كتيبة من الشعر
قال عنه نزار قباني في رسالة بعثها إلى الشاعر سيف الرحبي: «كان كتيبة من الشعر، والظُرف، والرواية، والثقافة بطحتنا جميعا على الأرض.. إنه واحد من الظرفاء العرب الذين سلِموا من هذا العصر الثقافي الحديث الذي لا مثيل لغلاظته»، وقال عنه جمال الغيطاني: إن من سماته «إنكار الذات، والتواضع، والدماثة، والحرص على تقديم الآخرين، هواية من يخطون على الطريق في بداياته»، ويعتبره الكثير من الأدباء الشباب من مواطنيه أباً لتجاربهم الأدبية وسادناً لتراث بلادهم، أما هو فيجد في كل هذه الأوصاف مبالغة لا يستحقها.
ذلك هو المستشار بوزارة التربية والتعليم العمانية ومؤسس الجمعية العمانية للكتاب الأديب الظريف المجتهد «أحمد بن عبدالله الفلاحي»، صاحب أكبر مكتبة شخصية في سلطنة عمان وأكثرها اكتنازا بالنوادر من الكتب والمخطوطات والدوريات والمجلدات في شتى مجالات المعرفة قديمها وحديثها، بل هو مقيم بهذه المكتبة، يتنفس هواء محتوياتها الموزعة على عدة غرف وممرات ضمن شقته الصغيرة، ويغرف من دررها آناء الليل والنهار.
إن مشوار الفلاحي يتميز بالثراء والتنوع الوظيفي مكانا وزمانا والدأب الثقافي والبحث المعرفي، ناهيك عما تختزنه ذاكرته من مشاهد وصور وحكايات عن زمن الشتات العماني وحقبة التنمية والنهضة. ومن هنا فإن سيرته مشوقة وتستحق أن تروى للأجيال الجديدة التي لم تعاصر ما مرّ به من شظف الحياة وقسوة المنافي الاختيارية وتعب التنقل من مكان إلى الآخر سعيا وراء الرزق.
لا يتذكر ملامح جده
أبصر أحمد بن عبدالله بن سالم بن محمد بن سالم الفلاحي النور بقرية البطين في وادي نام بولاية القابل، شرقي عمان، في تاريخ متزامن أو قريب من تاريخ سقوط الملكية في مصر عام 1952. بسبب هجرة والده إلى شرق أفريقيا بحثا عن العمل وطلبا للرزق، نشأ الفلاحي في كنف جده الذي كان رجلا تقيا ورعا وفقيها معروفا في شرق عمان وملجأ لأهالي قريته والقرى المجاورة في أمور الفقه والعبادات. لكن جده توفي عندما كان صاحبنا في سن السادسة. قال الفلاحي، طبقا لما نشرته صحيفة عمان (22/10/2017)، إنه لا يتذكر ملامح جده، لكنه يتذكر توجيهاته له كل صباح حينما كان يذهب للسلام عليه وتقبيل يده، فكان يأمره قائلا: «قل آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا».
والدته القارئة
بعد وفاة جده، تولت أمه زمام تربيته وتنشئته فأحسنت، خصوصا أنها كانت من النساء العمانيات القليلات اللواتي كن يجدن القراءة والكتابة وقتذاك، بل كانت أيضا تتمتع بخط جميل، ما جعل جده، حينما تقدم به العمر وضعف نظره، يعتمد عليها في تلاوة الرسائل الواردة إليه من العلماء وكتابة ردوده عليها وقراءة المؤلفات الجديدة.
ومما يتذكره عن والدته أنها علمته علوم القرآن والسنة والفقه، كما علمته الخط، وعلوم النحو عبر أرجوزة «ملحة الإعراب»، والشعر من خلال نونية أبي مسلم البهلاني وغيرها. كما يتذكر أنها كانت تتجول به في أنحاء القرية، فسكنت في ذهنه صور ومشاهد من الماضي لا تنمحي مثل مشهد خلو القرية من السكان ومشهد أبواب البيوت المغلقة بأقفال ضخمة بسبب هجرة الناس هربا من شدة المحل والجفاف.
عودة الحياة للقرية
من بعد سنوات، ولى الجفاف وعاد الخصب إلى قرية بطّين، فرجع الناس من مهاجرهم وعادت الحياة للقرية وباتت الأمور فيها مزدهرة. وفي ظل هذه الظروف الجديدة عاد والده من أفريقيا. وقتها كان الفلاحي قد كبر قليلا وبات يدرك كنه ما حوله، وكان من ضمن الأشياء التي سعى إليها بشغف هو الوصول إلى المكتبة الضخمة التي خلفها وراءه جده، التي كان ممنوعا من الاقتراب منها. كانت والدته تنهاه عن الوصول إلى ما بالمكتبة من كنوز، وتعده خيرا بعد حين. وبالفعل مرت السنوات سريعة ليجد الرجل نفسه يغرف من مكتبة جده ما يشاء ويسبح بين دواوين المتنبي والمعري والبحتري وأبي تمام وعدد من شعراء عمان.
