الشعر عند العرب لم يكن قولاً عابراً، بل كان فضاءً واسعاً يعبر فيه العربيّ عن أحاسيسه، فيرسمها في لوحة رسامٍ، كأن من يقرأها أو يسمع بها، يعيش تفاصيلها، تملؤها الحكمة الأخّاذة، والأخلاق السامية الرفيعة، يعتز به أهله ويفتخرون بكل ما فيه، وإن شابته بعض الشوائب لا تعكر صفوه الجميل، ومن الشعراء لبيد بن ربيعة وهو لبيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري، من عامر بن صعصعة من هوازن، أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية، من أهل نجد، أدرك الإسلام فأسلم ويعدُّ من الصحابة الأجلاء ومن المؤلفة قلوبهم، أبوه ربيعة بن مالك، ويكنى بربيعة المقترين كنايةً عن كرمه، وعمّه ملاعب الأسنة المشهور بشجاعته، قيل إن لبيد ترك الشعر، فلم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً، هو: ما عاتبَ المرءَ الكريمَ كنفسِه والمرءُ يُصلِحُه الجليسُ الصالحُ
سكن لبيد الكوفة فيما بعد، وقيل إنه عاش ما يزيد على مئة عام. وهو أحد أصحاب المعلقات. ومطلع معلقته:
عفَتِ الديارُ محلّها فمقامها
بمنىً تأبّد غُولها فرِجامها
كان كريماً يقال إنه نذر ألا تهبُّ الصَّبا إلا نحرَ وأطعمَ، جُمع بعض شعره وترجم إلى الألمانية، يقول:
بَلِينا وَما تَبلى النُجومُ الطَوالِعُ
وَتَبقى الجِبالُ بَعدَنا وَالمَصانِعُ
وَقَد كُنتُ في أَكنافِ جارِ مَضِنَّةٍ
فَفارَقَني جارٌ بِأَربَدَ نافِعُ
فَلا جَزِعٌ إِن فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
وَكُلُّ فَتىً يَوماً بِهِ الدَهرُ فاجِعُ
فَلا أَنا يَأتيني طَريفٌ بِفَرحَةٍ
وَلا أَنا مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ جازِعُ
وَما الناسُ إِلّا كَالدِيارِ وَأَهلُها
بِها يَومَ حَلّوها وَغَدواً بَلاقِعُ
وَما المَرءُ إِلّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ
يَحورُ رَماداً بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ
وَما البِرُّ إِلّا مُضمَراتٌ مِنَ التُقى
وَما المالُ إِلّا مُعمَراتٌ وَدائِعُ
وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ
وَلا بُدَّ يَوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمضونَ أَرسالاً وَنَخلُفُ بَعدَهُم
كَما ضَمَّ أُخرى التالِياتِ المُشايِعُ
وَما الناسُ إِلّا عامِلانِ فَعامِلٌ
يُتَبِّرُ ما يَبني وَآخَرَ رافِعُ
فَمِنهُم سَعيدٌ آخِذٌ لِنَصيبِهِ
وَمِنهُم شَقِيٌّ بِالمَعيشَةِ قانِعُ
أَلَيسَ وَرائي إِن تَراخَت مَنِيَّتي
لُزومُ العَصا تُحنى عَلَيها الأَصابِعُ
أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرونِ الَّتي مَضَت
أَدِبُّ كَأَنّي كُلَّما قُمتُ راكِعُ
فَأَصبَحتُ مِثلَ السَيفِ غَيَّرَ جَفنَهُ
تَقادُمُ عَهدَ القَينِ وَالنَصلُ قاطِعُ
فَلا تَبعَدَن إِنَّ المَنِيَّةَ مَوعِدٌ
عَلَيكَ فَدانٍ لِلطُلوعِ وَطالِعُ
أَعاذِلَ ما يُدريكَ إِلّا تَظَنِّيّاً
إِذا اِرتَحَلَ الفِتيانُ مَن هُوَ راجِعُ
