أسماء عبدالله
أسماء عبدالله
-A +A
فهيم الحامد (جدة) falhamid2@
لم تكن أسماء عبدالله تعلم أن الرئيس «المقتلع» عمر البشير الذي فصلها من وزارة الخارجية سيراها من السجن وهي تتقلد منصب أول وزيرة لخارجية السودان في حكومة عبدالله حمدوك الجديدة، وستكون أول سيدة في هذا المنصب في تاريخ السودان لتصبح على رأس الدبلوماسية السودانية. أسماء دبلوماسية محترفة كانت تعمل في السفارة السودانية في النرويج ضمن السلك الدبلوماسي في الثمانينات من القرن الماضي، قبل أن يتم فصلها وهي من أﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻚ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‘ إذ كانت أﻭﻝ من تلتحق ﺑﺎﻟﻮﺯﺍﺭﺓ، وهكذا ﺗﺪﺭﺟﺖ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﺍﻟﺴﻠﻢ إلى ﺃﻋﻼﻩ ﺧﻼﻝ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻗﺒﻞ إبعادها في بدايات تولي ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻢ.

ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺗﺪﺭﺟﺖ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ‏«ﻭﺯﻳﺮ ﻣﻔﻮﺽ‏»، ﻭﻋﻤﻠﺖ ﻧﺎﺋﺒﺔ ﻣﺪﻳﺮ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻷمريكتين في ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﺛﻢ ﻋﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺳﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺮﻭﻳﺞ. ﻭﺣﻴﻦ ﻋﺰﻓﺖ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻌﻠﻨﺔً ﻋﻦ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ 1989 وﺳﻦَّ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻴﻦ، ﻭﺃﻃﻠق ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺳﻤﺎً ﺗﺮﺍﺛﻴﺎً ‏«ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ‏»، ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳُﺸﺘﺒﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺻﺮ ﻟلحكم الجديد، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮﺓ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺳﻴﺎﺳﺔ ‏«ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ‏»، ﻭﺃُﺑﻌﺪﺕ ﻣﻦ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻗﺎﻧﻮﻥ ‏«ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻟﻠﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺎﻡ‏».


ولدت أﺳﻤﺎﺀ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ في أحد أﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻟﻘديمة وﺍﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﺒﻴﻠﻲ؛ ﻛأﻭﻝ ﺳﻴﺪﺗﻴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻠﻚ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﻓﻲ عاﻡ 1971، ﻭﻋﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺎﺕ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻮﻛﻬﻮﻟﻢ ﻭﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍلإﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺕ في اﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﺯﻣنية ﺛﻢ ﻋﺎﺩﺕ ﻟﻠﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻓﺘﺤﺖ ﻣﻜﺘبا ﻟﻠﺘﺮﺟﻤﺔ.

وقد ﺗﻀﺎﺭﺑﺖ ﺍلأﻧﺒﺎﺀ ﺣﻮﻝ ﺍﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، إذ ذكرت ﺟﺮﻳﺪﺓ «ﺍﻻﻧﺘﺒﺎهة» أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ، إلا أن كثيراً من المراقبين اعتبروا أن اختيار أسماء عبدالله لتولي حقيبة الخارجية، التي تعتبر واحدة من أكثر الحقائب الوزارية أهمية في الفترة الانتقالية في السودان، قرار غير عادي في الظروف الصعبة التي يمر بها السودان، معتبرين أن رفع اسم السودان من قوائم الإرهاب، سيكون من أبزر التحديات التي ستواجهها خارجياً. أسماء فصلها البشير وهو الآن قابع في السجن.. وأعادها حمدوك القادم لقيادة التغيير.. أسماء تعيد تموضع السودان الجديد في العالم المتغير.