عرفتُ الكاتب والإعلامي والأديب والمثقف السعودي المرحوم محمد صلاح الدين الدندراوي من خلال مقالاته في صحيفة «الندوة» المكية وأنا طالب في المرحلة الابتدائية بمدينة الخبر. إذ كانت أعداد الصحيفة تصلنا في مكتبة المدرسة متأخرة عن موعد صدورها بيومين أو ثلاثة مثل بقية الصحف الصادرة في الحجاز، ورغم ذلك كانت تستهوينا قراءتها والاطلاع على المقالات والأخبار المنشورة فيها، بل كنا نقتبس الكثير منها للنشر في صحف الحائط المدرسية. علاوة على ذلك كنت شخصياً مغرماً بكثرة الصور فيها وأيضاً بترويستها، وتحديداً اسمها المنقوش بخط النسخ الجميل واللون الأحمر. وانتقل عشق «الندوة» ومقالاتها معنا إلى المرحلة الإعدادية، حيث أصبحت -آنذاك- تصلنا بطريقة أكثر انتظاماً.
وصحيفة الندوة، لمن لا يعرفها، صدر أول أعدادها في 26 فبراير 1958 عن «دار الندوة للطباعة والنشر»، وكان صاحب امتيازها هو التربوي والمؤرخ والأديب أحمد السباعي (توفي 1984) الذي كتب عن أسباب اختيار هذا الاسم لجريدته: «لأمر ما، أبينا إلا أن نختار لصحيفتنا اسم (الندوة) فقد كانت الندوة شعاراً لأول نهضة عرفتها بلاد العرب، وكان دارها في حاشية هذا الوادي، وعلى خطوات من زمزم كان أول دار تألقت فيها اليقظة ولمع فيها مجد بني يعرب..». وعلى الرغم من أنها كانت مرخصة كصحيفة يومية، إلا أنها صدرت في بادئ الأمر بصفة أسبوعية، ثم راحت تصدر مرتين وثلاثاً في الأسبوع قبل أن تتوقف للمرة الأولى في 18 يناير 1959. وبعد فترة قصيرة جداً من توقفها اشترى امتيازها الأستاذ صالح محمد جمال (توفي 1991) صاحب جريدة «حراء»، التي كان قد ظهر عددها الأول في عام 1957، فأدمجها مع الأخيرة وراح يطبعها في دار الطباعة المملوكة له بمكة وهي «دار الثقافة للطباعة والزنكوغراف». وهكذا عاودت «الندوة» الظهور مجدداً. وحينما صدر مرسوم ملكي في 13 يناير 1964 بإلغاء صحافة الأفراد واستبدالها بصحافة المؤسسات، تحولت دار الندوة للطباعة والنشر في 9 مارس 1964 إلى «مؤسسة مكة للطباعة والإعلام» بمجلس إدارة مكون من عشرين عضواً وصارت «الندوة» جريدة المؤسسات الصحفية الوحيدة الصادرة من العاصمة المقدسة.
غير أن المشاكل الإدارية والمهنية تسببت في تعثرها وتراكم الديون عليها حتى وصلت إلى 55 مليون ريال، ما أدى إلى توقفها عن الصدور للمرة الثانية في تاريخها عام 2002 بسبب امتناع العاملين فيها عن العمل لعدم استلامهم أجورهم، ثم عاودت الظهور وهي تترنح قبل أن يتدخل الملك عبدالله بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لتصحيح أوضاعها بضخ عشرة ملايين ريال فيها من ماله الخاص. وفي عام 2007 تمّ الاتفاق على أن تختفي «الندوة» نهائياً بعد أن أدت دورها كواحدة من أقوى الصحف اليومية في حقبة مضيئة من تاريخ الصحافة السعودية، وأن يُصار إلى إطلاق عمل صحفي جديد بشخصية مختلفة تليق بمكانة العاصمة المقدسة. وهكذا ظهرت من رحم «الندوة» صحيفة «مكة» التي تمّ تدشينها في الحادي عشر من يناير 2014 من خلال احتفالية أقيمت بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
ابن قنا
وبالعودة إلى محمد صلاح الدين الدندراوي، الذي يعدّ واحداً من رموز الفكر والأدب والثقافة في المملكة العربية السعودية، ومن كبار المساهمين في وضع اللبنات الأولى للصحافة فيها، نجد أنه أبصر النور بمدينة قنا عاصمة محافظة قنا المصرية في السابع والعشرين من ديسمبر عام 1934 لأسرة من أسر جنوب صعيد مصر التي انتقلت قديماً للاستقرار في الحجاز كالعديد من الأسر المصرية. وينسبهم الشريف أحمد ضياء بن محمد العنقاوي في موقع «أشراف الحجاز» الإلكتروني إلى فرع من فروع الأشراف العنقاويين هو فرع الشريف سراج بن علي بن أحمد بن حسن بن بساط بن عنقا المكون من أربعة بيوت هي: آل الشرقاوي وآل حفني وآل الدندراوي وآل بساط البيه، علما بأن مساكن آل الدندراوي كانت مجاورة للحرم المكي الشريف على مدى أجيال، وكان جده لأمه السيد محمد الدندراوي (صاحب الطريقة الدندراوية) قد أنشأ مسجداً مشهوراً في حي «الحجون» المطل على مقابر المعلاة بمكة. هذا ناهيك عن أن ابن الأخير (عباس محمد الدندراوي) كان من سراة مكة المكرمة وصاحب دار فيها يتوافد عليها علية القوم من أهل الحجاز واليمن والعراق وبلاد فارس والشام (طبقاً لما ذكره محمد صابر مرسي في كتابه الموسوم «رحلتي إلى الحجاز» الذي يروي فيه تفاصيل رحلته إلى الديار المقدسة سنة 1355 للهجرة).