محطة التكوين الأولى
يمكن القول إن في حياة الفلاحي أكثر من محطة فارقة كان لها تأثير كبير على تكوينه وثقافته وشخصيته وخصاله. المحطة الأولى كانت في سن العاشرة حينما رافق والده للمرة الأولى إلى خارج حدود قريته. إذ كان وصوله إلى مدينة مطرح الساحلية بمثابة فتح كبير له، حيث رأى لأول مرة البحر والبواخر والأطباء والممرضات بمستشفى الإرسالية، واستمع إلى العظة الصباحية للقسيس/الطبيب توماس، وعرف عن المسيح والمسيحية، وشاهد كيف أن العمانيين يخرجون من تلك العظة ساخرين من القسيس الذي اعتقد أن بامكانه تنصيرهم وإخراجهم من دينهم.
المحطة الثانية
أما المحطة الثانية فقد كانت وقت بلوغه سن الثانية عشرة. وقتها كان يزور مع أهله أحد رجال القرية المغتربين في الخليج للعمل، وكان يُدعى «راشد بن علي الفلاحي»، فشدت انتباهه عناوين بعض الكتب الموجودة في بيت الأخير، وكانت عناوين جذابة وجديدة عليه. طلب الفلاحي من قريبه أن يستعيرها ليقرأها، فكان له ذلك. في زيارة أخرى لراشد الفلاحي، وجد أن الأخير قد عاد من الخليج بكتاب ساحر آخر مكون من أربعة مجلدات بعنوان «ألف ليلة وليلة»، فطلب استعارته إلا أن صاحبه رفض بحجة أن الكتاب غير مناسب لسنه. ومع إصرار الفلاحي على الاستعارة تمت الاستجابة لطلبه، فراح صاحبنا يقرأه بشغف، مكتشفا عوالم ومناخات لم يسمع بها من قبل. علم والده بأمر الكتاب ومصدره، فغضب وطلب من راشد الفلاحي ألا يعطي ابنه مثل هذا الكتاب سيئ السمعة عند شيوخ العلم في عمان. يتذكر الفلاحي تلك الواقعة فيقول: «لم يفتنّي في حياتي حتى اليوم كتاب كما فتنني كتاب ألف ليلة وليلة». والحقيقة أن افتتانه بهذا الكتاب شيء متوقع لشخص مثله لم يكن يعرف وقتها سوى الكتب الدينية.
ألف ليلة وليلة
نعم كان كتاب «ألف ليلة وليلة» من بين أوائل الكتب غير الدينية التي تأسس عليها الفلاحي، علاوة على كتاب «جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب» الذي أحضره له والده من زنجبار. ومع تكرر زيارته لراشد الفلاحي كلما سمع بعودته من رحلة إلى الخليج، وقعت عيناه ذات مرة على مجلة العربي الكويتية، فكانت تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها كتابا على غلافه صورة ملونة وبداخله صور أخرى، ومؤلفه ليس شخصا واحدا وإنما مجموعة من الأشخاص. يقول الفلاحي ما مفاده أنه عرف أنها مجلة فاستعارها وقرأها وشدّه فيها مقال «حديث الشهر» للدكتور أحمد زكي، وتعرف من خلال أحد مقالاتها على حروب العالم، كما قرأ لأول مرة حوارا، فكانت تلك التجربة أول عهده بالصحافة.
المغامرة الأولى
في المحطة الثالثة من حياته، نجده يقرر في سن الثالثة عشرة القيام بأولى مغامراته. كان ذلك في حدود عام 1965 حينما اتفق مع عدد من أقاربه الأكبر سنا أن يهاجروا طلبا للعلم والرزق. ومع رفض والده تلك الفكرة، قرر الفلاحي أن يهرب من عمان إلى دبي، وفي دبي استقل مركبا باتجاه البحرين التي وصلها وأقام بها قرابة الشهرين، تمتع خلالهما بأجواء البحرين الثقافية وتردد على مكتباتها واقتنى منها كتبا جديدة ومجلات لم يرها من قبل، فاتسعت دائرة معارفه، بل وتخلص أيضا من بعض الأفكار الخرافية ذات العلاقة بمخترعات العصر مثل المذياع الذي راح يستمع إليه بشغف بعد أن كان يحسبه جهازا يتلبسه الشيطان.
