-A +A
أ.ف.ب (أنقرة)، «عكاظ» (واشنطن) okaz_policy@
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن وعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالحرية والنمو الاقتصادي تبخرت وذهبت أدراج الرياح. واتهمت في تحقيق مطول أعدته الصحفية المخضرمة كارلوتا غال، مديرة مكتب الصحيفة في إسطنبول، أردوغان بشن حملة قمع كاسحة بعد انقلاب فاشل في عام 2016، فيما تراجع الاقتصاد وانهارت العملة بعد أن تمت إعادة انتخابه بسلطات أكبر، واستشرى وباء المحسوبية والسلطوية وانتشر إلى أعمق مفاصل في إدارته.

ولفتت الصحفية إلى أنه وبحسب إحصاءات الحكومة والمحللين، ينزح الأتراك بأعداد كبيرة، في هجرة للمواهب ورؤوس الأموال، بأسلوب يترجم حالة من فقدان الثقة، على نطاق واسع ومثيرة للقلق، في رؤية أردوغان.


وأضافت غال الصحفية البريطانية الجنسية والحائزة على جائزة «بوليتزر» للصحافة عام 2009، أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لم يقتصر الفرار من تركيا على الطلاب والأكاديميين فحسب، بل شمل رجال الأعمال وآلاف الأفراد الأثرياء، الذين يبيعون ممتلكاتهم وينقلون عائلاتهم وأموالهم إلى الخارج. وهاجر أكثر من ربع مليون تركي في عام 2017 بزيادة قدرها 42% عن عام 2016، الذي شهد هجرة نحو 178,000 مواطن تركي، وفقاً للمعهد التركي للإحصاء،

وحذر مدير الدراسات متعددة الجنسيات في جامعة «ريجنت» في لندن، إبراهيم سيركجي، من أن الموجة الأخيرة من النزوح تبدو وكأنها إعادة ترتيب أكثر ديمومة للمجتمع، وتهدد بتراجع تركيا عشرات السنوات إلى الوراء، مؤكدا أنها حالة حقيقية لـ«هجرة العقول». وعزا هجرة المواطنين والمواهب ورؤوس الأموال إلى تزايد حالة اليأس من إمكان القدرة على البقاء في تركيا والتعايش مع وتحت وطأة نظام أردوغان، والخوف من الاضطهاد السياسي والإرهاب وانعدام الثقة في النظام القضائي وتعسف الأحكام وتدهور مناخ سوق الأعمال، الذي سادت فيه المخاوف من أن أردوغان يتلاعب بشكل غير مباشر بإدارة الاقتصاد لمصالحه الشخصية ومصالح دائرة ضيقة من أعوانه. وقدر سيركجي أن نحو 10 آلاف تركي استفادوا من مزايا تأشيرات العمل للانتقال إلى بريطانيا في السنوات القليلة الماضية، مع حدوث قفزة حادة في عدد الطلبات منذ بداية عام 2016، التي وصلت إلى ضعف عدد الطلبات التي تم تقديمها في الفترة من 2004 إلى 2015. وأضاف أن طلبات المواطنين الأتراك للحصول على اللجوء السياسي قفزت 3 أضعاف في بريطانيا في الأشهر الستة التي تلت المحاولة الانقلابية، و6 أضعاف بين الأتراك المتقدمين بطلب اللجوء في ألمانيا، وفقاً للبيانات الإحصائية والأرقام الصادرة عن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. كما قفز عدد الأتراك المتقدمين لطلب اللجوء في جميع أنحاء العالم من نحو 10 آلاف إلى أكثر من 33 ألفا في عام 2017. ولفت إلى أن ما لا يقل عن 12 ألفا من أصحاب الملايين في تركيا، بما يعادل نحو 12% من طبقة الأثرياء الأتراك، نقلوا أصول ثرواتهم المالية إلى الخارج في عامي 2016 و2017، وفقاً لتقرير الهجرة العالمي، وهو تقرير سنوي صادر عن البنك الأفريقي-الآسيوي. وذكر التقرير أن معظم الأثرياء الأتراك انتقلوا إلى أوروبا أو الإمارات العربية المتحدة. وتم إدراج إسطنبول، التي تعد أكبر مركز تجاري في تركيا، على رأس قائمة أكثر 7 مدن في جميع أنحاء العالم تعاني من نزوح جماعي للأثرياء.

وحذر إيلكير بيربيل، وهو عالم رياضيات، من أن تركيا تفقد مواطنيها بشكل دائم. وقال «إن الناس الذين يغادرون لا يريدون العودة، وهذا يثير القلق بشأن مستقبل تركيا». وأضاف مؤسس جامعة MEF في إسطنبول، إرهان إركوت، أن الطلاب يعانون من حالة يأس في حدوث تغيير.

من جهة أخرى، واصلت الشرطة التركية أمس (الجمعة) مسلسل الاعتقالات العشوائية بالقبض على 137 شخصا، بينهم عسكريون، بزعم ارتباطهم بمجموعة تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشل في 2016.

وأصدرت النيابة في إسطنبول وقونيا وأنقرة مذكرات توقيف بحق 137 شخصا في إطار تحقيقات مختلفة بشأن أتباع فتح الله غولن، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول وقناة «إن تي في». وشملت عمليات الدهم أكثر من 30 محافظة بينها أنقرة حيث أصدرت النيابة العامة مذكرات اعتقال بحق 35 ضابط صف في البحرية بينهم 10 لا يزالون في الخدمة. وتم توقيف عشرات الآلاف للاشتباه بارتباطهم بغولن منذ عام 2016، بينما أقيل أكثر من 100 ألف من وظائفهم أو منعوا من العمل في القطاع العام.