-A +A
«عكاظ» (إسطنبول)okaz_policy@
لا يبدو الاتفاق الأمريكي- التركي حول المنطقة الآمنة مكتملا من الناحية العملية، خصوصا أن الطرفين الأمريكي والتركي تجاهلا تفاصيل هذه المنطقة؛ من حيث عمقها، إدارتها، وطبيعة انتشار كل الأطراف في هذه المنطقة، وهذا ما يعكس هشاشة الاتفاق على الشريط الحدود التركي- السوري.

كان الهاجس الأمريكي منع أي تدخل عسكري تركي ضد قوات سورية الديموقراطية في شرق الفرات والتأكيد على حماية الحلفاء الأكراد من أي عملية تركية قد تؤجج الأوضاع في شرق الفرات، وفقا لهذا المعيار يمكن القول إن واشنطن نجحت في منع هذا التدخل العسكري، لكن لم تحسم مصير المنطقة الآمنة حتى الآن.


يعرف الخصوم أهداف بعضهم الآخر، فتركيا ليست مقتنعة تماما بإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع الجانب الأمريكي، ووضعت محددات لنجاح هذا الاتفاق بالتذكير باتفاق منبج العام الماضي، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو «إن بلاده لن تسمح بأن يكون اتفاق المنطقة الآمنة مع واشنطن مثل اتفاق خارطة طريق منبج»، مؤكدا أن الاتفاق بداية جديدة للغاية، وتركيا لن تسمح بالمماطلة في إقامة المنطقة الآمنة على غرار ما حدث في خارطة طريق منبج، مشيراً إلى أن لدى تركيا بديلاً آخر، وهو تنفيذ العملية بمفردها.

أما قوات سورية الديموقراطية (قسد)، فقد قالت عبر أكثر من مسؤول عسكري إنها لن تكون خارج التفاهمات الأمريكية التركية، بل ربما ستكون هناك مفاوضات مباشرة لاحقا مع الجانب التركي، كي لا تكون خارج اللعبة.

وتخشى (قسد) في أية لحظة تغير الموقف الدولي كما حدث في عفرين، ما يعني أنها ستكون وجها لوجه أمام الجيش التركي وفصائل درع الفرات التي تستعد منذ ما يقارب شهر للهجوم على مواقع (قسد) في شرق الفرات.

غياب التفاصيل عن طبيعة المنطقة الآمنة، يعني أن المفاوضات الأمريكية التركية الأخيرة هي مرحلة مؤقتة وليست نهائية، على أن يتم الحديث في التفاصيل في وقت لاحق.

وقد عبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» «شون روبرتسون» عن ذلك، بالقول: إن الولايات المتحدة ستستحدث آلية أمنية مع تركيا تدخل حيز التنفيذ تدريجيا، ما يعني أن هناك جولات قادمة بين الطرفين.

بطبيعة الحال؛ لن تطمئن (قسد) لهذا الاتفاق الغائم والخالي من الحسم ووضع النقاط على الحروف، أما تركيا فلا تخفي أنها عازمة على القيام بعمل عسكري، بغض النظر عن مخاطر هذا العمل والمواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية، إلا أن المحصلة أن الخصوم ليسوا في حالة ارتياح مما جرى وسيكون هناك تفاصيل أمريكية- تركية قادمة في العمل على إنشاء هذه المنطقة.