يواجه عملاقا العالم، من حيثُ عددُ السكان، مشكلتين متعارضتين تماماً. فقد أضحت الهند اعتباراً من أمس (الإثنين) الدولة الأكثر سكاناً في العالم. وفي الوقت نفسه، فقدت الصين موقعها ككبرى دول المعمورة من حيث عددُ السكان. الشيء الطبيعي أن تتلمس الهند سبل الحد من النسل؛ فيما تبحث الصين عن تدابير لتشجيع سكانها على زيادة النسل. وفي كلتا الحالتين يستحيل إرضاء جميع فئات السكان. وفي الهند، تقول الأقلية المسلمة، التي لعبت أدواراً مهمة عبر القرون، إنها ظلت تعاني منذ عقود سياسات حكومية جائرة للحد من النسل، بدعوى أن السلطات تهدف إلى تحقيق الاستقرار الديموغرافي في البلاد. وأشارت «رويترز»، في تحقيق بهذا الشأن، إلى أن مسلمين ومسلمات، وزعماء محليين، وخبراء في الشؤون الديموغرافية أكدوا لها تعرض المسلمين الهنود لحملات توعية بشأن وسائل منع الحمل، وكيفية تخطيط الأسرة. وأضافت، أن الإحصاء السكاني الذي يُجرى في الهند كل 10 سنوات أكد في سنة 2011، أن المسلمين هم ثاني أكبر فئة دينية في الهند، إذ يمثلون 14.2% من عدد السكان البالغ آنذاك 1.2 مليار نسمة. والغالبية هم الهندوس، الذين تصل نسبتهم إلى 79.8% من السكان. وكان مقرراً إجراء التعداد التالي في سنة 2021. بيد أن الأمم المتحدة قدّرت أن عدد سكان الهند سيصل بحلول مطلع مايو 2023 نحو 1.42 مليار نسمة. ويعد مسلمو الهند ثالث أكبر مجموعة من المسلمين على مستوى العالم، بعد إندونيسيا وباكستان. غير أن انحدار الخصوبة وسط الأسر الهندية المسلمة بدا ملموساً خلال السنوات الـ 15 الماضية. وطبقاً للمسح الوطني لصحة العائلة، فإن معدل خصوبة مسلمي الهند (وهو معدل عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة) انخفض من 3.4 خلال الفترة 2005 - 2006، ومن 2.6 في سنة2015 إلى 2.4 خلال الفترة 2019 - 2021. وعلى رغم أن انحدار معدل الإنجاب إلى 2.4 لا يزال الأعلى قياساً ببقية السكان المسلمين في أرجاء العالم الأخرى؛ فإنه الأسرع تضاؤلاً؛ إذ إنه انخفض بمستوى النصف تقريباً من 4.4 خلال الفترة 1992 - 1993. وقام أئمة مسلمي الهند بدور كبير في التوعية بمخاطر ارتفاع عدد المواليد في كل أسرة. لكن المراقبين يرون أنه لا يزال يتعين بذل مزيد من الجهود لتوعية فقراء المسلمين الأميين في الأرياف الهندية. وتعد ولاية أوتار براديش الأكثر اكتظاظاً بالمسلمين في الهند. وفيما ذكر أئمة مسلمون في ولاية أوتار براديش، أنهم شجعوا المسلمين على الحد من النسل من خلال الخطب، واللقاءات الاجتماعية، باستخدام موانع الحمل؛ قال آخرون في ولاية بهار، إن المصلين هناك رفضوا الفكرة من أساسها، مشددين على أن الإسلام يجعل قيام أسرة تتمتع بالصحة، ويترك للأفراد مهمة تحديد عدد الأطفال الذي يريدون إنجابه. ومع ذلك، فإن مسلمي الهند يقرون بأن التوعية والتعليم أديا إلى انخفاض عدد المواليد في كل أسرة، بشكل يختلف عما كان عليه الآباء. ففي الجيل السابق كان الأب ينجب ما لا يقل عن 5 أبناء و4 بنات، لكن أبناءه اكتفوا بولدين وبنت، أو بنتين وولد.