تُبَكّي عَلى إِثرِ الشَبابِ الَّذي مَضى
أَلا إِنَّ أَخدانَ الشَبابِ الرَعارِعُ
أَتَجزَعُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ بِالفَتى
وَأَيُّ كَريمٍ لَم تُصِبهُ القَوارِعُ
لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى
وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ
سَلوهُنَّ إِن كَذَّبتُموني مَتى الفَتى
يَذوقُ المَنايا أَو مَتى الغَيثُ واقِعُ
سكن لبيد الكوفة فيما بعد، وقيل إنه عاش ما يزيد على مئة عام. وهو أحد أصحاب المعلقات. ومطلع معلقته:
عفَتِ الديارُ محلّها فمقامها
بمنىً تأبّد غُولها فرِجامها
كان كريماً يقال إنه نذر ألا تهبُّ الصَّبا إلا نحرَ وأطعمَ، جُمع بعض شعره وترجم إلى الألمانية، يقول:
بَلِينا وَما تَبلى النُجومُ الطَوالِعُ
وَتَبقى الجِبالُ بَعدَنا وَالمَصانِعُ
وَقَد كُنتُ في أَكنافِ جارِ مَضِنَّةٍ
فَفارَقَني جارٌ بِأَربَدَ نافِعُ
فَلا جَزِعٌ إِن فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
وَكُلُّ فَتىً يَوماً بِهِ الدَهرُ فاجِعُ
فَلا أَنا يَأتيني طَريفٌ بِفَرحَةٍ
وَلا أَنا مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ جازِعُ
وَما الناسُ إِلّا كَالدِيارِ وَأَهلُها
بِها يَومَ حَلّوها وَغَدواً بَلاقِعُ
وَما المَرءُ إِلّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ
يَحورُ رَماداً بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ
وَما البِرُّ إِلّا مُضمَراتٌ مِنَ التُقى
وَما المالُ إِلّا مُعمَراتٌ وَدائِعُ
وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ
وَلا بُدَّ يَوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمضونَ أَرسالاً وَنَخلُفُ بَعدَهُم
كَما ضَمَّ أُخرى التالِياتِ المُشايِعُ
وَما الناسُ إِلّا عامِلانِ فَعامِلٌ
يُتَبِّرُ ما يَبني وَآخَرَ رافِعُ
فَمِنهُم سَعيدٌ آخِذٌ لِنَصيبِهِ
وَمِنهُم شَقِيٌّ بِالمَعيشَةِ قانِعُ
أَلَيسَ وَرائي إِن تَراخَت مَنِيَّتي
لُزومُ العَصا تُحنى عَلَيها الأَصابِعُ
أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرونِ الَّتي مَضَت
أَدِبُّ كَأَنّي كُلَّما قُمتُ راكِعُ
فَأَصبَحتُ مِثلَ السَيفِ غَيَّرَ جَفنَهُ
تَقادُمُ عَهدَ القَينِ وَالنَصلُ قاطِعُ
فَلا تَبعَدَن إِنَّ المَنِيَّةَ مَوعِدٌ
عَلَيكَ فَدانٍ لِلطُلوعِ وَطالِعُ
أَعاذِلَ ما يُدريكَ إِلّا تَظَنِّيّاً
إِذا اِرتَحَلَ الفِتيانُ مَن هُوَ راجِعُ
تُبَكّي عَلى إِثرِ الشَبابِ الَّذي مَضى
أَلا إِنَّ أَخدانَ الشَبابِ الرَعارِعُ
أَتَجزَعُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ بِالفَتى
وَأَيُّ كَريمٍ لَم تُصِبهُ القَوارِعُ
لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى
وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ
سَلوهُنَّ إِن كَذَّبتُموني مَتى الفَتى
يَذوقُ المَنايا أَو مَتى الغَيثُ واقِعُ