«موجة دلتا تمتد من الساحل إلى الساحل».. بهذه الصورة الواضحة رسم عنوان بارز لبلومبيرغ صورة واقعية للمشهد الصحي في الولايات المتحدة. ففيما سجل العالم أمس الأول (الإثنين) 628217 إصابة جديدة، جاء أكثرها من الولايات المتحدة، وهو 184346 حالة جديدة. ولذلك كان طبيعياً أن يرتفع العدد التراكمي لإصابات العالم أمس (الثلاثاء) ليصل إلى 204.17 مليون إصابة. ورافق ذلك ارتفاع عدد وفيات العالم أمس إلى 4.32 مليون وفاة. ولم يُجْدِ مع الفايروس أن نحو 4.48 مليار جرعة من لقاحات كوفيد-19 استخدمت في 181 دولة ومنطقة. وأدى تسارع تفشي سلالة دلتا المتحورة وراثياً، التي ظهرت في الهند في ديسمبر 2020، إلى ارتفاع العدد التراكمي لإصابات الولايات المتحدة أمس إلى 36.78 مليون إصابة. وبدا أمس أن الهند منازع قوي الشكيمة للولايات المتحدة على المرتبة الأولى عالمياً في التضرر من وباء كوفيد-19. فقد ارتفع أمس عدد إصاباتها إلى 31.99 مليون إصابة. وكانت دلتا قد بدأت بضرب الولايات المتحدة في ولايتها التي أعرض عدد كبير من سكانها عن التطعيم بلقاحات كوفيد-19. لكنها الآن اجتاحت أمريكا من الساحل إلى الساحل، حيث أعلنت معظم الولايات ارتفاعاً في عدد إصاباتها، وعدد الحالات المنومة في المشافي. وهو الارتفاع الأكبر منذ فبراير 2021. واعتبرت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها الليل قبل الماضي أن عدد الولايات التي يعتبر التفشي الفايروسي فيها «عالياً» يبلغ 38 ولاية. ويصل متوسط الإصابة في كل منها 100 إصابة بين كل 100.000 شخص، أو أن متوسط عدد نتائج الفحص الإيجابية لا يقل عن 10% من عدد سكان كل منها. وأضافت المراكز الأمريكية أن هناك 12 ولاية، إلى جانب العاصمة واشنطن، يعتبر التفشي فيها «كبيراً». وهي ثاني درجات خطورة التفشي الوبائي في التصنيف الرسمي الأمريكي. ويعني ذلك أن متوسط الإصابات في هذه الولايات الـ 12 يراوح بين 50 و99 إصابة بين كل 100 ألف من السكان، أو أن متوسط النتائج الإيجابية للفحوص يراوح بين 8% و9.99%. وأشارت بلومبيرغ وأسوشيتدبرس أمس إلى أن أسرّة وحدات العناية المكثفة تتناقص بشدة في ولايات فلوريدا، ولويزيا، وميسيسيبي. غير أن البؤس ليس وقفاً على الولايات منخفضة التطعيم؛ إذ شهدت 23 ولاية ومنطقة العاصمة واشنطن ارتفاعاً في العدد الأسبوعي للإصابات الجديدة نسبته 50% خلال الأسبوع الماضي. وشمل ذلك ولايات تم تطعيم شريحة كبيرة جداً من سكانها بلقاحات كوفيد-19، منها واشنطن، وفيرمونت، وهاواي. وأكد المسؤولون الصحيون أنه على رغم جدوى اللقاحات المضادة للوباء، إلا أنها ليست «طلقة سحرية»، على حد تعبيرهم.
وليست بريطانيا أفضل حالاً، وإن بدت تصريحات مسؤولين وعلماء تبشر بنهاية وشيكة للأزمة الصحية. فقد أعلنت وزارة الصحة البريطانية أمس أنها سجلت (الإثنين) 25161 إصابة جديدة، بارتفاع نسبته 14.6% عن الإثنين الماضي، وهو الارتفاع الرابع من نوعه على التوالي. وأشارت تقارير من هيئات الخدمة الصحية الإنجليزية إلى أن عدد حالات التنويم آخذ في الارتفاع أيضاً. وقيدت بريطانيا أمس الأول 37 وفاة بكوفيد-19. وهو عدد يزيد بنسبة 54.2% عن وفيات الإثنين الماضي. وكانت نهاية يوليو الماضي شهدت تراجعاً كبيراً في عدد الإصابات والوفيات، حتى ظن مسؤولون وعلماء أنها نهاية الموجة الفايروسية الراهنة. لكنها عادت لتشتد وتعيث في البلاد خراباً. وقال عدد منهم أمس إن ما تشهده البلاد حالياً هو نتيجة طبيعية لما سمي «يوم الحرية»، الذي أتاح للبريطانيين التجمع في المطاعم، دون إلزام بارتداء الكمامات. وتفاقمت الأزمة الصحية في الصين أمس؛ إذ أعلنت السلطات الصحية اكتشاف أكثر من 100 حالة جديدة (الثلاثاء)، منها 50 إصابة جديدة في محافظة جيانغسو (شرق الصين). وزاد عدد المصابين خلال الفترة الأخيرة في أكثر من نصف محافظات الصين على ألف شخص. وذلك على رغم أن غالبية سكان الصين خضعوا للتطعيم باللقاحات التي أنتجتها شركات الحكومة والجيش الصينيين. وتتبع الصين إستراتيجية شديدة الوطأة للحفاظ على مستوى «صفر كوفيد»، ومن ذلك الإغلاق المشدد، وإجبار جميع السكان على الخضوع للفحص. وأعلنت العاصمة بكين أن جميع سكانها الذين توجهوا إلى مناطقهم الأصلية في المحافظات الموبوءة لا يمكنهم العودة لبكين. وقالت محافظة هيبي أمس إنها قررت وقف كل النشاطات في مجمع أسواق الأغذية المبردة، بسبب التفشي الفايروسي المتفاقم. وأشارت إحصاءات شركات الطيران الصينية إلى أن الرحلات الجوية انخفضت الأسبوع الماضي بنسبة 32%، وهو الانحدار الأكبر لها منذ بداية اندلاع نازلة كورونا. وأوضحت أن شركات الطيران اضطرت إلى تقليص المقاعد المتاحة في الرحلات الجوية، في مسعى لكبح تفشي الفايروس.
7أسابيع «إغلاق».. أستراليا تكتوي
على رغم خضوع أكبر مدن أستراليا للإغلاق التام منذ نحو 7 أسابيع؛ إلا أن الأزمة الصحية تتفاقم. فقد أعلنت سلطات حكومة مقاطعة نيو ساوث ويلز أن عاصمته سيدني سجلت أمس (الثلاثاء) 356 إصابة جديدة بسلالة دلتا، وهو العدد الأكبر منذ بدء الموجة الراهنة في منتصف يونيو الماضي. وكانت سيدني قد سجلت الإثنين 283 إصابة جديدة. وتتركز المخاطر الوبائية في الأحيار الجنوبية والغربية من سيدني. وتخضع مقاطعتا فكتوريا (عاصمته ملبورن)، وكوينزلاند (عاصمتها بريسباين) لإغلاق مماثل منذ أسابيع عدة لأسباب مماثلة. وذكرت الصحف الأسترالية أمس أن شعبية رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون انخفضت من 85% في أبريل الماضي إلى 48% بحسب نتيجة استطلاع نشرته صحيفة «ذا أستراليان» الإثنين.