-A +A
خالد الجارالله (جدة)
ما إن يلتم السعوديون حول مائدة إفطارهم الرمضاني، إلا ويجيء صوت الراحل أحمد حريري رقراقاً في جدوال أفئدتهم، وهو يجسد بتعليقه فرحة الصائمين الذين يتحينون لحظة الفطر، أو الذين توافدوا إلى البيت المشرف في المسجد الحرام لأداء الصلوات أو العمرة، كان يملئ على مسامعهم ما يشاهده من لحظات إيمانية للمعتمرين والصائمين، يسبغ قلوبهم بالآيات والأحاديث مصاحباً النقل المباشر قبل وبعد الصلوات بصوته الفخم، الذي مازال يهز وجدان الكثيرين حتى بعد رحيله وأفول نجمه منذ عامين.

لسنوات طويلة كان قنديل المذيع أحمد حريري يشع ضياءً في الشاشة الفضية، دون أن يبصر الكثيرون ملامحه بعد أن فاق صوته وضوح صورته، أجاد بشهادة الذين عاصروه استنباط ما يشجي النياط ويستفز العواطف، شكل له مدرسة خاصة في توصيف المشاهد الإيمانية في المناسبات المختلفة بين شهر رمضان المبارك والعيدين والنقل المباشر من المشاعر المقدسة في الحج. ويعد الراحل الحريري من الرعيل الأول للإعلام السعودي، ارتبط بالإذاعة السعودية قبل نصف قرن، وتحديداً حين التحق بها العام 1963، ولمع نجمه من خلالها حين قدم عددا من البرامج الناجحة مثل (في الطريق) و(ما يطلبه المستمعون) و(قضية وحوار)، وبرامج أخرى متعددة بينها الدينية والمنوعة ونشرات الأخبار، ويعد من جيل الإذاعة الأول عاصر عدداً من العمالقة من الإعلاميين والشعراء والنجوم في مقدمتهم عباس فائق غزاوي وطاهر زمخشري وآخرون، وظل فيها زهاء الخمسة عقود حتى توفي في عام 1439هـ عن عمر ناهز 73 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، حيث ووري جثمانه الثرى في مكة المكرمة بعد الصلاة عليه في المسجد الحرام.