بحراً إلى الخبر
بعد البحرين، توجه الفلاحي بحراً إلى مدينة الخبر السعودية، ممنيا نفسه بالعمل نهارا والدراسة مساء في إحدى المدارس النظامية، والانضمام إلى جماعة الإمام غالب الهنائي التي كانت في ضيافة الحكومة السعودية بالدمام آنذاك. تعرف صاحبنا في الدمام على شخصيتين عمانيتين ارتبط معهما بعلاقات قوية ولعبتا دورا في حياته هما الأستاذ عبدالله الطائي والشيخ محمد الشيبة. على أن إقامة صاحبنا في السعودية لم تطل، فبعد نحو عام تركها منتقلا إلى الكويت. وفي الكويت أشار عليه البعض أن ينتقل للدراسة إلى بغداد، لكنه وصل في منتصف العام الدراسي فلم يـُقبل. وهنا اقترح عليه نفر من معارفه أن يسافر إلى دمشق التي عاش ودرس فيها عاما كاملا تخللته زيارات إلى بيروت ومقترحات لم تنفذ للسفر إلى مصر التي كان مشدودا إليها بسبب شعارات زمن المد القومي الناصري. وهكذا نجد أن تنقلاته هذه، لئن لم يستفد منها ماديا أو دراسيا، إلا أنها عرفته على أفكار وفلسفات وثقافات تلك المرحلة. إذ اقترب من أفكار وشخوص العمانيين الإماميين، وتعرف على توجهات وطموحات القوميين العرب، واطلع عن كثب على صراعات البعثيين في ما بينهم ومع غيرهم، في الوقت الذي كانت بوصلته مشدودة نحو وطنه العماني وما كان يعيشه من تخلف وعزلة.
العودة إلى عمان
في أواخر عام 1968 كان صاحبنا في أبوظبي التي أقام بها مدة من الزمن، وصادف وقتها أنه رأى مجلة صادرة في بيروت تبشر بقرب تغير النظام في عمان، فسارع بالكتابة إلى الشيخ الشيبة الذي كان قد انتقل من الدمام إلى الكويت ليبلغه بما قرأ، فرد الأخير برسالة تمنى فيها حدوث التغيير المنشود ولم شمل الشعب العماني المشتت. على إثر ذلك شد الفلاحي رحاله إلى الكويت، وبينما هو يتغدى على مائدة الشيبة ظهرا، فإذا بإذاعة الكويت تبث خبر التغيير في عمان واستلام السلطان قابوس مقاليد الحكم بدلا من والده.
ترك الفلاحي الكويت سريعا عائدا لعمان للمشاركة في النهضة الجديدة عن طريق مدينة الخبر، لكنه أصيب في الخبر بحادث سير أليم أقعده في حالة مأساوية بمستشفى الشرق تحت إشراف طبيب لبناني. وملخص الحكاية أنه كان مع صديقه حمود بن سالم الحارثي عائدين من زيارة صديق مشترك لهما على متن دراجة هوائية، فحدث أن صدمتهما شاحنة يقودها أمريكي من موظفي شركة أرامكو. توفي صديقه الحارثي على الفور فيما أصيب هو بجروح وكسور.
تفضيل الإعلام على التعليم
بعد أربعة أشهر من تلك الحادثة خرج الفلاحي من مستشفاه ووصل إلى عمان، وكان صديقه الأستاذ عبدالله الطائي قد اختير وقتذاك وزيرا للإعلام في أول حكومة في عهد السلطان قابوس، بينما آلت حقيبة التربية والتعليم إلى الشيخ سعود الخليلي، فعرض الأخير على الفلاحي أن يعمل مدرسا براتب 65 ريالا في الشهر، لكن الطائي ضغط على الفلاحي وأقنعه أن مكانه الإعلام وليس التدريس. وعليه التحق صاحبنا بوزارة الإعلام، موظفا في قسم الأخبار بالإذاعة العمانية مطلع عام 1971 براتب وقدره 54 ريالا نزولا عند رغبة الوزير الطائي. والحقيقة أن تفضيله للإعلام كان قرارا موفقا ويتلاءم مع طبيعته وشغفه بالمعرفة والثقافة. حيث أتاح له عمله الجديد الاطلاع على معظم الصحف والمجلات الصادرة في العالم العربي، والتعرف على آخر الأحداث السياسية والثقافية، وقراءة المزيد من مؤلفات عمالقة الأدب في مصر والتعرف على أفكارهم وطروحاتهم المتنوعة.
بعد عشر سنوات في الإذاعة عمل خلالها محررا للأخبار والشؤون السياسية ومقدما للعديد من البرامج الأدبية والثقافية والتاريخية، انتقل الفلاحي في عام 1981 من وزارة الإعلام إلى وزارة التربية والتعليم، ليعمل بها عاما كاملا بإدارة البعثات، قبل أن يصدر قرار بتعيينه ملحقا ثقافيا بالسفارة العمانية في البحرين. وفي البحرين التي بقي فيها حتى عام 1987 توثقت علاقته مع النخب الثقافية والشعرية، فعرف إبراهيم العريض وقاسم حداد وعلوي الهاشمي، علاوة على الدكتور غازي القصيبي الذي كان آنذاك سفيرا لبلاده في المنامة.
