ينظر الكثيرون لسمة الكمالية (perfectionism) على أنها من سمات الشخصية المنتجة والعملية. فالساعون لبلوغ الكمال ووضع معايير عالية جداً للأداء، ومن لهم دائماً أهداف سامية بعيدة المنال قد يُنظر لهم على أنهم أشخاص يملكون مفاتيح النجاح، لكن في الحقيقة الكمالية هي سيف ذو حدين. فهي قد تكون المحفز لوصول الشخص لمستوى عالٍ من الإتقان في العمل وتأدية المهام، وقد تكون الكمالية أيضا سببا لاكتساب عادات وأفكار سلبية حتى في بعض الأحيان اضطرابات نفسية واجتماعية قد تضر الشخص وتعطله عن تحقيق أهدافه.
الكمالية هي السعي للظهور بشكل مثالي دائماً وفقاً لمعايير صنعها الشخص لنفسه إيمانا منه بأن الوصول للكمال أمر ممكن، يصاحبها تقييمات نقدية مبالغ فيها للذات ومخاوف من تقييمات الغير.
ويواجه الساعون للكمال المتاعب في حياتهم اليومية عبر عدم قدرتهم على إتمام كثير من المهام الموكلة إليهم ما لم تنجز بشكل مثالي، وتركيزهم المنصب على شكل المنتج النهائي للعمل، مما قد ينتج عنه ضعف في التركيز في مراحل التعليم والإعداد، والاحتياج لوقت أطول لإتمام المهام، والمماطلة والخوف من البداية بعمل ومهمة جديدة خوفاً من عدم المقدرة على إنهائها بشكل مثالي، مما قد ينتج عنه مشاكل في العمل أو إخفاقات في الدراسة.
وقد تؤثر الكمالية سلباً على جميع مناحي الحياة وجوانبها، على المظهر الخارجي من خلال الحرص الشديد على الظهور بشكل مثالي، فمثلا الخروج من المنزل قد يتطلب ساعات في الاستعداد واختيار اللبس المناسب ثم تصفيف الشعر وخلافه من الترتيبات، أو تأدية أي مهمة تتطلب وقتا أطول لإتمامها، وقد تتم المماطلة والتأجيل عند بداية أي مهمة جديدة بسبب الخوف والتشكيك في القدرة على إتمام المهام بالشكل المثالي.
وفي العلاقات مع الآخرين قد يميل الأشخاص الساعون للكمال لوضع معايير مثالية وغير واقعية لعلاقاتهم سواءً مع شريك الحياة أو حتى علاقات الصداقة، وهو ما قد يضر هذه العلاقات ويُفشلها.
أما عند الحديث والكتابة فالكمالية هنا قد تؤدي لنتائج عكسية، فالشخص الذي لا يريد الحديث أو الكتابة إلا بشكل مثالي، قد يتجنب الحديث والكتابة في كثير من الأحيان خوفا من الوقوع في الأخطاء.
وإذا ما عدنا للأسباب التي أدت لنماء الكمالية عند الشخص، فقد يكون أحدها هو الشعور المتكرر بالخوف من عدم قبول الآخرين والإحساس بعدم الأمان أو النقص فيكون السعي للكمالية هو شعور عميق بالخوف من الفشل. الوالدان شديدا الحرص على كل أفعال طفلهما ونتائجه ويقابلان كل نتيجة عمل غير مثالية بالرفض، قد يساهمان من حيث لا يدركان بتكوين كمالية سلبية عند طفلهم. ووجود أحد اضطرابات التعلق بالوالدين في مراحل الطفولة المبكرة قد يؤدي لصعوبات في مراحل لاحقة من العمر منها اهتمام الشخص بنفسه، فبالتالي قد لا يتقبل النتائج حتى لو كانت جيدة ما لم تكن مثالية حسب معاييره.
