عندما يفتش الملالي في ذكريات عمليات القتل التي شاركوا فيها في الشرق الأوسط وحتى الداخل الإيراني لن يهمهم أن يكون من ضمن من تسببوا في قلته طفلٌ صغيرٌ ماتت أحلامه الصغيرة في مهدها، فلا فرق لديهم بين «آرتين لشتى» الطفل الإيراني المقتول في التظاهرات الإيرانية الأخيرة قبل يومين، أو «إيلان كردي» الطفل الذي تسببت ميليشيات قاسم سليماني في مشاركتها قوات الأسد تهجيره من بلدته ليلقى حتفه على السواحل التركية، فعربدة الفرس ومن والوهم على جثث القتلى كباراً كانوا أو صغاراً تعني في مقاييسهم القتالية نشوة النصر، دون أي مراجعة للقيم الإنسانية في دفتر الشروط والأحكام الذي تسير عليه حياتهم.
ويبدو أن الطفل الإيراني «آرتين لشتى» الذي لقيت رصاصة الحرس الثوري مستقراً لها في جسده لتطفئ غليل الحقد على المتظاهرين في مدنية «دورود» (غرب إيران) كانت شاهداً على أن هذا النظام لم يحكم بالإنسانية يوماً، فلم يكن خروجه مع ذويه للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية في الجمهورية التي تدعي أنها إسلامية، والغضب الشعبي هناك من تدخلات الملالي في اليمن وسورية والعراق، دون الالتفات لهم، إلا سبباً وجيهاً ليدهم لقتله، لتصبح ملامحه البريئة نواة لأيقونة الثورة القادمة في إيران، ووجهاً يخبئ في ملامحه الطفولية بشاعة الحرس الثوري الإيراني.
عامان فقط فصلت بين جثة «حامل راية النصر» المعنى العربي لاسم «إيلان» الكردي، وبين جثمان «آرتين لشتى» الذي كان موته أشبه بقتل عصفور أعلى الشجرة، بدتت أحلامه في الغناء، ولم يبقى منه سوى صورة له في أبها حالته بعد أن أخفى الصياد البشع ريشة المضجر بالدماء، ليبقى غناءه حياً، وصورته محفوظة في أذهان سكان مدينة «دورود» الجبلية، وليبقى أيقونة للثورة غرب إيران.