد) بالقرب من موقع التجارب النووية في بونغي-ري.
وأوضح المعهد الجيولوجي الأميركي أن الهزة الأرضية بلغت شدتها 6,3 درجات، أي أنها أقوى من الانفجارات التي رصدت في التجارب السابقة.
وقالت الباحثة في المعهد الجيولوجي جانا بورسلي لوكالة «فرانس برس» إنه «انفجار أكثر ما هو زلزال» موضحة أن "هذا الحدث القليل العمق يشبه انفجارا".
وأعلن المركز الصيني لمراقبة الزلازل بعد ذلك ان زلزالا بقوة 4,6 درجات ناجما عن «انهيار» هز كوريا الشمالية بعد اقل من عشر دقائق على الزلزال الاول.
وكانت كل التجارب النووية السابقة لكوريا الشمالية ادت الى هزات ارضية رصدتها مراكز مراقبة الزلازل الاجنبية.
غير مقبول اطلاقا
تعود آخر تجربة نووية اجرتها كوريا الشمالية الى ايلول/سبتمبر 2016 وكانت اقوى التجارب الخمس التي قامت بها بيونغ يانغ منذ 2006.
وصرح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ان هذه التجربة النووية ستكون في حال تأكدت «غير مقبولة اطلاقا». وقال آبي "اذا كانت قد اجرت تجربة نووية، فهذا غير مقبول اطلاقا. علينا الاحتجاج بقوة".
وتصاعد التوتر في يوليو عندما قامت كوريا الشمالية بإجراء تجربتين ناجحتين لصاروخ باليستي عابر للقارات من نوع "هواسونغ-14".
وعبر محللون أجانب أخيراً عن شكوكهم في قدرة كوريا الشمالية على إنتاج قنبلة هيدروجينية (او حرارية نووية) وتصغيرها الى درجة كافية لوضعها على صاروخ.
لكن وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية ذكرت الاحد ان بيونغ يانغ نجحت في صنع قنبلة هيدروجينية يمكن تحميلها على صاروخ باليستي عابر للقارات.
وقالت الوكالة ان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون تفقد هذا الرأس النووي خلال زيارة الى معهد الاسلحة النووية وأكد أن "كل مكونات القنبلة الهيدروجينية صنعت 100% في بلدنا".
ونقلت الوكالة الرسمية عن كيم قوله ان الرأس الحربية التي تفقدها هي "سلاح ذري حراري ذو قوة تفجيرية خارقة صنعناه بجهودنا وتكنولوجيتنا".
وظهر كيم في صور، يرتدي بزة سوداء ويفحص عبوة معدنية قالت الوكالة انها قنبلة هيدروجينية.
رسالة استراتيجية
يوليو الماضي، هددت بيونغ يانغ بعمليات اطلاق تحذيرية لصواريخ الى مواقع قريبة من جزيرة غوام الاميركي في المحيط الهادئ. واطلقت الاسبوع الماضي صاروخا متوسط المدى سقط في المحيط الهادئ بعدما حلق فوق اليابان.
وتوعد الرئيس الاميركي دونالد ترمب كوريا الشمالية «بالنار والغضب» اذا واصلت اطلاق التهديدات للولايات المتحدة وحلفائها.
وبعد تجربتها الرابعة التي اجريت في يناير 2016، اكدت بيونغ يانغ ان العبوة التي اختبرتها كانت قنبلة هيدروجينية. والقنبلة الهيدروجينية اقوى بكثير من القنبلة الذرية.
لكن علماء قالوا حينذاك ان قوة الانفجار التي تعادل شحنة زنتها ستة كيلوطن، اضعف بكثير من شدة قنبلة هيدروجينية.
وعندما قامت بتجربتها النووية الخامسة في سبتمبر 2016، لم تتحدث بيونغ يانغ عن اي قنبلة هيدروجينية.
لكن في اعلانها الاحد، قالت الوكالة الكورية الشمالية الرسمية ان بيونغ يانغ «ادخلت مزيدا من التحسينات على قدراتها التقنية» استنادا الى التقدم "الذي تحقق عند اجراء التجربة الاولى لقنبلة هيدروجينية".
واضافت ان كيم "حدد المهام التي يجب القيام بها في الابحاث المتعلقة بالأسلحة النووية".
واذا كانت كوريا الشمالية قادرة فعلا على وضع رأس نووي على صاروخ، فان ذلك سيعزز القلق الدولي حيال التهديدات التي تطلقها بيونغ يانغ باستمرار.
وقالت ميليسا مانهام الخبيرة في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية في كاليفورنيا أن الصور التي نشرتها كوريا الشمالية الاحد لا تسمح وحدها بالتأكد من ان العبوة قنبلة هيدروجينية فعلا.
من جهته، رأى يانغ مو-جين من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول ان النبأ الذي بثته وكالة الانباء الكورية الشمالية يشكل «رسالة استراتيجية». وقال لـ«فرانس برس» انها تعني ان بيونغ يانغ "تريد الدفع باتجاه مواجهة نووية مع الولايات المتحدة كطرفين متساويين".