مجلس الدولة
وفي أواخر عام 1989 انتقل إلى القاهرة للعمل في الملحقية الثقافية العمانية هناك. فكان ذلك بمثابة منعطف جديد ومختلف وثري في حياته. حيث شاهد في القاهرة على الطبيعة كل ما كان قد قرأه أو تخيله. كما تعرف فيها على ثلة من أدباء مصر وعلى رأسهم جمال الغيطاني ويوسف القعيد اللذان سيصبحان من أعز أصدقائه وندمائه.
ما بين 2003 و2011 عين عضوا بمجلس الدولة، وكان قد كرم في عام 2001 بوسام السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، كما تم منحه أيضا وسام عمان المدني من الدرجة الثالثة عام 2015. أما في عام 2010 فقد صدر مرسوم سلطاني بترقيته إلى درجة وكيل وزارة وتعيينه بوظيفة مستشار لوزيرة التربية والتعليم.
إسهامات ثقافية يتذكرها جيل السبعينات
القراءة المكثفة قادته إلى فكرة الكتابة التي راودته مبكرا، وكان أول تجلياتها كتابة الشعر التي استهلها بقصيدة بعثها لوالده وهو في الدمام، من أبياتها: «أبتاه إني اليوم في الدمام ... ألتاع في أرق وفي إيلام». ولم يكن ذلك غريبا لأنه وعى الدنيا محبا للشعر ومفتونا به، لكنه يزعم أنه وجد، بعدما كبر، أن كتاباته الشعرية لا ترقى إلى مستوى الشعر الجيد، فتخلص منها وركز على الكتابة النثرية التي بدأها في أواخر الستينات على شكل خواطر ومقالات قصيرة كانت تنشر في بعض صحف بيروت والقاهرة ودمشق والكويت، وكان منها ما يبث من إذاعات صوت العرب المصرية ولندن وصوت الساحل من الشارقة. وبعد عودته إلى عمان، ومع تطور أسلوبه الكتابي، بدأ ينشر مقالاته في صحيفة عمان وبعض المجلات الصادرة في مسقط. ويعتبر الفلاحي نفسه كاتبا تنويريا، والتنوير عنده، طبقا لما قاله في حوار مع مجلة «شرق غرب» الثقافية العمانية ( 24/2/2016)، هو «تبصير الناس وإرشادهم ودفعهم لاستيعاب حضارة العصر والتخلي عن الجمود والتقوقع، والأخذ بأفكار التمدُّن والرُّقي، والانطلاق نحو غد أكثر إشراقا يذهب بنا نحو التطور والتقدم»، مع تأكيده على أنه لا يرى مطلقا أي تناقض بين الإخلاص للأدب والعيش تحت رسالة التنوير، فهما عنده وجهان لعملة واحدة، والأدب في نظره أحد الأعمدة الراسخة التي يستند بناء التنوير إليها. وللفلاحي، عدا ما ذكرناه، إسهامات ثقافية يتذكرها جيل السبعينات، من أهمها قيامه في عام 1974 مع صديقيه حمد بن محمد الراشدي ويحيى بن سعود السليمي (أصبحا لاحقا وزيرين للإعلام والتربية والتعليم على التوالي) بإنشاء «النادي الوطني الثقافي» الذي مارس أنشطة ثقافية وشبابية على مدى خمس سنوات بجهود ذاتية من أعضائه، وأصدر مجلة باسم «الثقافة الجديدة»، قبل أن يتوقف نشاطه لأسباب مادية. وفي عام 1977 ساهم الفلاحي مع عدد من رفاقه في نادي المضيرب بولاية القابل في إصدار مجلة «الغدير» التي ترأس تحريرها رئيس النادي الشيخ أحمد بن حمد الحارثي، فيما شغل الفلاحي منصب مدير التحرير، وصدر منها 74 عددا قبل أن تتوقف نهائيا عام 1984.
كتب الفلاحي عن حالة الثقافة العربية في صحيفة الرؤية الإماراتية (24/9/2017)، فقال متحسرا: «ثقافتنا العربية كانت تعطي ثقافات العالم وتأخذ منها، في تبادل خلاق، وفي بعض عهودها الزاهرة كان عطاؤها أكبر من أخذها. أما اليوم، فهي متأثرة أكثر منها مؤثرة»، ومشددا على أن «تبادل المعرفة بين الأمم سُنَّة سارت عليها البشرية منذ بزوغ فجرها الأول، والأمم الحية هي التي تمد أواصرها مع الآخر الجار أو البعيد، في علاقة سمحة تقوم على الإفادة والاستفادة من المنافع المادية وفي الأفكار والقيم».
صدر للفلاحي العديد من المؤلفات ومنها: كتاب «حول الثقافة» عام 2007، وكتاب «متابعات» عام 2009، وكتاب «من الحياة» عام 2011، وكتاب «مع الأدب العماني» عام 2011، وكتاب «تأملات» عام 2013، إضافة إلى كتاب «بطين» الذي أصدره سنة 2013 وتحدث فيه عن مسقط رأسه.