أما بالنسبة إلى الصين، فإن الصورة مختلفة تماماً. فقد خرجت الصين من تبعات وباء فايروس كورونا الجديد (2019 - 2023)، لتكتشف أنها تعاني انخفاضاً كبيراً في عدد المواليد. ولذلك سارعت الحكومة الصينية إلى إلغاء التعليمات السابقة التي ألزمت الصينيين على مدى عقود بالاكتفاء بطفل وحيد لكل أسرة. وأعلنت الحكومة تدابير لتحفيز الصينيين على إنجاب مزيد من الأطفال، تشمل إعفاءات ضريبية، وإجراءات أخرى. وفي فبراير 2023، أعلنت محافظة سيشوان، الواقعة جنوب غرب الصين، أنها قررت السماح بتسجيل الأطفال الذين ينجبهن نساء غير متزوجات. وهو إجراء تشير الأدلة إلى أن الصين قد تعمد إلى تعميمه في بقية محافظاتها لزيادة معدل الإنجاب. ويعني هذا التدبير أن الأم غير المتزوجة يحق لها الحصول على إجازة ولادة مدفوعة الأجر، والحصول على الإعانات المخصصة للأطفال. وهي مخصصات كانت تقتصر في السابق على الأمهات المتزوجات. ولعل أبرز التدابير الجديدة السماح للنساء غير المتزوجات بالحصول مجاناً على التخصيب لإنجاب «أطفال الأنابيب»، من خلال العيادات الإنجابية الخاصة. ولا تقتصر مشكلة الصين على انخفاض معدلات الإنجاب، بل تشمل أيضاً تزايد عدد المسنين بشكل ملموس. وفي مارس 2023، أعلن المستشارون السياسيون للحكومة، أنهم يوصون بأن يسمح للنساء غير المتزوجات بالحصول على خدمة التخصيب الاصطناعي. ويتوقع أن يؤدي هذا التوجه الصيني إلى ازدهار غير مسبوق في صناعة الصحة الإنجابية. وسيعني ذلك بالضرورة شدة الطلب على خدمات إنجاب أطفال الأنابيب، وحق استخدام الحيوانات المنوية المجمدة في العيادات الخاصة. كما يتوقع أن يؤدي الانتعاش المرتقب في هذا الشأن إلى الاستعانة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الصحة الإنجابية. وتقول مؤسسات حكومية صينية، إن وراء انخفاض معدلات الإنجاب في البلاد قرار عدد كبير من الفتيات الصينيات تأجيل الزواج والإنجاب، تحت وطأة الكلفة المرتفعة لتعليم الأطفال، ومستلزمات تربيتهم.. وعمدت محافظات أخرى، منها شنغهاي، إلى السماح للأمهات بتسجيل أطفالهن المولودين خارج الزوجية. لكنها لا تزال ترفض السماح بخدمات أطفال الأنابيب لغير المتزوجات. ويقول خبراء أكاديميون ومختصون في المجالات الطبية، إن المستشفيات الحكومية والخاصة توفر في الصين نحو مليون فرصة لمعالجة العقم سنوياً، فيما يصل العدد إلى نحو 1.5 مليون فرصة في بقية أرجاء العالم. وتشترط السلطات ألا تزيد تكلفة إنجاب الطفل في عيادات الصحة الإنجابية على ما يراوح بين 3500 و4500 دولار؛ وهو ما يعادل نحو ربع التكلفة في المشافي والمصحات الأمريكية. وتقول الصين، إن لديها 539 عيادة إنجابية حكومية وخاصة. وأنها تهدف بحلول سنة 2025 إلى إقامة عيادة إنجابية لكل 2.3 مليون نسمة.
