رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان
-A +A
ترجمة: حسن باسويد (جدة) baswaid@
سلط تقرير أعده موقع «عين أوروبية على التطرف» الضوء على مؤشرات قال إنها قد توحي بأن أنقرة ستعيد النظر في علاقاتها مع «جماعة الإخوان المسلمين» الإرهابية، ولاسيما بعد ترحيل الإخواني المصري محمد عبدالحفيظ إلى القاهرة في 17 يناير الماضي، وهو أحد المتورطين في اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات، إضافة إلى التفاهم الأخير بين تركيا وسورية.

وحسب التقرير، الذي اطلعت عليه «عكاظ»، فإن ثمة عدة عوامل تدفع أنقرة إلى إعادة النظر في علاقاتها مع الجماعة الإرهابية «التي يبدو أن تركيا باتت تراها ثقلا عليها تسبب العديد من الخسائر السياسية والاقتصادية».

التحالف وطوق النجاة

وأشار التقرير إلى أنه منذ ظهور الربيع العربي في 2011، أصبحت تركيا تدريجيا المركز الإقليمي للمنظمة الدولية لـ«الإخوان المسلمين»، التي تشمل الفرعين المصري والسوري، إذ استضافت تركيا العديد من قادة التنظيم الإرهابي بعد ثورة 30 يونيو في مصر، التي لفظت «الإخونج»، وأيضاً منذ بداية اندلاع الأزمة السورية في 2011.


وأوضح التقرير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان دائما نصيراً لـ«الإخونج»، خصوصا في مصر، إذ قام المستشارون الأتراك بتوجيه التنظيم الإرهابي حول كيفية التعامل مع العملية السياسية أثناء مشاركتهم المبكرة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية عقب 25 يناير 2011، وحتى الانتفاضة الشعبية ضد حكم محمد مرسي في 2013، وأضاف التقرير أنه وبعد ثورة 30 يونيو في مصر، استضافت تركيا العديد من اجتماعات «الإخوان» التي ركزت على الإجراءات التي ينبغي اتخاذها للإطاحة بالحكومة المنتخبة للرئيس عبدالفتاح السيسي. وفي 17 يناير الماضي، رحلت تركيا الإخواني المصري محمد عبدالحفيظ إلى القاهرة، عقب وصوله إلى مطار أتاتورك في إسطنبول الشهر الماضي، والشاب «الإخونجي» صدر بحقه حكم بالإعدام غيابيا في يوليو 2017 بتهمة المشاركة في جريمة اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات. ورأى التقرير أنه ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار «أن هذا التطور جاء بعد أن ألقت السلطات المصرية القبض على 54 من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية في يناير الماضي، لتحريضهم على الفوضى والتخطيط لشن هجمات إرهابية خلال الذكري السنوية لـ25 يناير. وكشفت السلطات المصرية أن الجماعة كانت تعمل بتوجيه من قبل زعيم الإخوان الذي يقطن في تركيا، ما يوحي أن أنقرة متورطة في محاولة تلك الجماعة إثارة الاضطرابات في مصر. وأشارت إلى أن ترحيل عبدالحفيظ قد يعني أن أنقرة أدركت أن دعم الجماعة الإرهابية لا يحقق لها النتائج التي تصب في مصلحتها حالياً، وهذا قد يفتح الطريق أمام تغيير سياستها الداعمة لهذه الجماعة الإرهابية.

التقارب التركي ـ السوري

ودعمت أنقرة منذ اليوم الأول فرع التنظيم الإرهابي في سورية، وفتحت الحدود الشاسعة لهم، كما قدمت دعماً عسكرياً وسياسياً على حساب الأحزاب الوطنية السورية المعارضة. ومع إظهار أنقرة تغير موقفها من النظام السوري، عقب تصريح وزير خارجيتها جاويش مولود أوغلو في ديسمبر 2018، بأن أنقرة قد تدرس العمل مع بشار الأسد إذا فاز في انتخابات ديموقراطية، طفت اتصالات ثلاثية بين أنقرة وطهران والأسد. ومع اعتراف أنقرة، مطلع فبراير الجاري أن أجهزتها الاستخبارية كانت لديها اتصالات مباشرة مع نظرائها السوريين، وتزامنت هذه التصريحات مع تطور آخر في 26 يناير 2019، عندما حثت وزارة الخارجية لنظام الأسد أنقرة على سحب قواتها من شمال سورية ووقف دعمها لجماعات المعارضة المسلحة مقابل إحياء «بروتوكول أضنة»، الذي تم التوقيع عليه في أكتوبر 1998، تلوح في الأفق نافذة جديدة قد يقذف أردوغان «إخونج سورية» من خلالها إلى خارج بلاده.

وتمثل التطورات -بحسب التقرير- دلالة واضحة على أن تركيا مستعدة للنظر في قطع علاقاتها مع المنظمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، فضلا عن الحد من أنشطة جماعة الإخوان السوريين في أراضيها.

رهانات فاشلة

ويبدو أن أنقرة اقتربت من إدراك حقيقة فشل رهاناتها في سياساتها الخارجية، إذ إن سياستها الخارجية الإقليمية في أعقاب الربيع العربي كانت داعمة لجماعات الإخوان الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة، ولاسيما في مصر وسورية، في محاولة لتحقيق هيمنة إقليمية من خلالها، كما يشير التقرير. ومع ذلك، فشلت الجهود التركية في هذا الصدد وحققت إخفاقاً ذريعاً في كلا البلدين، إذ أضعفت قوات الأمن المصرية الجماعات الإرهابية التابعة للإخوان المسلمين، مثل حركة حسم وجماعة لواء الثورة، علاوة على ذلك، أضافت كل من الولايات الأمريكية وبريطانيا المجموعتين إلى قائمتيهما الخاصتين بالمنظمات الإرهابية، كما دعمتا بشكل ضمني الحملة التي تشنها مصر على الإرهابيين المرتبطين بالجماعة المحظورة.