قال عنه نزار قباني في رسالة بعثها إلى الشاعر سيف الرحبي: «كان كتيبة من الشعر، والظُرف، والرواية، والثقافة بطحتنا جميعا على الأرض.. إنه واحد من الظرفاء العرب الذين سلِموا من هذا العصر الثقافي الحديث الذي لا مثيل لغلاظته»، وقال عنه جمال الغيطاني: إن من سماته «إنكار الذات، والتواضع، والدماثة، والحرص على تقديم الآخرين، هواية من يخطون على الطريق في بداياته»، ويعتبره الكثير من الأدباء الشباب من مواطنيه أباً لتجاربهم الأدبية وسادناً لتراث بلادهم، أما هو فيجد في كل هذه الأوصاف مبالغة لا يستحقها.
ذلك هو المستشار بوزارة التربية والتعليم العمانية ومؤسس الجمعية العمانية للكتاب الأديب الظريف المجتهد «أحمد بن عبدالله الفلاحي»، صاحب أكبر مكتبة شخصية في سلطنة عمان وأكثرها اكتنازا بالنوادر من الكتب والمخطوطات والدوريات والمجلدات في شتى مجالات المعرفة قديمها وحديثها، بل هو مقيم بهذه المكتبة، يتنفس هواء محتوياتها الموزعة على عدة غرف وممرات ضمن شقته الصغيرة، ويغرف من دررها آناء الليل والنهار.
إن مشوار الفلاحي يتميز بالثراء والتنوع الوظيفي مكانا وزمانا والدأب الثقافي والبحث المعرفي، ناهيك عما تختزنه ذاكرته من مشاهد وصور وحكايات عن زمن الشتات العماني وحقبة التنمية والنهضة. ومن هنا فإن سيرته مشوقة وتستحق أن تروى للأجيال الجديدة التي لم تعاصر ما مرّ به من شظف الحياة وقسوة المنافي الاختيارية وتعب التنقل من مكان إلى الآخر سعيا وراء الرزق.
لا يتذكر ملامح جده
أبصر أحمد بن عبدالله بن سالم بن محمد بن سالم الفلاحي النور بقرية البطين في وادي نام بولاية القابل، شرقي عمان، في تاريخ متزامن أو قريب من تاريخ سقوط الملكية في مصر عام 1952. بسبب هجرة والده إلى شرق أفريقيا بحثا عن العمل وطلبا للرزق، نشأ الفلاحي في كنف جده الذي كان رجلا تقيا ورعا وفقيها معروفا في شرق عمان وملجأ لأهالي قريته والقرى المجاورة في أمور الفقه والعبادات. لكن جده توفي عندما كان صاحبنا في سن السادسة. قال الفلاحي، طبقا لما نشرته صحيفة عمان (22/10/2017)، إنه لا يتذكر ملامح جده، لكنه يتذكر توجيهاته له كل صباح حينما كان يذهب للسلام عليه وتقبيل يده، فكان يأمره قائلا: «قل آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا».
والدته القارئة
بعد وفاة جده، تولت أمه زمام تربيته وتنشئته فأحسنت، خصوصا أنها كانت من النساء العمانيات القليلات اللواتي كن يجدن القراءة والكتابة وقتذاك، بل كانت أيضا تتمتع بخط جميل، ما جعل جده، حينما تقدم به العمر وضعف نظره، يعتمد عليها في تلاوة الرسائل الواردة إليه من العلماء وكتابة ردوده عليها وقراءة المؤلفات الجديدة.
ومما يتذكره عن والدته أنها علمته علوم القرآن والسنة والفقه، كما علمته الخط، وعلوم النحو عبر أرجوزة «ملحة الإعراب»، والشعر من خلال نونية أبي مسلم البهلاني وغيرها. كما يتذكر أنها كانت تتجول به في أنحاء القرية، فسكنت في ذهنه صور ومشاهد من الماضي لا تنمحي مثل مشهد خلو القرية من السكان ومشهد أبواب البيوت المغلقة بأقفال ضخمة بسبب هجرة الناس هربا من شدة المحل والجفاف.
عودة الحياة للقرية
من بعد سنوات، ولى الجفاف وعاد الخصب إلى قرية بطّين، فرجع الناس من مهاجرهم وعادت الحياة للقرية وباتت الأمور فيها مزدهرة. وفي ظل هذه الظروف الجديدة عاد والده من أفريقيا. وقتها كان الفلاحي قد كبر قليلا وبات يدرك كنه ما حوله، وكان من ضمن الأشياء التي سعى إليها بشغف هو الوصول إلى المكتبة الضخمة التي خلفها وراءه جده، التي كان ممنوعا من الاقتراب منها. كانت والدته تنهاه عن الوصول إلى ما بالمكتبة من كنوز، وتعده خيرا بعد حين. وبالفعل مرت السنوات سريعة ليجد الرجل نفسه يغرف من مكتبة جده ما يشاء ويسبح بين دواوين المتنبي والمعري والبحتري وأبي تمام وعدد من شعراء عمان.
