شدد رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة الدكتور علي راشد النعيمي على ضرورة أن الانتقال من فقه الضرورة إلى فقه المواطنة، معتبراً أن فقه الضرورة «كان مصطلحاً خاصاً بمكان وزمان معينين والآن أصبح المسلمون جزءاً ومواطنين في مجتمعاتهم». ولفت النعيمي، في المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة الذي انطلق أمس (الثلاثاء) في أبوظبي بحضور قيادات دينية وسياسية كبيرة من 150 دولة، إلى أن المجتمعات المسلمة في الخارج كانت تواجه خياري الذوبان والانكفاء، موضحاً أن كلا الخيارين سيئ «لذلك لا بد من إعادة التموضع ليندمج المسلمون في مجتمعاتهم والمحافظة على خصوصيتهم».* النعيمي: لا بد من إعادة التموضع ليندمج المسلمون في مجتمعاتهم
* وزير التسامح الإماراتي: المجتمعات الناجحة ينتشر فيها السلام والانتماء
* رئيسة الحركة البوذية: تفعيل التسامح والمشاركة في المجتمعات واجبة
وأعرب النعيمي عن أمله في أن يكون المؤتمر بداية حقيقية لخدمة المسلمين في جميع بقاع الأرض.
من جهته، وصف وزير التسامح الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان المجتمعات الناجحة بـ«المجتمعات المتقدمة التي ينتشر فيها الأمان والسلام والانتماء والولاء والنظرة الواثقة نحو المستقبل»، مؤملاً أن يكون المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة على قدر كافة الآمال، وأن يجري البحوث والدراسات للمجتمعات المسلمة، وما قد تعانيه بعض هذه المجتمعات من فقر وأمية واضطهاد.
الانتماء الوطني
ودعا وزير التسامح الإماراتي، في كلمته خلال المؤتمر، إلى أن يساهم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة في تحقيق انتماء المسلمين في بلدانهم ويعزز هويتهم الإسلامية، وأن يجعل منهم مصدر خير وعطاء، مضيفاً «نأمل أن يكون أيضا الشباب المسلم في اهتمامات المركز، إذ إن هذا الشباب تؤثر فيهم التكنولوجيا وتجعلهم أهدافاً للأفكار المتطرفة والهدامة».
وأشار إلى أن العالم بات قرية صغيرة، متمنياً أن يوفق المشاركون في المؤتمر في عرض توصيات «تسهم في تحقيق الخير والسلام في هذا العالم الذي تتداخل فيه المصالح والغايات».
جهود غير عادية
من جهتها، طالبت رئيسة الحركة البوذية العالمية في اليابان كيشو نيفانو بوجوب تفعيل ثقافة التسامح والمشاركة في المجتمعات، والتأكيد على المشاركة الفعالة، ووضع مزيد من الضوابط التي تعمل على دمج المجتمعات مع بعضها البعض.
وقالت، خلال كلمتها في المؤتمر، إن البوذية تعمل لتفعيل الحوار والثقافات من أجل تعزيز التعاون بين جميع أبناء المجتمعات الواحدة، مضيفة «من الضروري نبذ ثقافة العنف وتفعيل ثقافة التعاون بين الجميع، مع الحفاظ على جميع حقوق الأقليات في جميع المجتمعات، لأننا جميعا كمجتمع إنساني نملك جميع الحقوق والواجبات وأن هذا يتطلب جهودا غير عادية».
ودعت إلى إيجاد ميثاق تعاون بين الأقليات المسلمة مع بعضها البعض، لتحقيق مزيد من التعاون و «هو ما يضمن لها حياة سعيدة والعيش في سلام».
فرص الأقليات
واعتبر الأمين العام لمؤتمر السلطات المحلية والإقليمية للمجلس الأوروبي اندرياس كريفر أن أمام الأقليات المسلمة فرصاً لتقديم نموذج ديموقراطي للتعايش، لافتاً إلى أن التعددية والتنوع يقدم حقيقة للسكان والمواطنة، ولا يمكن أن ننظر للمجتمع بغير قادة.
وأكد كريفر على ضرورة الاعتماد على القادة والشباب في دمج الأقليات في الدول التي يعيشون بها.
ليست وردية ولا ضبابية
وشدد رئيس مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون الأقليات في العالم الدكتور طارق الكردي على أهمية وضع اعتبار للظروف المختلفة، عند النظر في وضع المجتمعات المسلمة في العالم، موضحاً «فمنهم من ينعم بالحرية بينما يعاني آخرون الاضطهاد، ما يعني أن الصورة ليست وردية وفي الوقت نفسه ليست ضبابية كما يعكس البعض».
وقال الكردي إن المجتمعات المسلمة بالعالم يودون التوظيف والحصول على فرص، وأن البعض يشعر بالعزلة بسبب خطاب الكراهية، مضيفاً «نحن نحتاج تمثيلاً أقوى في المؤسسات والدمج في المجتمعات فعلينا دور مهم في بناء السلام وذلك عن طريق الثقافة والفنون».
تغيير الإستراتيجية
من جهته، أكد وزير الأوقاف والشؤون الدينية والمقدسات الإسلامية بالأردن الدكتور عبدالناصر أبوالبصل أن المسلمين أمام تغيرات كبيرة، أهمها إعادة منهجية النظرة للوجود الإسلامي في العالم، مشيراً إلى أهمية تغيير الإستراتيجية التي «نطرح بها رؤيتنا للعالم».