من الأزهر إلى ميتشيغان
ومحمد صلاح الدين، الذي نشأ في بيت علم وتربية ودرس أولاً في مدارس الأزهر قبل أن يدرس العلوم السياسية بجامعة ميتشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية ويحصل منها على درجة البكالوريوس، بدأ حياته المهنية كمحرر مساعد في صحيفة الندوة في عام 1959 زمن رئيس تحريرها صالح محمد جمال، ثم ترقى في العام التالي إلى منصب سكرتير التحرير. وخلال هذه الفترة راح ينشر في الصحيفة مقالات سياسية ودينية جذبت قراء كثراً بسبب صراحته وقوة مواقفه الوطنية. وهو لئن راكم خبرة صحفية وإعلامية من عمله في «الندوة» ومزاملته لرئيس تحريرها المثقف، إلا أنه عززها ووطدها من خلال التحاقه بالمدرسة الصحفية للكاتب والشاعر والناقد محمد سعيد عبدالرحمن العامودي (توفي 1991) رئيس تحرير مجلة الحج، حيث عمل مع الأخير في وزارة الحج والأوقاف، مديراً لقسم المكتبات في الفترة من عام 1963 إلى عام 1964.
مخاض «المدينة»
ومما لا شك فيه أن كل ذلك مهّد له الطريق جيداً لخوض تجربة صحفية جديدة تمثلت في التحاقه بصحيفة «المدينة» في أعقاب انتقالها من المدينة المنورة إلى جدة، بل وتسلم إدارة تحريرها في فترة حرجة حينما شهدت الجريدة مخاضاً صعباً تجلى في تغيير ثلاثة رؤساء تحرير دفعة واحدة وهم على التوالي: محمد علي حافظ وعبدالحميد عنبر وعزيز ضياء، إلى أن استقرت أوضاعها أولاً على يد محمد عبدالقادر علاقي ثم على يد صاحبها عثمان حافظ (توفي 1993). وبتولي عثمان حافظ رئاسة التحرير في عام 1966 صار الدندراوي عضده المتين وموضع ثقته الكاملة لجهة الارتقاء بالجريدة المتعثرة. وهو من جانبه أثبت أنه أهل للثقة وعلى قدر المسؤولية الموكلة إليه، بدليل أنه في السنوات التسع (من 1966 إلى 1975) التي أمسك خلالها بمنصب مدير التحرير استطاع ببراعة ومهنية عالية أن ينقل «المدينة» من حال إلى حال، وأن يحقق لها صورة متميزة ومواكبة لآخر التطورات في عالم الصحافة من حيث التبويب والتصميم والمانشيتات والتحقيقات الصحفية والحوارات والمنوعات، ناهيك عن تدريب وتأهيل جيل جديد من الصحفيين الأكفاء من أمثال: أحمد محمود ود. هاشم عبده هاشم، وسباعي عثمان، وعلي حسون، ومحمد يعقوب تركستاني، ومحمد صادق دياب، وعلي خالد الغامدي، وعبدالعزيز محمد النهاري، وإبراهيم الدعيلج، ومحمد عبدالله القرعاوي، وغيرهم.