محطة التكوين الأولى
يمكن القول إن في حياة الفلاحي أكثر من محطة فارقة كان لها تأثير كبير على تكوينه وثقافته وشخصيته وخصاله. المحطة الأولى كانت في سن العاشرة حينما رافق والده للمرة الأولى إلى خارج حدود قريته. إذ كان وصوله إلى مدينة مطرح الساحلية بمثابة فتح كبير له، حيث رأى لأول مرة البحر والبواخر والأطباء والممرضات بمستشفى الإرسالية، واستمع إلى العظة الصباحية للقسيس/الطبيب توماس، وعرف عن المسيح والمسيحية، وشاهد كيف أن العمانيين يخرجون من تلك العظة ساخرين من القسيس الذي اعتقد أن بامكانه تنصيرهم وإخراجهم من دينهم.
المحطة الثانية
أما المحطة الثانية فقد كانت وقت بلوغه سن الثانية عشرة. وقتها كان يزور مع أهله أحد رجال القرية المغتربين في الخليج للعمل، وكان يُدعى «راشد بن علي الفلاحي»، فشدت انتباهه عناوين بعض الكتب الموجودة في بيت الأخير، وكانت عناوين جذابة وجديدة عليه. طلب الفلاحي من قريبه أن يستعيرها ليقرأها، فكان له ذلك. في زيارة أخرى لراشد الفلاحي، وجد أن الأخير قد عاد من الخليج بكتاب ساحر آخر مكون من أربعة مجلدات بعنوان «ألف ليلة وليلة»، فطلب استعارته إلا أن صاحبه رفض بحجة أن الكتاب غير مناسب لسنه. ومع إصرار الفلاحي على الاستعارة تمت الاستجابة لطلبه، فراح صاحبنا يقرأه بشغف، مكتشفا عوالم ومناخات لم يسمع بها من قبل. علم والده بأمر الكتاب ومصدره، فغضب وطلب من راشد الفلاحي ألا يعطي ابنه مثل هذا الكتاب سيئ السمعة عند شيوخ العلم في عمان. يتذكر الفلاحي تلك الواقعة فيقول: «لم يفتنّي في حياتي حتى اليوم كتاب كما فتنني كتاب ألف ليلة وليلة». والحقيقة أن افتتانه بهذا الكتاب شيء متوقع لشخص مثله لم يكن يعرف وقتها سوى الكتب الدينية.
ألف ليلة وليلة
نعم كان كتاب «ألف ليلة وليلة» من بين أوائل الكتب غير الدينية التي تأسس عليها الفلاحي، علاوة على كتاب «جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب» الذي أحضره له والده من زنجبار. ومع تكرر زيارته لراشد الفلاحي كلما سمع بعودته من رحلة إلى الخليج، وقعت عيناه ذات مرة على مجلة العربي الكويتية، فكانت تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها كتابا على غلافه صورة ملونة وبداخله صور أخرى، ومؤلفه ليس شخصا واحدا وإنما مجموعة من الأشخاص. يقول الفلاحي ما مفاده أنه عرف أنها مجلة فاستعارها وقرأها وشدّه فيها مقال «حديث الشهر» للدكتور أحمد زكي، وتعرف من خلال أحد مقالاتها على حروب العالم، كما قرأ لأول مرة حوارا، فكانت تلك التجربة أول عهده بالصحافة.
المغامرة الأولى
في المحطة الثالثة من حياته، نجده يقرر في سن الثالثة عشرة القيام بأولى مغامراته. كان ذلك في حدود عام 1965 حينما اتفق مع عدد من أقاربه الأكبر سنا أن يهاجروا طلبا للعلم والرزق. ومع رفض والده تلك الفكرة، قرر الفلاحي أن يهرب من عمان إلى دبي، وفي دبي استقل مركبا باتجاه البحرين التي وصلها وأقام بها قرابة الشهرين، تمتع خلالهما بأجواء البحرين الثقافية وتردد على مكتباتها واقتنى منها كتبا جديدة ومجلات لم يرها من قبل، فاتسعت دائرة معارفه، بل وتخلص أيضا من بعض الأفكار الخرافية ذات العلاقة بمخترعات العصر مثل المذياع الذي راح يستمع إليه بشغف بعد أن كان يحسبه جهازا يتلبسه الشيطان.
