أثار قرار قاضية أمريكية عينها الرئيس السابق دونالد ترمب إلغاء إلزامية ارتداء قناع الوجه في المطارات وعلى متن الرحلات الجوية، والقطارات، والباصات جدلاً على نطاق واسع في الولايات المتحدة، بين مؤيد ورافض، وخائف على مستقبل الأزمة الصحية في الدولة التي تتصدر العالم من حيث التضرر من إصابات ووفيات فايروس كورونا الجديد. ففيما اختار مجلس تحرير صحيفة «واشنطن بوست» أن ينشر افتتاحية عدد الأربعاء تحت عنوان: «الكمامات تقوم بدور. حكم القاضية لا يغير تلك الحقيقة»؛ نشرت الصحيفة نفسها مقالاً في صفحة الرأي للكاتبة ميغان مكاردل بعنوان: «نعم. هذه هي اللحظة الملائمة لرفع إلزامية ارتداء الكمامة». وفيما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس أنها ستتقدم باستئناف للطعن في قرار القاضية الفيدرالية، إذا ما قررت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها أن ثمة ضرورة لاستمرار إلزامية ارتداء الكمامة؛ تناولت صحيفة «نيويورك تايمز» المسألة في عدد الأربعاء من زاوية أخرى. فقد نشرت مقالاً مسهباً بعنوان: «هل ستحميني كمامتي إذا لم يكن هناك من يرتدونها بالقرب مني؟» وبدأته بالقول إنه يصح القول إن الكمامات تقوم بدورها على أكمل وجه إذا كان جميع من هم حولك يرتدونها، لأن الشخص المصاب الذي يرتديها تكون الجُزَيْئات الفايروسية التي يتنفسها محاصرة بالكمامة، ولن تستطيع التناثر في الهواء لتصيب الآخرين. وإذا كان شيء من تلك الجزيئات قد استطاع النفاذ من أي كمامة، فإن الكمامات التي يرتديها الآخرون في الغرفة نفسها ستكون قادرة على الأرجح على كبح قدرة تلك الجزيئات على إفشاء عدواها. بيد أن ثمة أدلة كثيرة تظهر أن الكمامة قادرة على حماية من يرتديها حتى لو كان الأشخاص المحيطون به لا يرتدونها. أما مدى تلك الحماية فيتوقف على جودة الكمامة، ومدى إحكامها على الوجه. ويوصي الخبراء بارتداء كمامات N95، وKN95، وKF94 للحماية من عدوى سلالة BA.2 المنحدرة من سلالة أوميكرون، وهي السلالة المهيمنة حالياً على الإصابات الجديدة في أرجاء الولايات المتحدة. كما أن ثمة عوامل أخرى تؤثر في شدة أو ضآلة مخاطر الإصابة، خصوصاً طول مدة مخالطة المصاب، أو مدى الاقتراب منه. ومنها أيضاً مدى التهوية الجيدة للمكان.
وبالنسبة إلى الطائرات، فمن المعروف أن الهواء على متن الطائرة يتم ضخه من خلال مصافٍ للتهوية عالية الجودة، تقوم بدور كبير في خفض تفشي الفايروسات. لكن ذلك لا يعني زوال جميع المخاطر التي تواجه المسافر. فقد أشارت دراسة نموذجية أجريت في ديسمبر 2021 إلى أن المسافرين الذين يجلسون على الصف نفسه من المقاعد، أو بعد صف من المقاعد من مسافر مصاب بمرض كوفيد-19 يواجهون مخاطر أعلى للإصابة، من خلال القُطَيْرات التنفسية المتطايرة في الهواء. وخلصت تلك الدراسة إلى أن ارتداء الكمامة كفيل بخفض مخاطر الإصابة بنسبة تبلغ 54%.
وأوضحت «التايمز» أنه على متن الرحلات الجوية قد يكون من الصعب تفادي الاختلاط بأشخاص مُطَعّمين، وآخرين لم يحصلوا على اللقاح، وبين مصابين يشعرون بالأعراض، ومصابين لا يشعرون بها. غير أن المخاطر الكبرى تتمثل في فترتي الإركاب، والنزول من الطائرة. فخلالهما يتم خفض دورة الهواء على متن الطائرة، أو وقفها كلياً. وإضافة إلى الزحام في المطار فإن هذه الحالات الثلاث هي الأشد خطورة للإصابة. ونسبت «التايمز» إلى خبيرة تفشي الفايروسات من خلال الهواء لينسي مار قولها إنها ترى أن الباصات، ثم القطارات هي الأشد خطورة لإفشاء العدوى من الطائرات. وأضافت أن الناس يتحدثون عن مدى الأمان الذي تتيحه أنظمة تدوير الهواء على متن الطائرات؛ وهو صحيح، غير أن الفايروس يتناثر في الهواء، بدليل استمرار عدد الإصابات الجديدة.
أعلنت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها ليل الثلاثاء أن سلالة BA.2، المتحدرة من سلالة أوميكرون، أضحت منذ 16 إبريل الجاري تمثل نحو 90% من الإصابات الجديدة بفايروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة. وجاءت تلك الأنباء وسط قلق متعاظم من تزايد الحالات الجديدة في أمريكا، خصوصاً في ولاياتها الشمالية الشرقية، ومنها نيويورك، وكونيكتيكت. ويسود القلق أوساط العلماء الأمريكيين من أن تسارع تفشي سلالة BA.2 في بقاع القارتين الآسيوية والأوروبية سيقود إلى هجمة وبائية محتملة في الولايات المتحدة. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن متوسط الإصابات الجديدة خلال الأيام الـ7 الماضية يبلغ 34.972 إصابة يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 16 إبريل، وهو ما يمثل ارتفاعاً نسبته 23.4% عما كان عليه الوضع الوبائي قبل أسبوع فحسب.
بريطانيا.. «انكسار جونسون».. وأبواب المجهول!
أعلنت بريطانيا أمس (الأربعاء) أنها سجلت 116.227 إصابة جديدة، و482 وفاة بفايروس كورونا الجديد خلال الساعات الـ24 الماضية. وفيما توشك المملكة المتحدة على بلوغ 22 مليون إصابة منذ اندلاع نازلة كورونا؛ ارتفع عدد وفياتها أمس إلى 1.711.878 وفاة. وجاء ذلك فيما بدا رئيس الحكومة المحافظ بوريس جونسون منكسراً أمام أعضاء مجلس العموم ليل الثلاثاء، في أول مواجهة برلمانية له منذ إعلان الشرطة أنها أوقعت عليه وعلى وزير خزانته ريشي سوناك غرامة مالية، لإقامتهما احتفالاً صاخباً في مقر رئيس الوزراء أثناء سريان قانون الإغلاق الصحي، الذي استنته حكومته. وكرر جونسون اعتذاره الحار أكثر من خمس أو ست مرات للشعب البريطاني، ولمجلس العموم. وتعرض لهجمات قاسية من زعيم المعارضة العمالية سير كير ستارمر، وعدد من النواب المنتمين لمختلف الأحزاب والتيارات السياسية. وحاول جونسون التغطية على انكساره من خلال محاولة تصوير جهوده لمساعدة أوكرانيا، في مواجهة الغزو الروسي، باعتبارها بطولة تفردت بها بريطانيا عالمياً.