الفلك يدور
خلال سنوات عمله بجريدة المدينة مديراً للتحرير أو بعد ذلك، واضب دون انقطاع على كتابة عمود ثابت تحت عنوان «الفلك يدور»، حيث كانت هذه الزاوية بمثابة منارة إشعاع وفنار متابعة ورصد لمستجدات العالم، ولاسيما العالم الإسلامي، الذي أولاه الدندراوي عنايته وسهر على همومه وقضاياه الكبرى وأوجاعه العديدة، منافحاً عنها بصوت يصم الآذان، رغم أنه عُرف عند الجميع بصوته الخفيض وملامحه الدالة على الرضا وروحه المشعة بالسكينة. وبسبب عموده اليومي هذا حصل في عام 1995 على جائزة علي وعثمان حافظ الصحفية، وكانت عبارة عن ميدالية فضية ومبلغ خمسة آلاف دولار، على أن الدندراوي لم يكتفِ بالكتابة في السياسة والإسلاميات فحسب وإنما كان في أحايين كثيرة يتجاوزهما للخوض في مشاكل اجتماعية وثقافية وفكرية محلية، والكتابة عنها بأسلوب متميز ولغة قوية وطرح جريء لا ينقصه الصدق والتجرد والإخلاص. كما أنه كتب المقال الأدبي والنقدي بسبب عشقه للغة العربية، وكان يقوم بنفسه أيضاً بترجمة التقارير الصحفية الواردة باللغة الإنجليزية قبل نشرها في «المدينة».
صولات وجولات في الإنتاج الأدبي
ومن جانب آخر شهدت حياته صولات وجولات في عوالم الإنتاج الفكري والأدبي وصناعة النشر ليس في الفضاء المحلي السعودي فحسب، وإنما في فضاءات العالمين العربي والإسلامي أيضاً. ففي عام 1961 أسس «الدار السعودية للنشر والتوزيع»، التي أولت اهتمامها بالنتاج الفكري والأدبي والحركة الثقافية في السعودية وخارجها، ثم أسس «وكالة مكة للإعلام» التي حمل ترخيصها الرقم واحد، وكانت معنية بإصدار المجلات والدوريات المتخصصة للأجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص. هذا علاوة على قيامه بتجربة النشر المتخصص في لندن، قبل تأسيس «الشركة السعودية للأبحاث والنشر» في بريطانيا. إذ يُذكر له أنه قام في عقد الثمانينات بإصدار مجلة «أرابيا» الإسلامية باللغة الإنجليزية في لندن بهدف رصد التحولات والمستجدات في العالم الإسلامي ونقلها إلى القارئ الأجنبي، علما أنه أغلقها في نهاية المطاف بعد أن عانت كثيراً. كما شارك آخرين في تأسيس «مؤسسة يثرب للأجهزة السمعية والبصرية»، وتولى منصب المدير الإداري لوكالة المروة للدعاية والإعلان، وأسس «شركة الاتصالات الدولية».
ومن المطبوعات الأخرى التي تولى إصدارها مجلة «أموال»، ومجلة «الحج»، ومجلة «البيئة»، ومجلة «تجارة مكة» الصادرة عن غرفة مكة المكرمة التجارية ومجلة غرفة جدة الصناعية ونشرة «سعودي رفيد» باللغة الإنجليزية، غير أن درة مجلاته التي فقدها هي مجلة الخطوط السعودية «أهلا وسهلا» التي كان يترأس تحريرها الأديب إياد أمين مدني الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي ووزير الحج والإعلام السابق في المملكة العربية السعودية. وقد توقف الطبيب الاستشاري الدكتور وليد أحمد فتيحي في مقال له بجريدة «عكاظ» (5/9/2011) عند دور محمد صلاح الدين في إصدار أول مجلة صحية سعودية متخصصة باسم «صحتك اليوم»، فقال ما مفاده إن الدندراوي دعمه بالمال في إصدار هذه المجلة لسنوات طويلة بهدف نشر الوعي ورفع مستوى الرعاية الصحية وتزويد المواطن بالمعلومات الطبية الدقيقة، على الرغم من تكبد المجلة خسائر متواصلة وكبيرة بسبب معارضة الدندراوي الشديدة لفكرة أن تنشر المجلة دعايات لشركات الأدوية أو المستحضرات الطبية.
علاقاته لا تعرف المصلحة
في عام 2010 داهمه المرض وأصيب بنزيف في الدماغ وهو يستعد لأداء صلاة المغرب جماعة، فسافر، بعد تشخيص مرضه في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، للعلاج في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة حيث أمضى عاماً كاملاً في مستشفياتها، ثم عاد إلى وطنه ليتوفى فوق ترابها عن عمر ناهز السابعة والسبعين عاماً في صبيحة الثامن والعشرين من أغسطس 2011، فصلي عليه بالمسجد الحرام، ودفن في مقابر المعلاة بمكة المكرمة.
شكّلت وفاته صدمة في الوسط الصحفي السعودي وبين محبيه ومعارفه وتلامذته الكثر الذين تسابقوا على نعيه وذكر مآثره وتعداد خصاله والتذكير بمسيرته الإعلامية الطويلة. إذ أجمع هؤلاء على أن الفقيد تميز بسمو الأخلاق والثقافة الرفيعة والاستغراق في العمل إلى درجة قيل معها أنه متزوج من العمل، وحب العمل الجماعي، وتشجيع الشباب وحقنهم بالثقة، والالتزام بالمواعيد وتنظيم الوقت، والخلو من الشوائب والعقد في تعاملاته مع الغير، والتمتع بشبكة علاقات اجتماعية واسعة أساسها المحبة والوفاء وليس المصلحة الآنية.
