-A +A
عكاظ (باريس)
هذه باريس، عاصمة النور ووجه أوروبا البهي، تتوشح عباءة البؤس، شاحبة غليظة فظة، إلى حدٍ لم تعد تعرفها تماثيلها ونوافيرُها وساحاتها المعبقة بالحياة.

هذه باريس.. تظللها غمائم التظاهرات وتغرقها غازات الدموع ومشاهد العنف ضد المتظاهرين، لكنه رغم كل ذلك لم يحرك ساكناً المنظمات ووسائل الإعلام التي مانفكت تتشدق بالحقوق الإنسانية وقيم الديموقراطية في الفترة الماضية، مبرهنة على أنها تتعاطى مع الأحداث كيفما يخدم مصالحها وتوجهاتها.


صمت أدعياء الإنسانية والفضائيات التحريضية، وخرس الإعلام الفرنسي بما فيه قنواته ومراسليه العرب، الذين كالوا ومازالوا يكيليون الشتائم والتهم والبكائيات بإسم حرية التعبير والتظاهر السلمي مع كل أزمة في المنطقة العربية.

لتسقط أقنعتهم مرة أخرى، وهم يواصلون الصمت في وقت تحولت احتجاجات «السترات الصفراء» في العاصمة الفرنسية باريس، إلى مواجهات بين المتظاهرين والشرطة، استخدم فيها الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والعنف لتفريق المحتجين الغاضبين من ارتفاع تكاليف الوقود والسياسات الاقتصادية للرئيس إيمانويل ماكرون.

وأظهرت مقاطع فيديو، صورها محتجون ونشروها على حساباتهم الشخصية في تويتر وفيسبوك، النيران مشتعلة في شارع الشانزليزيه الشهير وسط باريس، وبعض مخلفات الغازات المسيلة للدموع، ومشاهد للسحب واستخدام القوة ضد متظاهرين.

وكان قد قتل شخصان وأصيب أكثر من 600 آخرين، السبت الماضي، عندما شارك نحو 300 ألف شخص في أول مظاهرات السترات الصفراء.