بحراً إلى الخبر
بعد البحرين، توجه الفلاحي بحراً إلى مدينة الخبر السعودية، ممنيا نفسه بالعمل نهارا والدراسة مساء في إحدى المدارس النظامية، والانضمام إلى جماعة الإمام غالب الهنائي التي كانت في ضيافة الحكومة السعودية بالدمام آنذاك. تعرف صاحبنا في الدمام على شخصيتين عمانيتين ارتبط معهما بعلاقات قوية ولعبتا دورا في حياته هما الأستاذ عبدالله الطائي والشيخ محمد الشيبة. على أن إقامة صاحبنا في السعودية لم تطل، فبعد نحو عام تركها منتقلا إلى الكويت. وفي الكويت أشار عليه البعض أن ينتقل للدراسة إلى بغداد، لكنه وصل في منتصف العام الدراسي فلم يـُقبل. وهنا اقترح عليه نفر من معارفه أن يسافر إلى دمشق التي عاش ودرس فيها عاما كاملا تخللته زيارات إلى بيروت ومقترحات لم تنفذ للسفر إلى مصر التي كان مشدودا إليها بسبب شعارات زمن المد القومي الناصري. وهكذا نجد أن تنقلاته هذه، لئن لم يستفد منها ماديا أو دراسيا، إلا أنها عرفته على أفكار وفلسفات وثقافات تلك المرحلة. إذ اقترب من أفكار وشخوص العمانيين الإماميين، وتعرف على توجهات وطموحات القوميين العرب، واطلع عن كثب على صراعات البعثيين في ما بينهم ومع غيرهم، في الوقت الذي كانت بوصلته مشدودة نحو وطنه العماني وما كان يعيشه من تخلف وعزلة.
العودة إلى عمان
في أواخر عام 1968 كان صاحبنا في أبوظبي التي أقام بها مدة من الزمن، وصادف وقتها أنه رأى مجلة صادرة في بيروت تبشر بقرب تغير النظام في عمان، فسارع بالكتابة إلى الشيخ الشيبة الذي كان قد انتقل من الدمام إلى الكويت ليبلغه بما قرأ، فرد الأخير برسالة تمنى فيها حدوث التغيير المنشود ولم شمل الشعب العماني المشتت. على إثر ذلك شد الفلاحي رحاله إلى الكويت، وبينما هو يتغدى على مائدة الشيبة ظهرا، فإذا بإذاعة الكويت تبث خبر التغيير في عمان واستلام السلطان قابوس مقاليد الحكم بدلا من والده.
ترك الفلاحي الكويت سريعا عائدا لعمان للمشاركة في النهضة الجديدة عن طريق مدينة الخبر، لكنه أصيب في الخبر بحادث سير أليم أقعده في حالة مأساوية بمستشفى الشرق تحت إشراف طبيب لبناني. وملخص الحكاية أنه كان مع صديقه حمود بن سالم الحارثي عائدين من زيارة صديق مشترك لهما على متن دراجة هوائية، فحدث أن صدمتهما شاحنة يقودها أمريكي من موظفي شركة أرامكو. توفي صديقه الحارثي على الفور فيما أصيب هو بجروح وكسور.
تفضيل الإعلام على التعليم
بعد أربعة أشهر من تلك الحادثة خرج الفلاحي من مستشفاه ووصل إلى عمان، وكان صديقه الأستاذ عبدالله الطائي قد اختير وقتذاك وزيرا للإعلام في أول حكومة في عهد السلطان قابوس، بينما آلت حقيبة التربية والتعليم إلى الشيخ سعود الخليلي، فعرض الأخير على الفلاحي أن يعمل مدرسا براتب 65 ريالا في الشهر، لكن الطائي ضغط على الفلاحي وأقنعه أن مكانه الإعلام وليس التدريس. وعليه التحق صاحبنا بوزارة الإعلام، موظفا في قسم الأخبار بالإذاعة العمانية مطلع عام 1971 براتب وقدره 54 ريالا نزولا عند رغبة الوزير الطائي. والحقيقة أن تفضيله للإعلام كان قرارا موفقا ويتلاءم مع طبيعته وشغفه بالمعرفة والثقافة. حيث أتاح له عمله الجديد الاطلاع على معظم الصحف والمجلات الصادرة في العالم العربي، والتعرف على آخر الأحداث السياسية والثقافية، وقراءة المزيد من مؤلفات عمالقة الأدب في مصر والتعرف على أفكارهم وطروحاتهم المتنوعة.
بعد عشر سنوات في الإذاعة عمل خلالها محررا للأخبار والشؤون السياسية ومقدما للعديد من البرامج الأدبية والثقافية والتاريخية، انتقل الفلاحي في عام 1981 من وزارة الإعلام إلى وزارة التربية والتعليم، ليعمل بها عاما كاملا بإدارة البعثات، قبل أن يصدر قرار بتعيينه ملحقا ثقافيا بالسفارة العمانية في البحرين. وفي البحرين التي بقي فيها حتى عام 1987 توثقت علاقته مع النخب الثقافية والشعرية، فعرف إبراهيم العريض وقاسم حداد وعلوي الهاشمي، علاوة على الدكتور غازي القصيبي الذي كان آنذاك سفيرا لبلاده في المنامة.