لا يغيب يوماً عن زاويته
كتب عبدالله خياط، وهو من الصحفيين الذين زاملوه وعاصروه في صحيفة المدينة منذ الستينات أنه طيلة السنوات الطويلة التي قضاها معه لم يحدث أن نشأ خلاف بينهما أو سمع منه كلمة سيئة، وأنه لم يكن يخشى أحداً في الصحافة إلا محمد صلاح الدين نظراً لتميزه وأسلوبه القوي في الكتابة والطرح. ولفت الكاتب السابق في صحيفة «عكاظ» عبدالله أبو السمح، وهو من المقربين من الراحل وممن ارتبطوا بعلاقة معه على مدى أربعين عاماً، إلا أن خبر وفاة محمد صلاح الدين (رحمه الله) جاء مفاجئاً خصوصاً بعد أن فرح الجميع بعودته من رحلته العلاجية التي استمرت زهاء العام في الولايات المتحدة الأمريكية. وقال: «محمد صلاح الدين من الرجال النادرين، كان على خلق ممتاز، عفّ اللسان والنفس، عمل بجد واجتهاد في الصحافة وكوّن مدرسة خاصة معروفة باسمه بعيدة عن الصغائر وتوافه الأمور». أما عبدالرحمن العرابي المشرف على صفحات الرأي في صحيفة المدينة فقد قال عنه: «كان للأستاذ محمد صلاح الدين فضل كبير بعد الله عليّ إبان ترؤسي تحرير صحيفة الندوة، فهو من شجعني على قبول رئاسة التحرير، وكان أثناء وجوده في الندوة لا يبخل علينا بالرأي والمشورة، لقد كان صلاح الدين أستاذ أجيال، وأعتبر نفسي تلميذاً في مدرسته»، مضيفاً أن الراحل من الكتّاب المميزين «الذي لا يغيب عن زاويته إلا يوم الإجازة الأسبوعية وهذا فيه دلالة على احترامه للقارئ والصحيفة التي يكتب فيها»، ومستطرداً أن ما ميزه هو فهمه ووعيه العالي والرفيع للصحافة ودور المسؤول الصحفي في إعداد الصحافيين وتطوير قدراتهم، وإبراز أصحاب القلم، و العمل على تطوير جريدته من كافة جوانبها. ومن جانبه، قال تلميذه الدكتور وليد أحمد فتيحي في مقاله التأبيني عنه بصحيفة «عكاظ» (مصدر سابق): «وكم أكبرت فيه ما رأيت منه في مجالس ترتفع فيها أصوات لا تملك من علم مرحومنا الجزء القليل ولا أقل من القليل، فما يكون منه إنْ وقعت عيني بعينه إلا أن يبتسم لي ابتسامة خفيفة صادقة نقية ترد على كل ما يقال. وفي اليوم الثاني يكون رده مكتوباً في الصحف تأصيلاً شرعياً أو فقهياً أو علماً اجتماعياً في كلمات مقتضبة مدروسة، فأقول في نفسي هذا شأن من أراد الإصلاح بعيداً عن لغو المجالس وشهوة الكلام».
صلاح الدين علّم أبناءه خوض التحديات
على المستوى العائلي، اقترن محمد صلاح الدين الدندراوي بالسيدة صفية باجنيد من أسرة باجنيد المعروفة التي قدمت إلى الحجاز من وادي دوعن بحضرموت قبل أكثر من 300 عام واستقرت بها للعمل في تجارة المواد الغذائية ومن ثمّ في العقارات. وقد أنجبت له السيدة صفية؛ التي وصفها الدكتور فتيحي في مقاله آنف الذكر بـ«مدرسة في الصبر والمجالدة والعطاء والتضحية والإيثار والوفاء»، عدداً من الأبناء أكبرهم عمرو، لكن أشهرهم ابنته الإعلامية المتألقة خفيفة الظل سارة الدندراوي، التي أبصرت النور في جدة في العاشر من أغسطس عام 1981، ودرست الإعلام في كلية بوسطن الأمريكية، ثم نالت الماجستير عن أطروحة حول ظاهرة القنوات الإخبارية من كلية لندن للاقتصاد، قبل أن تلتحق بدءاً من عام 2005 بقناة العربية في لندن ثم في دبي بعد انتقالها إلى الأخيرة، كمراسلة فمقدمة لبرنامج «دليل العافية» ثم برنامج «صباح العربية» فمعدة ومقدمة لبرنامج «com تفاعل». وتدين سارة إلى ما وصلت إليه من شهرة إعلامية -بحسب تصريحاتها المنشورة- إلى والديها، حيث قالت عنهما: «لقد شجعاني لأقصى درجة كي أحصل على التعليم الذي يمكنني ان أشقّ طريقي في الحياة، وأخوض التحديات، بأدوات علمية وقيم تمدني بالقوة لمواجهة أي صعوبات، ومهما قلت أو فعلت فلن أوفيهما حقهما أبداً».