وقال أبوالبصل «عندما نتحدث عن المجتمعات المسلمة فإننا نتحدث عن الوجود»، مستدركاً «توجد جهود فقهية كبيرة بذلتها المجامع الفقهية المختلفة لتسهيل إدماج المسلمين في مجتمعاتهم».
وأضاف «في كثير من المجتمعات هنالك فرص علمية وواقعية للمجتمعات المسلمة للارتقاء، والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة سيضطلع بدور كبير في دراسة سبل الارتقاء بالمجتمعات المسلمة».
وانطلق المؤتمر بحضور قيادات دينية وسياسية كبيرة من 150 دولة، تحت شعار «الفرص والتحديات»، واستضاف كوكبة من علماء دين وباحثين وشخصيات رسمية وثقافية وسياسية.
ويأمل القائمون على المؤتمر في مد جسر التعاون بين قيادات المجتمعات المسلمة حول العالم، تفعيلاً لدورها الحضاري وحفاظاً على أمنها الفكري والروحي وتحقيقاً للعيش السليم المشترك.
الرئيس الألباني السابق: على الأقلية تعلم ثقافة الأغلبية
رأى رئيس ألبانيا السابق رجب ميداني في تجربة ألبانيا في التسامح والتنوع الديني «نموذجاً يجب أن يسود في كل مكان»، مؤكداً على أهمية أن تتعلم الأقليات ثقافة الأغلبية «حتى تكون هناك حالة اندماج واستيعاب».
وقال ميداني، في كلمته في المؤتمر، «لا بد قبول ثقافة الآخر، وعلى الدول المصدرة للأقلية أن تتقبل ثقافة الدول التي صدرت إليها، كما يجب أن تتقبل الأقلية ثقافة دول الأغلبية وأن تتقبل الأغلبية ثقافة الأقلية».
وشدد على ضرورة إيجاد سياسة جديدة للتنوع بتعدد الثقافات وقبول ثقافة المهاجرين لخلق الوحدة من خلال التنوع والثقافات وخلق مجتمع مشترك مثل مجتمع ألبانيا.
مشاركون لـ «عكاظ»: «الإخوان» خطفوا الإسلام.. وتصحيح المفاهيم يهشم الصورة المشوهة
هاجم الأكاديمي من مركز الدراسات الإستراتيجية بالمغرب الدكتور عبدالرحيم السليمي ما أسماه «اختطاف الإخوان المسلمين للإسلام»، لافتاً إلى أن المؤتمر سيواجه تحديات في تحقيق أهدافه. وشدد السليمي، في حديثه إلى «عكاظ» على هامش مؤتمر المجتمعات المسلمة أمس (الثلاثاء)، على ضرورة إعادة بناء الأمة الإسلامية على مفهوم جديد، مستدلاً بوجود حركات «لا تؤمن بشيء اسمه النظام أو الدولة، بل تؤمن بالفوضى».
من جهته، أكد رئيس المركز الإسلامي لرابطة علماء المسلمين بأمريكا اللاتينية الدكتور محسن بن موسى الحسيني على أهمية أن يكون وضع اللبنات الأولى لتأسيس معالجة «ليست طارئة أو مرحلية»، ولكن جذرية وموضوعية وبعيدة المدى. ودعا الحسيني في حديثه إلى «عكاظ»، إلى معالجة الأحداث لتبين الحقيقة التي وقع فيها العالم الإسلامي، موضحاً «بات عالمنا الإسلامي ينعت بالصورة النمطية السلبية الملتصقة بالإرهاب وبالإسلاموفوبيا والتشدد والأصولية والتطرف.
وأضاف «هناك معادلة صعبة في الجمع بين الدين والدنيا أو ما يسمى بالوسطية والاعتدال»، واصفاً المملكة بصاحبة اليد الطولى في هذا المجال وأن الإمارات تحذو حذوها.
ولا تختلف الباحثة الإسلامية والخبيرة لدى اليونيسكو ورئيسة منتدى المرأة الأوروبية المسلمة، الدكتورة فوزية العشماوي عن ما ذهب إليه السليمي، مشددة على ضرورة أن يحقق المؤتمر أهدافه، وأن يصحح الصورة المشوهة التي ينقلها الإعلام الغربي عن الإسلام.
وعرجت العشماوي، في حديثها إلى «عكاظ»، على هامش المؤتمر، أبرز التحديات التي يواجهها المسلمون حتى «نستطيع تجاوز الصورة المشوهة»، لافتة إلى أن ثمة مخاوف من تزايد أعداد المسلمين ومخاوف لدى النساء، خصوصا لما ارتبط به مفهوم الإسلام في أذهان الغرب عن تعطيل مشاركة المرأة وتقييدها، ولابد أن نصحح تلك الادعاءات غير الصحيحة.
فيما ركز رئيس مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون الأقليات في العالم بسويسرا الدكتور طارق الكردي، في حديثه إلى «عكاظ» على هامش المؤتمر، على الصعوبات التي تواجه الأقليات المسلمة. وخلص إلى القول" إن طبيعة التحديات لها بعدان، موضحاً أن البعد الأول وهو التطرف الديني والغلو الفكري.
وأضاف أن البعد الثاني،ما تواجهه من الحملة التي يقودها بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة لتشويه صورة الإسلام، داعياً إلى أن يخرج هذا المؤتمر بتوصيات تعكس ثقافة السلم العالمي.