أكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة الأمريكية يوسف العتيبة أن قطر برهنت على موقفها المتسامح مع التطرف الإسلامي، من خلال اتصال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، بالرئيس الإيراني حسن روحاني؛ ليعرض دعما قطريا موسعا على صعيد التعاون في مجال النقل البحري، إلى جانب تقديم حزمة من الاستثمارات، وعقود البناء.
وأشار العتيبة في مقاله المنشور اليوم (الأربعاء) في صحيفة الواشنطن بوست إلى تقديم إيران للحوثيين معدات وتقنيات عسكرية متطورة تعد ضمن أكثر ما حصل عليه طرف غير حكومي في العالم، لافتاً إلى أن الترسانة الحوثية تشمل على صواريخ مضادة للسفن ومراكب مفخخة توجه عن بعد، ويتم إطلاقها على السفن البحرية وناقلات النفط التجارية إلى جانب المئات من الصواريخ الباليستية والصواريخ والطائرات بدون طيار المسلحة التي تستهدف المدن والمدنيين في المملكة العربية السعودية، فضلا عن أكثر من نصف مليون لغم أرضي وعبوات ناسفة بدائية الصنع وضعت بشكل عشوائي وتتسبب في عواقب مدمرة للشعب اليمني، في إلى نص المقال:
خلال الشهر الماضي، تم التأكد من أن إبراهيم العسيري، صانع القنابل الرئيسي في تنظيم القاعدة، قد قُتل في غارة جوية في اليمن. كان العسيري المخطط الرئيسي للهجمات ضد عدد من الأهداف الدولية والأمريكية، بما في ذلك مؤامرة عام 2009 والمعروف صاحبها باسم “مفجر الملابس الداخلية" و الذي حاول إسقاط طائرة ركاب أمريكية. ووفقاً للقائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق مايكل موريل، فإن مقتل العسيري يمثل أهم عملية استهداف إرهابية منذ مقتل أسامة بن لادن.
في تناقض صارخ للموقف القطري، تكافح دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، تماماً كما فعلنا ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان، وحركة الشباب في الصومال والدولة الإسلامية في سوريا
آخر نجاح يُحقق في اليمن ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، تمثل في هذه العملية نتيجة تعاون استخباري وثيق بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. لقد أفضت هذه الحملة المكثفة التي قادتها الإمارات العربية المتحدة على الأرض إلى مقتل أكثر من ألفي متشدد وأزالتهم من ساحة المعركة، بالإضافة إلى تحسين مستويات الأمن، والمساهمة بفاعلية في توصيل المساعدات الإنسانية والإنمائية إلى مدينة المكلا الساحلية وغيرها من المناطق المحررة.
قبل ثلاث سنوات فقط، كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يسيطر على اليمن، حيث كان قد استولى على ثلث البلاد، وكانت عناصره تمثل مصدر ترهيب كبير لليمنيين، وكانوا يخططون لمزيد من الهجمات ضد الأهداف الأمريكية والدولية. أما اليوم فقد ضعف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ووهنت قوته إلى أقل مستوى له منذ عام 2012، غير أنه للأسف فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لا يمثل التهديد الرئيسي الوحيد في اليمن. فالتهديد الأكبر الآخر يتمثل في إيران وجماعة حزب الله، والحوثيين، الذين يقفون وراء الأزمة الحالية في اليمن.. وقد قام الحوثيون، الذين لا يمثلون أكثر من 5٪ من سكان البلاد، بالانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن خلال الفترة 2014-2015، واستولوا على العاصمة والمدن الكبيرة الأخرى وساحل البحر الأحمر بأكمله. وكان الشعار الرئيسي لهم في كل عملياتهم هو "الموت لأمريكا."
تقدم إيران للحوثيين معدات وتقنيات عسكرية متطورة تعد ضمن أكثر ما حصل عليه طرف غير حكومي في العالم. ووفقا لما تم توثيقه من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والخبراء المستقلين، تشتمل ترسانة الحوثي على صواريخ مضادة للسفن ومراكب مفخخة توجه عن بعد، ويتم إطلاقها على السفن البحرية وناقلات النفط التجارية إلى جانب المئات من الصواريخ الباليستية والصواريخ والطائرات بدون طيار المسلحة التي تستهدف المدن والمدنيين في المملكة العربية السعودية، فضلا عن أكثر من نصف مليون لغم أرضي وعبوات ناسفة بدائية الصنع وضعت بشكل عشوائي وتتسبب في عواقب مدمرة للشعب اليمني.
