-A +A
«عكاظ» (شرم الشيخ)
وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ بالتاريخية، ليس فقط لأنها القمة الأولى التي تجمع القادة والزعماء العرب والأوروبيين، ولكن أيضًا لأهمية الموضوعات التي جرى تناولها خلالها، والنقاش الصريح والبناء والمثمر الذي تحقق على مدار يومين.

وقال الرئيس السيسي في كلمته خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد في ختام فعاليات القمة العربية الأوروبية الأولى: إن المناخ الذي جرت فيه المشاورات أسهم في إحداث تقارب في وجهات النظر تجاه القضايا المطروحة، كما أتاحت جلسة اليوم الثاني للقمة فرصة ممتازة للقادة والزعماء من الجانبين للتفاعل وتبادل وجهات النظر بصورة مباشرة، مما كان له أطيب الآثار في بناء علاقات جديدة بين القادة من جهة، وتعزيز أواصر العلاقات القائمة بالفعل من جهة أخرى.


وأضاف: «لقد قام الزعماء العرب والقادة العرب خلال أعمال القمة بطرح وجهات نظرهم بكل وضوح وبصراحة بشأن أهم القضايا التي تمثل أولوية بالنسبة لنا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى المركزية، وسبل المواجهة الشاملة للإرهاب والضرورة القصوى للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمات المتعددة التي تشهدها المنطقة، وكل ذلك بهدف تعزيز الاستقرار في محيطنا الجغرافي المشترك».

وأكد الرئيس المصري أنه تم خلال جميع لقاءات القمة تأكيد أهمية وأولوية تعزيز التعاون المشترك ليس فقط تجاه تلك القضايا ولكن كذلك بهدف البناء على علاقات التعاون العربي الأوروبي في مختلف المجالات الاجتماعية وغيرها، وقد عكس الإعلان الصادر عن القمة الأرضية المشتركة الكبيرة بين الجانبين تجاه مختلف القضايا المذكورة.

من جانبه، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك: إن هناك تحديات خطيرة ممثلة في مواجهة الإرهاب، ومكافحة تغيير المناخ، وعمليات النزوح بأعداد ضخمة، وضمان التنمية المستدامة، يتعين التعاون بصددها، مؤكدًا ضرورة العمل المشترك لحل هذه القضايا.

وأشار توسك إلى أن الحلول متعددة الأطراف هي أفضل السبل للتصدي للتهديدات التي يتعرض لها الأمن والسلام الدوليين.

وأعرب عن سعادته إزاء تجديد الاتحاد الأوروبي الالتزام - في الإعلان الختامي - بقانون حقوق الإنسان، مؤكدًا استعداد الاتحاد الأوروبي لتطوير مشروعات مشتركة تغطي الأمن والطاقة والسياحة والتجارة التي تشجع الاستثمارات والنمو المستدام الذي تصبو إليه الشعوب العربية والأوروبية.

وأشار إلى اتفاق القادة على التعاون والتنسيق في عدد من القضايا الخاصة بالأمن والحدود، ومعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، وتعزيز الجهود للتصدي لتحركات الإرهابيين عبر الحدود.

من جهته، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الرغبة في المزيد من التفاعل بين العالم العربي والأوروبي، داعيًا إلى ضرورة التغلب على الخلافات المختلفة، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والنظر للغد بصورة متفائلة.

وقال: «إن التعاون بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لا يبدأ اليوم، ولكنها علاقات تاريخية تمتد طويلَا عبر التاريخ»، مشيرًا إلى أن هناك 49 دولة شاركت أمس واليوم في القمة من الجانب الأوروبي والعربي، مما يدل على الدور الذي تقوم به تلك الدول في هذا المؤتمر.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعم فلسطين بأربعة مليارات دولار، وكذلك يدعم سوريا، وقضية اللاجئين، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي يحشد الأموال لدعم كل هذه المشكلات.

وقال إنه في عام 2017 وصلنا إلى معدل جيد للتبادل التجاري رغم كل التحديات، فلقد ارتفعت المعدلات إلى أكثر من 4 مليارات، كما أن هناك الكثير من الطلبة يدرسون في أوروبا، فلدينا 7 آلاف منهم.

من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال المؤتمر الصحفي: إن القمة العربية الأوروبية الأولى المنعقدة بمدينة شرم الشيخ استثنائية غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن القمة تناولت كافة المسائل والموضوعات المطروحة، كما أن الموضوعات التي طرحت في غاية الأهمية والصراحة وتعكس توافق رؤى مشتركة وأمل مشترك للمستقبل.

وأعرب عن أمله في أن تحمل السنوات الثلاث القادمة هذا القدر من التعاون القوي في المجالات السياسية والاقتصادية كافة وصولًا إلى القمة القادمة في بروكسل في عام 2022.

ورداً على أسئلة الصحفيين قال الرئيس المصري إن قضية الإرهاب تأثيرها مدمر وواسع على أمن واستقرار المنطقة بالكامل وليس المنطقة العربية فقط، مشيرًا إلى أن القناعات بدأت تتزايد بأهمية وجود آلية عمل مشتركة للتعامل مع هذه القضية بشكل متكامل بين الدول العربية والأوروبية الراغبة في مكافحة الإرهاب بكافة صوره.

ورداً على سؤال بشأن ملف حقوق الإنسان في القمة، قال الرئيس السيسي: «إن القمة العربية الأوروبية منصة جديدة للتعاون والتنسيق والتشاور والحوار ونحن نمثل ثقافتين مختلفتين»، مضيفاً «إن الأولوية في أوروبا تتمثل في تحقيق الرفاهية لشعوبها، أما الأولوية في بلادنا هي حمايتها من السقوط ومنعها من الانهيار على نحو ما حدث في دول مجاورة لنا».

وأكد أنه رغم اختلاف هذه الثقافات إلا أن هناك قواسم مشتركة، قائلا: «إنه لا يمكن إغفال ما يحدث في المنطقة العربية من تداعيات ضاربًا المثل بالواقع المصري الذي كان ممكنًا أن يكون مماثلًا لما حدث في دول مجاورة».

وفي معرض تعليقه على عقوبة الإعدام وحقوق الإنسان دعا الرئيس المصري الدول الأوروبية إلى ضرورة احترام ومراعاة وتفهم ثقافة وقيم وأخلاقيات المنطقة العربية كما يحترم العرب ثقافاتهم وقيمهم.

وقال: «إن إلغاء عقوبة الإعدام هو أمر مناسب لثقافتكم وعليكم ألا تعلموننا ما يجب عمله في هذا الشأن، فلدينا قيمنا وإنسانياتنا وأخلاقياتنا، نرجوكم احترامها كما أننا نحترم أخلاقياتكم وثقافاتكم».

من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط تعليقًا على ملف حقوق الإنسان أن ما دار في الاجتماعات هو تعبير عن اهتمامات الجانب العربي والأوروبي بفلسفة ومفاهيم حقوق الإنسان، ولم يتطرق أحد بالتحديد إلى ممارسات هذه الدولة أو تلك.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: «تحدثنا خلال النقاشات عن حقوق الإنسان وبعض المشكلات»، وفي نفس الصدد، قال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك: «تحت أي ظرف من الظروف لن نتنازل عن الحرية والديمقراطية، معربًا عن إصراره على أن يتضمن إعلان القمة التزام مشترك من الجانبين بجوانب قانون حقوق الإنسان الدولي كافة».