وصحيفة الندوة، لمن لا يعرفها، صدر أول أعدادها في 26 فبراير 1958 عن «دار الندوة للطباعة والنشر»، وكان صاحب امتيازها هو التربوي والمؤرخ والأديب أحمد السباعي (توفي 1984) الذي كتب عن أسباب اختيار هذا الاسم لجريدته: «لأمر ما، أبينا إلا أن نختار لصحيفتنا اسم (الندوة) فقد كانت الندوة شعاراً لأول نهضة عرفتها بلاد العرب، وكان دارها في حاشية هذا الوادي، وعلى خطوات من زمزم كان أول دار تألقت فيها اليقظة ولمع فيها مجد بني يعرب..». وعلى الرغم من أنها كانت مرخصة كصحيفة يومية، إلا أنها صدرت في بادئ الأمر بصفة أسبوعية، ثم راحت تصدر مرتين وثلاثاً في الأسبوع قبل أن تتوقف للمرة الأولى في 18 يناير 1959. وبعد فترة قصيرة جداً من توقفها اشترى امتيازها الأستاذ صالح محمد جمال (توفي 1991) صاحب جريدة «حراء»، التي كان قد ظهر عددها الأول في عام 1957، فأدمجها مع الأخيرة وراح يطبعها في دار الطباعة المملوكة له بمكة وهي «دار الثقافة للطباعة والزنكوغراف». وهكذا عاودت «الندوة» الظهور مجدداً. وحينما صدر مرسوم ملكي في 13 يناير 1964 بإلغاء صحافة الأفراد واستبدالها بصحافة المؤسسات، تحولت دار الندوة للطباعة والنشر في 9 مارس 1964 إلى «مؤسسة مكة للطباعة والإعلام» بمجلس إدارة مكون من عشرين عضواً وصارت «الندوة» جريدة المؤسسات الصحفية الوحيدة الصادرة من العاصمة المقدسة.
غير أن المشاكل الإدارية والمهنية تسببت في تعثرها وتراكم الديون عليها حتى وصلت إلى 55 مليون ريال، ما أدى إلى توقفها عن الصدور للمرة الثانية في تاريخها عام 2002 بسبب امتناع العاملين فيها عن العمل لعدم استلامهم أجورهم، ثم عاودت الظهور وهي تترنح قبل أن يتدخل الملك عبدالله بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لتصحيح أوضاعها بضخ عشرة ملايين ريال فيها من ماله الخاص. وفي عام 2007 تمّ الاتفاق على أن تختفي «الندوة» نهائياً بعد أن أدت دورها كواحدة من أقوى الصحف اليومية في حقبة مضيئة من تاريخ الصحافة السعودية، وأن يُصار إلى إطلاق عمل صحفي جديد بشخصية مختلفة تليق بمكانة العاصمة المقدسة. وهكذا ظهرت من رحم «الندوة» صحيفة «مكة» التي تمّ تدشينها في الحادي عشر من يناير 2014 من خلال احتفالية أقيمت بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
ابن قنا
وبالعودة إلى محمد صلاح الدين الدندراوي، الذي يعدّ واحداً من رموز الفكر والأدب والثقافة في المملكة العربية السعودية، ومن كبار المساهمين في وضع اللبنات الأولى للصحافة فيها، نجد أنه أبصر النور بمدينة قنا عاصمة محافظة قنا المصرية في السابع والعشرين من ديسمبر عام 1934 لأسرة من أسر جنوب صعيد مصر التي انتقلت قديماً للاستقرار في الحجاز كالعديد من الأسر المصرية. وينسبهم الشريف أحمد ضياء بن محمد العنقاوي في موقع «أشراف الحجاز» الإلكتروني إلى فرع من فروع الأشراف العنقاويين هو فرع الشريف سراج بن علي بن أحمد بن حسن بن بساط بن عنقا المكون من أربعة بيوت هي: آل الشرقاوي وآل حفني وآل الدندراوي وآل بساط البيه، علما بأن مساكن آل الدندراوي كانت مجاورة للحرم المكي الشريف على مدى أجيال، وكان جده لأمه السيد محمد الدندراوي (صاحب الطريقة الدندراوية) قد أنشأ مسجداً مشهوراً في حي «الحجون» المطل على مقابر المعلاة بمكة. هذا ناهيك عن أن ابن الأخير (عباس محمد الدندراوي) كان من سراة مكة المكرمة وصاحب دار فيها يتوافد عليها علية القوم من أهل الحجاز واليمن والعراق وبلاد فارس والشام (طبقاً لما ذكره محمد صابر مرسي في كتابه الموسوم «رحلتي إلى الحجاز» الذي يروي فيه تفاصيل رحلته إلى الديار المقدسة سنة 1355 للهجرة).