مجلس الدولة
وفي أواخر عام 1989 انتقل إلى القاهرة للعمل في الملحقية الثقافية العمانية هناك. فكان ذلك بمثابة منعطف جديد ومختلف وثري في حياته. حيث شاهد في القاهرة على الطبيعة كل ما كان قد قرأه أو تخيله. كما تعرف فيها على ثلة من أدباء مصر وعلى رأسهم جمال الغيطاني ويوسف القعيد اللذان سيصبحان من أعز أصدقائه وندمائه.
ما بين 2003 و2011 عين عضوا بمجلس الدولة، وكان قد كرم في عام 2001 بوسام السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، كما تم منحه أيضا وسام عمان المدني من الدرجة الثالثة عام 2015. أما في عام 2010 فقد صدر مرسوم سلطاني بترقيته إلى درجة وكيل وزارة وتعيينه بوظيفة مستشار لوزيرة التربية والتعليم.
إسهامات ثقافية يتذكرها جيل السبعينات
القراءة المكثفة قادته إلى فكرة الكتابة التي راودته مبكرا، وكان أول تجلياتها كتابة الشعر التي استهلها بقصيدة بعثها لوالده وهو في الدمام، من أبياتها: «أبتاه إني اليوم في الدمام ... ألتاع في أرق وفي إيلام». ولم يكن ذلك غريبا لأنه وعى الدنيا محبا للشعر ومفتونا به، لكنه يزعم أنه وجد، بعدما كبر، أن كتاباته الشعرية لا ترقى إلى مستوى الشعر الجيد، فتخلص منها وركز على الكتابة النثرية التي بدأها في أواخر الستينات على شكل خواطر ومقالات قصيرة كانت تنشر في بعض صحف بيروت والقاهرة ودمشق والكويت، وكان منها ما يبث من إذاعات صوت العرب المصرية ولندن وصوت الساحل من الشارقة. وبعد عودته إلى عمان، ومع تطور أسلوبه الكتابي، بدأ ينشر مقالاته في صحيفة عمان وبعض المجلات الصادرة في مسقط. ويعتبر الفلاحي نفسه كاتبا تنويريا، والتنوير عنده، طبقا لما قاله في حوار مع مجلة «شرق غرب» الثقافية العمانية ( 24/2/2016)، هو «تبصير الناس وإرشادهم ودفعهم لاستيعاب حضارة العصر والتخلي عن الجمود والتقوقع، والأخذ بأفكار التمدُّن والرُّقي، والانطلاق نحو غد أكثر إشراقا يذهب بنا نحو التطور والتقدم»، مع تأكيده على أنه لا يرى مطلقا أي تناقض بين الإخلاص للأدب والعيش تحت رسالة التنوير، فهما عنده وجهان لعملة واحدة، والأدب في نظره أحد الأعمدة الراسخة التي يستند بناء التنوير إليها. وللفلاحي، عدا ما ذكرناه، إسهامات ثقافية يتذكرها جيل السبعينات، من أهمها قيامه في عام 1974 مع صديقيه حمد بن محمد الراشدي ويحيى بن سعود السليمي (أصبحا لاحقا وزيرين للإعلام والتربية والتعليم على التوالي) بإنشاء «النادي الوطني الثقافي» الذي مارس أنشطة ثقافية وشبابية على مدى خمس سنوات بجهود ذاتية من أعضائه، وأصدر مجلة باسم «الثقافة الجديدة»، قبل أن يتوقف نشاطه لأسباب مادية. وفي عام 1977 ساهم الفلاحي مع عدد من رفاقه في نادي المضيرب بولاية القابل في إصدار مجلة «الغدير» التي ترأس تحريرها رئيس النادي الشيخ أحمد بن حمد الحارثي، فيما شغل الفلاحي منصب مدير التحرير، وصدر منها 74 عددا قبل أن تتوقف نهائيا عام 1984.
كتب الفلاحي عن حالة الثقافة العربية في صحيفة الرؤية الإماراتية (24/9/2017)، فقال متحسرا: «ثقافتنا العربية كانت تعطي ثقافات العالم وتأخذ منها، في تبادل خلاق، وفي بعض عهودها الزاهرة كان عطاؤها أكبر من أخذها. أما اليوم، فهي متأثرة أكثر منها مؤثرة»، ومشددا على أن «تبادل المعرفة بين الأمم سُنَّة سارت عليها البشرية منذ بزوغ فجرها الأول، والأمم الحية هي التي تمد أواصرها مع الآخر الجار أو البعيد، في علاقة سمحة تقوم على الإفادة والاستفادة من المنافع المادية وفي الأفكار والقيم».
صدر للفلاحي العديد من المؤلفات ومنها: كتاب «حول الثقافة» عام 2007، وكتاب «متابعات» عام 2009، وكتاب «من الحياة» عام 2011، وكتاب «مع الأدب العماني» عام 2011، وكتاب «تأملات» عام 2013، إضافة إلى كتاب «بطين» الذي أصدره سنة 2013 وتحدث فيه عن مسقط رأسه.