كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية وفطرتهم، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع بزوغ نجم الدين الإسلامي واتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فأصبحت جزءاً من المجتمع العربي، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يداخلها ويخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومنهم: أبو الحسن علي بن عيسى بن عبد الله الرمّانيّ ويلقب بالورّاق والإخشيدي، ولد في بغداد سنة 296 هـ وتوفي بها سنة 384 هـ ، كان من كبار النحاة، متبحراً في علوم اللغة والكلام، وقيل عنه إنه في أسلوبه كان يمزج النحو بالمنطق، ومن مآثره: الحروف، والألِفات، الإيجاز، المبتدأ والخبر، المخزومات، التصريف، وغيرها عشرات الكتب التي قاربت المئة كما جاءت به الروايات عنه.