من الأزهر إلى ميتشيغان
ومحمد صلاح الدين، الذي نشأ في بيت علم وتربية ودرس أولاً في مدارس الأزهر قبل أن يدرس العلوم السياسية بجامعة ميتشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية ويحصل منها على درجة البكالوريوس، بدأ حياته المهنية كمحرر مساعد في صحيفة الندوة في عام 1959 زمن رئيس تحريرها صالح محمد جمال، ثم ترقى في العام التالي إلى منصب سكرتير التحرير. وخلال هذه الفترة راح ينشر في الصحيفة مقالات سياسية ودينية جذبت قراء كثراً بسبب صراحته وقوة مواقفه الوطنية. وهو لئن راكم خبرة صحفية وإعلامية من عمله في «الندوة» ومزاملته لرئيس تحريرها المثقف، إلا أنه عززها ووطدها من خلال التحاقه بالمدرسة الصحفية للكاتب والشاعر والناقد محمد سعيد عبدالرحمن العامودي (توفي 1991) رئيس تحرير مجلة الحج، حيث عمل مع الأخير في وزارة الحج والأوقاف، مديراً لقسم المكتبات في الفترة من عام 1963 إلى عام 1964.
مخاض «المدينة»
ومما لا شك فيه أن كل ذلك مهّد له الطريق جيداً لخوض تجربة صحفية جديدة تمثلت في التحاقه بصحيفة «المدينة» في أعقاب انتقالها من المدينة المنورة إلى جدة، بل وتسلم إدارة تحريرها في فترة حرجة حينما شهدت الجريدة مخاضاً صعباً تجلى في تغيير ثلاثة رؤساء تحرير دفعة واحدة وهم على التوالي: محمد علي حافظ وعبدالحميد عنبر وعزيز ضياء، إلى أن استقرت أوضاعها أولاً على يد محمد عبدالقادر علاقي ثم على يد صاحبها عثمان حافظ (توفي 1993). وبتولي عثمان حافظ رئاسة التحرير في عام 1966 صار الدندراوي عضده المتين وموضع ثقته الكاملة لجهة الارتقاء بالجريدة المتعثرة. وهو من جانبه أثبت أنه أهل للثقة وعلى قدر المسؤولية الموكلة إليه، بدليل أنه في السنوات التسع (من 1966 إلى 1975) التي أمسك خلالها بمنصب مدير التحرير استطاع ببراعة ومهنية عالية أن ينقل «المدينة» من حال إلى حال، وأن يحقق لها صورة متميزة ومواكبة لآخر التطورات في عالم الصحافة من حيث التبويب والتصميم والمانشيتات والتحقيقات الصحفية والحوارات والمنوعات، ناهيك عن تدريب وتأهيل جيل جديد من الصحفيين الأكفاء من أمثال: أحمد محمود ود. هاشم عبده هاشم، وسباعي عثمان، وعلي حسون، ومحمد يعقوب تركستاني، ومحمد صادق دياب، وعلي خالد الغامدي، وعبدالعزيز محمد النهاري، وإبراهيم الدعيلج، ومحمد عبدالله القرعاوي، وغيرهم.
الفلك يدور
خلال سنوات عمله بجريدة المدينة مديراً للتحرير أو بعد ذلك، واضب دون انقطاع على كتابة عمود ثابت تحت عنوان «الفلك يدور»، حيث كانت هذه الزاوية بمثابة منارة إشعاع وفنار متابعة ورصد لمستجدات العالم، ولاسيما العالم الإسلامي، الذي أولاه الدندراوي عنايته وسهر على همومه وقضاياه الكبرى وأوجاعه العديدة، منافحاً عنها بصوت يصم الآذان، رغم أنه عُرف عند الجميع بصوته الخفيض وملامحه الدالة على الرضا وروحه المشعة بالسكينة. وبسبب عموده اليومي هذا حصل في عام 1995 على جائزة علي وعثمان حافظ الصحفية، وكانت عبارة عن ميدالية فضية ومبلغ خمسة آلاف دولار، على أن الدندراوي لم يكتفِ بالكتابة في السياسة والإسلاميات فحسب وإنما كان في أحايين كثيرة يتجاوزهما للخوض في مشاكل اجتماعية وثقافية وفكرية محلية، والكتابة عنها بأسلوب متميز ولغة قوية وطرح جريء لا ينقصه الصدق والتجرد والإخلاص. كما أنه كتب المقال الأدبي والنقدي بسبب عشقه للغة العربية، وكان يقوم بنفسه أيضاً بترجمة التقارير الصحفية الواردة باللغة الإنجليزية قبل نشرها في «المدينة».
