بوستر الفيلم.
بوستر الفيلم.
-A +A
علا الشيخ - ناقدة سينمائية ola_k_alshekh@
ليس غريبا أن يترشح رسميا فيلم (الإيرلندي) للمخرج الأمريكي مارتن سكوسيرزي لنحو 7 جوائز في الأوسكار، فأسماء أبطاله الاستثنائية «روبرت دي نيرو، وآل باتشينو، وجو بيتشي» كفيلة بنجاحه. بينما لم يكن اختيار منتج أمراً سهلاً، إذ استغرق سكوسيرزي سنوات للبحث عن منتج، حتى تبنته «نتفليكس» التي تتعرض لهجوم المهرجانات، فلا أحد ينسى تصريح المخرج الإسباني بيدور المودوفار رئيس لجنة تحكيم «كان» السينمائي في دورته الـ70، حين أعلن عدم دعمه لإنتاجات نتفليكس، رغم حضورها بـ3 أفلام آنذاك.

وبعيدا عن تجاذبات المهرجانات ونتفليكس، فلنقترب أكثر من فيلمنا الذي يمتد لـ3 ساعات ونصف من الدهشة، ما يجعلك تتنقل فيه من خلال شخصية القاتل المأجور فرانك شيران (روبيرت دينيرو)، الذي يعمل لصالح رجل المافيا روسيل بافالينو (جو بيتشي)، لتنتهي معه وقتما يقرر الاعتراف لرجل دين بقتل رئيس اتحاد النقابات العمالية جيمي هوفا الذي كان صديقه المقرب، ما يقلب الأحداث رأسا على عقب. فتركيبة الفيلم تدخلت كملتقى عالم الجريمة، حتى لو كان ثمنها قتل صديق عمرك، ناهيك عن حضور حس الدعاية، ما تكمن معه خطورة بناء علاقة إنسانية مع مجرمين، ما قد يصل إلى قتل أي شخص يختلف مع أهوائك، أو لجني بضعة دولارات.


ولا شك أن تقنية De-aging التي تعمل على تصغير العمر، والتي استخدمها سكوسيرزي لأبطاله، وإعادتهم إلى 20 عاما سابقة، كانت مجازفة أتقنها هذا المخرج كعادته، لدرجة تجعلك تتماهى مع وجوه أبطاله الـ3 حين يعودون شبابا. والأهم أنك تقتنع بأشكالهم ولا تشعر بأي نوع من الغرابة، منذ المشهد الأول الذي يظهر فيه شيران ببيت العجزة قائلاً: «سمعت أنك تطلي المنازل»، وهو عنوان الكتاب الذي بنيت عليه أحداث الفيلم للكاتب تشارلز برانت، ثم تنتقل الأحداث معه وهو يجهز نفسه في رحلة طريق من المفترض أن تنتهي بحضور زفاف مع رفيق دربه بالمافيا ومسؤوله روسيل بافالينو، تتخللها مشاهد تعود للماضي بسلاسة لا تربك المشاهد، بل تجعله جزءا حيا مع الأحداث، بخاصة أن وقائعها في تاريخ ليس ببعيد عن العالم، فأخبار تورط المافيا الإيطالية في أمريكا تصدرت الصفحات الأولى للصحف دون أي رادع، حتى ولو كان جون كينيدي الذي اغتيل واستفادت المافيا، وتحديدا رئيس اتحاد النقابات العمالية جيمي هوفا الوحيد الذي لم يتقبل تنكيس العلم على سطح النقابة. في المقابل هناك ثمة مشاهد تتعلق بعلاقاتهم مع عائلاتهم، وتحديدا علاقة شيران بابنته التي تكتشف تورطه بالدم منذ طفولتها، لتنهي علاقتهما نهائيا في لحظة جديرة بالمشاهدة.

ولن يمر الفيلم دون أن تتعلم منه معنى تلك الصناعة، التي تحاكي تاريخا ترتبط فيه ثقافة المجرم بلذة الدم، خصوصا أن القاتل المأجور شيران ذو تاريخ بالحرب العالمية، لدرجة تجعل ضحاياه يحفرون قبورهم ليقتلهم بكل ما أوتي من لذة.

يذكر أن «الإيرلندي»، قبل عرضه على «نتفليكس»، افتتح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته 41 أخيراً.