دراسات عديدة تشير لارتباط الكمالية بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، القلق، الرهاب الاجتماعي وفقدان الشهية العصبي. ولنتذكر أنه ليس كل من حَرص على تحقيق نتائج طموحة في عمله أو دراسته هو بالضرورة لديه سمة الكمالية، فمتى ما كانت الأهداف المنشودة واقعية ولم يتم الوقوع في دوامة المخاوف من تقييمات الآخرين فعندها يكون الشخص أقرب للاجتهاد المحمود.
* طبيب نفسي مستشفى سكانيا الجامعي/السويد Modhayan_ @
الكمالية هي السعي للظهور بشكل مثالي دائماً وفقاً لمعايير صنعها الشخص لنفسه إيمانا منه بأن الوصول للكمال أمر ممكن، يصاحبها تقييمات نقدية مبالغ فيها للذات ومخاوف من تقييمات الغير.
ويواجه الساعون للكمال المتاعب في حياتهم اليومية عبر عدم قدرتهم على إتمام كثير من المهام الموكلة إليهم ما لم تنجز بشكل مثالي، وتركيزهم المنصب على شكل المنتج النهائي للعمل، مما قد ينتج عنه ضعف في التركيز في مراحل التعليم والإعداد، والاحتياج لوقت أطول لإتمام المهام، والمماطلة والخوف من البداية بعمل ومهمة جديدة خوفاً من عدم المقدرة على إنهائها بشكل مثالي، مما قد ينتج عنه مشاكل في العمل أو إخفاقات في الدراسة.
وقد تؤثر الكمالية سلباً على جميع مناحي الحياة وجوانبها، على المظهر الخارجي من خلال الحرص الشديد على الظهور بشكل مثالي، فمثلا الخروج من المنزل قد يتطلب ساعات في الاستعداد واختيار اللبس المناسب ثم تصفيف الشعر وخلافه من الترتيبات، أو تأدية أي مهمة تتطلب وقتا أطول لإتمامها، وقد تتم المماطلة والتأجيل عند بداية أي مهمة جديدة بسبب الخوف والتشكيك في القدرة على إتمام المهام بالشكل المثالي.
وفي العلاقات مع الآخرين قد يميل الأشخاص الساعون للكمال لوضع معايير مثالية وغير واقعية لعلاقاتهم سواءً مع شريك الحياة أو حتى علاقات الصداقة، وهو ما قد يضر هذه العلاقات ويُفشلها.
أما عند الحديث والكتابة فالكمالية هنا قد تؤدي لنتائج عكسية، فالشخص الذي لا يريد الحديث أو الكتابة إلا بشكل مثالي، قد يتجنب الحديث والكتابة في كثير من الأحيان خوفا من الوقوع في الأخطاء.
وإذا ما عدنا للأسباب التي أدت لنماء الكمالية عند الشخص، فقد يكون أحدها هو الشعور المتكرر بالخوف من عدم قبول الآخرين والإحساس بعدم الأمان أو النقص فيكون السعي للكمالية هو شعور عميق بالخوف من الفشل. الوالدان شديدا الحرص على كل أفعال طفلهما ونتائجه ويقابلان كل نتيجة عمل غير مثالية بالرفض، قد يساهمان من حيث لا يدركان بتكوين كمالية سلبية عند طفلهم. ووجود أحد اضطرابات التعلق بالوالدين في مراحل الطفولة المبكرة قد يؤدي لصعوبات في مراحل لاحقة من العمر منها اهتمام الشخص بنفسه، فبالتالي قد لا يتقبل النتائج حتى لو كانت جيدة ما لم تكن مثالية حسب معاييره.
دراسات عديدة تشير لارتباط الكمالية بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، القلق، الرهاب الاجتماعي وفقدان الشهية العصبي. ولنتذكر أنه ليس كل من حَرص على تحقيق نتائج طموحة في عمله أو دراسته هو بالضرورة لديه سمة الكمالية، فمتى ما كانت الأهداف المنشودة واقعية ولم يتم الوقوع في دوامة المخاوف من تقييمات الآخرين فعندها يكون الشخص أقرب للاجتهاد المحمود.
* طبيب نفسي مستشفى سكانيا الجامعي/السويد Modhayan_ @