صولات وجولات في الإنتاج الأدبي
ومن جانب آخر شهدت حياته صولات وجولات في عوالم الإنتاج الفكري والأدبي وصناعة النشر ليس في الفضاء المحلي السعودي فحسب، وإنما في فضاءات العالمين العربي والإسلامي أيضاً. ففي عام 1961 أسس «الدار السعودية للنشر والتوزيع»، التي أولت اهتمامها بالنتاج الفكري والأدبي والحركة الثقافية في السعودية وخارجها، ثم أسس «وكالة مكة للإعلام» التي حمل ترخيصها الرقم واحد، وكانت معنية بإصدار المجلات والدوريات المتخصصة للأجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص. هذا علاوة على قيامه بتجربة النشر المتخصص في لندن، قبل تأسيس «الشركة السعودية للأبحاث والنشر» في بريطانيا. إذ يُذكر له أنه قام في عقد الثمانينات بإصدار مجلة «أرابيا» الإسلامية باللغة الإنجليزية في لندن بهدف رصد التحولات والمستجدات في العالم الإسلامي ونقلها إلى القارئ الأجنبي، علما أنه أغلقها في نهاية المطاف بعد أن عانت كثيراً. كما شارك آخرين في تأسيس «مؤسسة يثرب للأجهزة السمعية والبصرية»، وتولى منصب المدير الإداري لوكالة المروة للدعاية والإعلان، وأسس «شركة الاتصالات الدولية».
ومن المطبوعات الأخرى التي تولى إصدارها مجلة «أموال»، ومجلة «الحج»، ومجلة «البيئة»، ومجلة «تجارة مكة» الصادرة عن غرفة مكة المكرمة التجارية ومجلة غرفة جدة الصناعية ونشرة «سعودي رفيد» باللغة الإنجليزية، غير أن درة مجلاته التي فقدها هي مجلة الخطوط السعودية «أهلا وسهلا» التي كان يترأس تحريرها الأديب إياد أمين مدني الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي ووزير الحج والإعلام السابق في المملكة العربية السعودية. وقد توقف الطبيب الاستشاري الدكتور وليد أحمد فتيحي في مقال له بجريدة «عكاظ» (5/9/2011) عند دور محمد صلاح الدين في إصدار أول مجلة صحية سعودية متخصصة باسم «صحتك اليوم»، فقال ما مفاده إن الدندراوي دعمه بالمال في إصدار هذه المجلة لسنوات طويلة بهدف نشر الوعي ورفع مستوى الرعاية الصحية وتزويد المواطن بالمعلومات الطبية الدقيقة، على الرغم من تكبد المجلة خسائر متواصلة وكبيرة بسبب معارضة الدندراوي الشديدة لفكرة أن تنشر المجلة دعايات لشركات الأدوية أو المستحضرات الطبية.
علاقاته لا تعرف المصلحة
في عام 2010 داهمه المرض وأصيب بنزيف في الدماغ وهو يستعد لأداء صلاة المغرب جماعة، فسافر، بعد تشخيص مرضه في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، للعلاج في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة حيث أمضى عاماً كاملاً في مستشفياتها، ثم عاد إلى وطنه ليتوفى فوق ترابها عن عمر ناهز السابعة والسبعين عاماً في صبيحة الثامن والعشرين من أغسطس 2011، فصلي عليه بالمسجد الحرام، ودفن في مقابر المعلاة بمكة المكرمة.
شكّلت وفاته صدمة في الوسط الصحفي السعودي وبين محبيه ومعارفه وتلامذته الكثر الذين تسابقوا على نعيه وذكر مآثره وتعداد خصاله والتذكير بمسيرته الإعلامية الطويلة. إذ أجمع هؤلاء على أن الفقيد تميز بسمو الأخلاق والثقافة الرفيعة والاستغراق في العمل إلى درجة قيل معها أنه متزوج من العمل، وحب العمل الجماعي، وتشجيع الشباب وحقنهم بالثقة، والالتزام بالمواعيد وتنظيم الوقت، والخلو من الشوائب والعقد في تعاملاته مع الغير، والتمتع بشبكة علاقات اجتماعية واسعة أساسها المحبة والوفاء وليس المصلحة الآنية.
