-A +A
رويترز (واشنطن)
بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في خطاب «حالة الاتحاد» متناقضا إلى حد كبير، فدعوته للوحدة وتجاوز الانقسامات تصطدم بحمل الديموقراطيين على دعم برنامج سياساته والتوقف عن التفتيش في خبايا إدارته. ورغم كل ما ردده عن معالجة «الجروح القديمة» واتباع مبادرات تجمع الحزبين الرئيسيين، إلا أنه استعرض الأفكار نفسها التي رددها من قبل، ويتوقع أن تتصدر حملة إعادة انتخابه في 2020، المتمثلة في التشدد في مسألة الهجرة والأمن الحدودي، الارتياب الشديد في الاتفاقات التجارية، ورفع شعار «أمريكا أولا» في السياسة الخارجية.

أيضا جاء التناقض في تحذيره الشديد للديموقراطيين من أمثال بيلوسي، الذين قالوا إنهم سيواصلون محاسبة إدارته، وكانت فحوى رسالته: تراجعو وإلا فلن أتعامل معكم، إذ قال ترمب: «إذا كان للسلام والتشريع أن يتحققا فلا يمكن أن تكون هناك حرب وتحقيقات. الأمور لا تتم بهذه الطريقة». وعند الحديث عن الاقتصاد الأمريكي النابض بالحيوية ألمح إلى أنه سيسارع إلى تحميل الديموقراطيين مسؤولية أي تباطؤ في وتيرته.


وقال الخبير في الرأي العام بجامعة فاندربيلت جون جير: «ما من سبب يدعو للاعتقاد بأنه يريد الوحدة. فهو ينجح من خلال التشرذم. ربما يدعو للتعاون لكن سلوكه السابق يشير إلى غير ذلك». فيما رأى مراقبون أن التنافر بين كلمات ترمب والواقع السياسي بدا هذه المرة أكثر وضوحا من أي وقت مضى، إذ للمرة الأولى جلس عضو في الحزب الديموقراطي خلفه في مجلس النواب، متمثلا في رئيسة المجلس نانسي بيلوسي، وخاطب الكونغرس الذي يتقاسم فيه الديموقراطيون السلطات مع الجمهوريين.

وقبل عام واحد وجه ترمب نداء مماثلا للتعاون مع الديموقراطيين لينتهي العام بانتخابات مني فيها الجمهوريون بخسائر وخلاف شديد حول القاضي بريت كافانو المرشح للمحكمة العليا وأخيرا بإغلاق مؤسسات حكومية 35 يوما.

وأوحى الخطاب بأن ترمب كان يشير لأشد أنصاره حماسة أنه لن يتهاون في القضايا التي تهمهم أكثر من غيرها رغم أنه ردد أهدافا سامية يتفق عليها الحزبان مثل مكافحة فيروس ومرض «الإيدز» وسرطان الأطفال.

وقال الخبير الإستراتيجي رون بونجين: «رغم كثرة اللحظات التي تتضمن دعوة للتوحيد فقد خصص الرئيس وقتا لاستمالة قاعدة مؤيديه في قضايا يختلف عليها الحزبان مثل التحقيقات والهجرة والإجهاض». وأضاف: «لم يتغير شيء بعد خطاب ترمب لأن الجانبين متمترسان ببساطة لدرجة لا تتيح التوصل لأي تشريع رئيسي متفق عليه».

ورغم إغلاق الحكومة الجزئي الذي استمر شهرا وأضر به سياسيا، لم يبد ترمب أي ميل للتراجع عن مطلبه بتخصيص مبلغ يتجاوز 5 مليارات دولار لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، بل لجأ إلى استخدام عبارات بلاغية، فحذر من «هجوم» المهاجرين من أمريكا الوسطى بأعداد كبيرة، ووصف الحدود بأنها في حالة فوضى، وردد أن أمريكيين «لا حصر لهم» قتلوا على أيدي مهاجرين غير شرعيين.