تكنولوجيا «مرسال الحمض الريبوزي» تستهدف السرطان
لم تعد تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي mRNA تقتصر على استخدامها ضد فايروس كورونا الجديد، المسبب لمرض كوفيد-19. وكانت الولايات المتحدة عرفت هذه التكنولوجيا في أتون المعركة بين الإنسانية والفايروس. وتشير دراسة حديثة إلى أن العلماء توصلوا إلى جرعات خاصة تعمل بتكنولوجيا مرسال الحمض الريبوزي لاستهداف سرطان الجلد، الذي ينشب أظفاره مجدداً بعدما يتم علاجه بنجاح. وأشارت الدراسة إلى أنه بعد نحو سنتين من إعطاء لقاح ابتكرته شركتا موديرنا وميرك الأمريكيتان تحسنت فرص بقاء المرضى على قيد الحياة بنسبة 44%، وتفاديتكون أورام جديدة، قياساً بالمرضى الذين تلقوا رعاية عادية خلال الفترة المذكورة. ويتوقع أن تبدأ تجربة سريرية أكثر توسعاً في وقت لاحق من السنة الحالية لتأكيد صمود تلك النتائج. وسيكون هذا أول نجاح للقاح ضد السرطان. وهو هدف ظل ينتهي بالفشل كلما حاول العلماء طوال العقود الماضية. وبدلاً من أن يستهدف اللقاح الجديد تقليص الورم السرطاني، فإنه يستهدف منع عودة السرطان لمن تم علاجه منه. ويرجح علماء أن لقاح السرطان سيستهدف قريباً أنواعاً مختلفة من الأورام السرطانية. ويتوقع أن يكون الهدف القادم هو استخدام اللقاح الجديد ضد سرطان الرئة. ويقول العلماء إن اللقاح القائم على تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي يتطلب إجراء جراحة مسبقاً لاستئصال الورم، أو من خلال «خزعة»، يقوم الأطباء بأخذ عينة من الغشاء والدم لتحليل الخريطة الوراثية، ومعرفة البروتينات السرطانية التي لا توجد في الأنسجة السليمة. ويستهدف اللقاح 34 صنفاً من تلك البروتينات، بحيث يتعرف إليها نظام المناعة، ليقوم بنقل الخلايا السرطانية التي تنتج تلك الدهون من دون إلحاق أي ضرر بالخلايا السليمة.
أما بالنسبة إلى الصين، فإن الصورة مختلفة تماماً. فقد خرجت الصين من تبعات وباء فايروس كورونا الجديد (2019 - 2023)، لتكتشف أنها تعاني انخفاضاً كبيراً في عدد المواليد. ولذلك سارعت الحكومة الصينية إلى إلغاء التعليمات السابقة التي ألزمت الصينيين على مدى عقود بالاكتفاء بطفل وحيد لكل أسرة. وأعلنت الحكومة تدابير لتحفيز الصينيين على إنجاب مزيد من الأطفال، تشمل إعفاءات ضريبية، وإجراءات أخرى. وفي فبراير 2023، أعلنت محافظة سيشوان، الواقعة جنوب غرب الصين، أنها قررت السماح بتسجيل الأطفال الذين ينجبهن نساء غير متزوجات. وهو إجراء تشير الأدلة إلى أن الصين قد تعمد إلى تعميمه في بقية محافظاتها لزيادة معدل الإنجاب. ويعني هذا التدبير أن الأم غير المتزوجة يحق لها الحصول على إجازة ولادة مدفوعة الأجر، والحصول على الإعانات المخصصة للأطفال. وهي مخصصات كانت تقتصر في السابق على الأمهات المتزوجات. ولعل أبرز التدابير الجديدة السماح للنساء غير المتزوجات بالحصول مجاناً على التخصيب لإنجاب «أطفال الأنابيب»، من خلال العيادات الإنجابية الخاصة. ولا تقتصر مشكلة الصين على انخفاض معدلات الإنجاب، بل تشمل أيضاً تزايد عدد المسنين بشكل ملموس. وفي مارس 2023، أعلن المستشارون السياسيون للحكومة، أنهم يوصون بأن يسمح للنساء غير المتزوجات بالحصول على خدمة التخصيب الاصطناعي. ويتوقع