ومن خلال تفويض من الأمم المتحدة، تحقق الإمارات العربية المتحدة، بوصفها عضوا في التحالف العربي، تقدما كبيرا ضد الحوثيين. لقد تم تحرير أجزاء كبيرة من جنوب اليمن. ويتم تأمين جزء كبير من ساحل البحر الأحمر مع التركيز الآن على الحديدة، آخر ميناء رئيسي تحت سيطرة الحوثي.
لقد أدت تلك الهجمات النوعية إلى تقليل الخطر الذي تتعرض له خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وتمثل ضغطا إضافيا على الحوثيين؛ لإجبارهم على التفاوض، مع الحفاظ على أولوية استمرار تدفق المساعدات الإنسانية.
وفي الوقت الذي تلعب فيه دولة الإمارات العربية المتحدة دورا رائدا في الكفاح ضد التطرف والعدوان، فإن الآخرين يقومون بتمكينه وإطالة أمده. وفي الوقت الذي شددت فيه الولايات المتحدة العقوبات على إيران في الشهر الماضي؛ بسبب تدخلها في اليمن وعبر الشرق الأوسط، برهنت قطر مرة أخرى على موقفها المتسامح مع التطرف الإسلامي. واتصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، بالرئيس الإيراني حسن روحاني؛ ليعرض دعما قطريا موسعا على صعيد التعاون في مجال النقل البحري، إلى جانب تقديم حزمة من الاستثمارات، وعقود البناء.
إن التواطؤ القطري آخذ في التمدد، وكما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في أبريل، فإن قطر دفعت فدية بمئات الملايين من الدولارات مباشرة إلى فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وغيره من المتطرفين لإطلاق سراح أفراد العائلة المالكة المختطفة.
وفي اليمن، قدمت جمعية عيد الخيرية في قطر الملايين من الدولارات لزعيم القاعدة في جزيرة العرب، عبدالوهاب الحميقاني، الذي كان يعمل في السابق بوزارة الشؤون الدينية في قطر. وتمثل شبكة الجزيرة الإعلامية المملوكة للدولة، البوق الإعلامي الأكثر إثارة للتطرف في المنطقة، في حين يتمتع الأشخاص الذين وضعتهم الولايات المتحدة والأمم المتحدة على قائمة الإرهاب بملاذ آمن في الدوحة.
وفي تناقض صارخ للموقف القطري، تكافح دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، تماما كما فعلنا ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان، وحركة الشباب في الصومال والدولة الإسلامية في سوريا.
في الوقت الراهن، يجب أن تكون الأولوية لإنهاء الحرب في اليمن. تعتقد دولة الإمارات العربية المتحدة أن العملية السياسية تقدم الحل الدائم الوحيد، وتؤيد بقوة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث - وهي الجهود التي رفضها الحوثيون قبل أيام قليلة من خلال الغياب عن المحادثات التي كان مقررا لها في جنيف.
إن المخاطر الأمنية في شبه الجزيرة العربية وحولها في تزايد مستمر. الحوثيون متحدون ويمثلون خطرا؛ اعتمادا على شريان الحياة الإيراني. ولا يزال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يشكل تهديداً مستمراً ما دام اليمن قد بقي دون حكومة تبسط الأمن والسلام في الدولة. إن هؤلاء المتمردين الذين لا دولة لهم يروّعون الدول والتجارة العالمية بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار المسلحة التي تزودهم بها إيران. فضلا عما يخرج منهم من انتحاريين قادرين على تفجير طائرات فوق الأراضي الأمريكية.
يعتبر الشرق الأوسط مكانا معقدا وخطيرا، لكن دولة الإمارات العربية المتحدة واضحة تماما بشأن رؤيتها للمنطقة وللشركاء الذين يشاركونها. وفي الوقت الذي يراهن فيه الآخرون على إيران، فإن الإمارات العربية المتحدة تحارب أخطر وكيل لإيران.
وفي حين يقوم الآخرون بتمكين المتطرفين وتشجيعهم، تقف الإمارات مع الولايات المتحدة على خط المواجهة لإلحاق الهزيمة بهم. إنه عمل صعب وخطير، لكن الإمارات والولايات المتحدة والمجتمع الدولي أكثر أمنا بسبب ما يقومون به من جهود في مواجهة هذا التحدي.
نقلا عن "واشنطن بوست"