لا يغيب يوماً عن زاويته
كتب عبدالله خياط، وهو من الصحفيين الذين زاملوه وعاصروه في صحيفة المدينة منذ الستينات أنه طيلة السنوات الطويلة التي قضاها معه لم يحدث أن نشأ خلاف بينهما أو سمع منه كلمة سيئة، وأنه لم يكن يخشى أحداً في الصحافة إلا محمد صلاح الدين نظراً لتميزه وأسلوبه القوي في الكتابة والطرح. ولفت الكاتب السابق في صحيفة «عكاظ» عبدالله أبو السمح، وهو من المقربين من الراحل وممن ارتبطوا بعلاقة معه على مدى أربعين عاماً، إلا أن خبر وفاة محمد صلاح الدين (رحمه الله) جاء مفاجئاً خصوصاً بعد أن فرح الجميع بعودته من رحلته العلاجية التي استمرت زهاء العام في الولايات المتحدة الأمريكية. وقال: «محمد صلاح الدين من الرجال النادرين، كان على خلق ممتاز، عفّ اللسان والنفس، عمل بجد واجتهاد في الصحافة وكوّن مدرسة خاصة معروفة باسمه بعيدة عن الصغائر وتوافه الأمور». أما عبدالرحمن العرابي المشرف على صفحات الرأي في صحيفة المدينة فقد قال عنه: «كان للأستاذ محمد صلاح الدين فضل كبير بعد الله عليّ إبان ترؤسي تحرير صحيفة الندوة، فهو من شجعني على قبول رئاسة التحرير، وكان أثناء وجوده في الندوة لا يبخل علينا بالرأي والمشورة، لقد كان صلاح الدين أستاذ أجيال، وأعتبر نفسي تلميذاً في مدرسته»، مضيفاً أن الراحل من الكتّاب المميزين «الذي لا يغيب عن زاويته إلا يوم الإجازة الأسبوعية وهذا فيه دلالة على احترامه للقارئ والصحيفة التي يكتب فيها»، ومستطرداً أن ما ميزه هو فهمه ووعيه العالي والرفيع للصحافة ودور المسؤول الصحفي في إعداد الصحافيين وتطوير قدراتهم، وإبراز أصحاب القلم، و العمل على تطوير جريدته من كافة جوانبها. ومن جانبه، قال تلميذه الدكتور وليد أحمد فتيحي في مقاله التأبيني عنه بصحيفة «عكاظ» (مصدر سابق): «وكم أكبرت فيه ما رأيت منه في مجالس ترتفع فيها أصوات لا تملك من علم مرحومنا الجزء القليل ولا أقل من القليل، فما يكون منه إنْ وقعت عيني بعينه إلا أن يبتسم لي ابتسامة خفيفة صادقة نقية ترد على كل ما يقال. وفي اليوم الثاني يكون رده مكتوباً في الصحف تأصيلاً شرعياً أو فقهياً أو علماً اجتماعياً في كلمات مقتضبة مدروسة، فأقول في نفسي هذا شأن من أراد الإصلاح بعيداً عن لغو المجالس وشهوة الكلام».
صلاح الدين علّم أبناءه خوض التحديات
على المستوى العائلي، اقترن محمد صلاح الدين الدندراوي بالسيدة صفية باجنيد من أسرة باجنيد المعروفة التي قدمت إلى الحجاز من وادي دوعن بحضرموت قبل أكثر من 300 عام واستقرت بها للعمل في تجارة المواد الغذائية ومن ثمّ في العقارات. وقد أنجبت له السيدة صفية؛ التي وصفها الدكتور فتيحي في مقاله آنف الذكر بـ«مدرسة في الصبر والمجالدة والعطاء والتضحية والإيثار والوفاء»، عدداً من الأبناء أكبرهم عمرو، لكن أشهرهم ابنته الإعلامية المتألقة خفيفة الظل سارة الدندراوي، التي أبصرت النور في جدة في العاشر من أغسطس عام 1981، ودرست الإعلام في كلية بوسطن الأمريكية، ثم نالت الماجستير عن أطروحة حول ظاهرة القنوات الإخبارية من كلية لندن للاقتصاد، قبل أن تلتحق بدءاً من عام 2005 بقناة العربية في لندن ثم في دبي بعد انتقالها إلى الأخيرة، كمراسلة فمقدمة لبرنامج «دليل العافية» ثم برنامج «صباح العربية» فمعدة ومقدمة لبرنامج «com تفاعل». وتدين سارة إلى ما وصلت إليه من شهرة إعلامية -بحسب تصريحاتها المنشورة- إلى والديها، حيث قالت عنهما: «لقد شجعاني لأقصى درجة كي أحصل على التعليم الذي يمكنني ان أشقّ طريقي في الحياة، وأخوض التحديات، بأدوات علمية وقيم تمدني بالقوة لمواجهة أي صعوبات، ومهما قلت أو فعلت فلن أوفيهما حقهما أبداً».