أن يؤدي هذا التوجه الصيني إلى ازدهار غير مسبوق في صناعة الصحة الإنجابية. وسيعني ذلك بالضرورة شدة الطلب على خدمات إنجاب أطفال الأنابيب، وحق استخدام الحيوانات المنوية المجمدة في العيادات الخاصة. كما يتوقع أن يؤدي الانتعاش المرتقب في هذا الشأن إلى الاستعانة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الصحة الإنجابية. وتقول مؤسسات حكومية صينية، إن وراء انخفاض معدلات الإنجاب في البلاد قرار عدد كبير من الفتيات الصينيات تأجيل الزواج والإنجاب، تحت وطأة الكلفة المرتفعة لتعليم الأطفال، ومستلزمات تربيتهم.. وعمدت محافظات أخرى، منها شنغهاي، إلى السماح للأمهات بتسجيل أطفالهن المولودين خارج الزوجية. لكنها لا تزال ترفض السماح بخدمات أطفال الأنابيب لغير المتزوجات. ويقول خبراء أكاديميون ومختصون في المجالات الطبية، إن المستشفيات الحكومية والخاصة توفر في الصين نحو مليون فرصة لمعالجة العقم سنوياً، فيما يصل العدد إلى نحو 1.5 مليون فرصة في بقية أرجاء العالم. وتشترط السلطات ألا تزيد تكلفة إنجاب الطفل في عيادات الصحة الإنجابية على ما يراوح بين 3500 و4500 دولار؛ وهو ما يعادل نحو ربع التكلفة في المشافي والمصحات الأمريكية. وتقول الصين، إن لديها 539 عيادة إنجابية حكومية وخاصة. وأنها تهدف بحلول سنة 2025 إلى إقامة عيادة إنجابية لكل 2.3 مليون نسمة.
تكنولوجيا «مرسال الحمض الريبوزي» تستهدف السرطان
لم تعد تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي mRNA تقتصر على استخدامها ضد فايروس كورونا الجديد، المسبب لمرض كوفيد-19. وكانت الولايات المتحدة عرفت هذه التكنولوجيا في أتون المعركة بين الإنسانية والفايروس. وتشير دراسة حديثة إلى أن العلماء توصلوا إلى جرعات خاصة تعمل بتكنولوجيا مرسال الحمض الريبوزي لاستهداف سرطان الجلد، الذي ينشب أظفاره مجدداً بعدما يتم علاجه بنجاح. وأشارت الدراسة إلى أنه بعد نحو سنتين من إعطاء لقاح ابتكرته شركتا موديرنا وميرك الأمريكيتان تحسنت فرص بقاء المرضى على قيد الحياة بنسبة 44%، وتفاديتكون أورام جديدة، قياساً بالمرضى الذين تلقوا رعاية عادية خلال الفترة المذكورة. ويتوقع أن تبدأ تجربة سريرية أكثر توسعاً في وقت لاحق من السنة الحالية لتأكيد صمود تلك النتائج. وسيكون هذا أول نجاح للقاح ضد السرطان. وهو هدف ظل ينتهي بالفشل كلما حاول العلماء طوال العقود الماضية. وبدلاً من أن يستهدف اللقاح الجديد تقليص الورم السرطاني، فإنه يستهدف منع عودة السرطان لمن تم علاجه منه. ويرجح علماء أن لقاح السرطان سيستهدف قريباً أنواعاً مختلفة من الأورام السرطانية. ويتوقع أن يكون الهدف القادم هو استخدام اللقاح الجديد ضد سرطان الرئة. ويقول العلماء إن اللقاح القائم على تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي يتطلب إجراء جراحة مسبقاً لاستئصال الورم، أو من خلال «خزعة»، يقوم الأطباء بأخذ عينة من الغشاء والدم لتحليل الخريطة الوراثية، ومعرفة البروتينات السرطانية التي لا توجد في الأنسجة السليمة. ويستهدف اللقاح 34 صنفاً من تلك البروتينات، بحيث يتعرف إليها نظام المناعة، ليقوم بنقل الخلايا السرطانية التي تنتج تلك الدهون من دون إلحاق أي ضرر بالخلايا السليمة.