-A +A
عبدالهادي المستادي (جدة) ahadi4@

تصدر اسم المدرب الإسباني خافيير كاييخا عناوين الصحف ووسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك عقب وصول نادي الشباب إلى اتفاق معه لتولي الدفة الفنية للفريق قبل أن تتوقف الصفقة فجأة، وعقب 48 ساعة فقط من خروج أخبار الاتفاق بين الطرفين، ما جعل اسم المدرب يمثل علامة استفهام كبيرة أمام المتابعين. وسنحاول في «عكاظ» تقصي السيرة الذاتية للمدرب والبحث عن مسيرته قبل وصول عرض نادي الشباب ومن ثم توقف المفاوضات معه، حيث يعد كاييخا لاعبا إسبانيا سابقا ومدربا حالي يبلغ من العمر 44 سنة من مواليد مقاطعة مدريد. بدأ مسيرته لاعبا في أكاديمية ريال مدريد كلاعب وسط أيسر، وقضى جل مسيرته في فياريال ثم ملقا. اعتزل اللعب في 2012 وبدأ مباشرة مسيرته التدريبية في أكاديمية فياريال وقاد فريق الشباب هناك.

في مايو 2017 تم ترقيته لقيادة فياريال B (الفريق الثاني) خلفا للمدرب المعروف باكو لوبيز، لكن لم يستمر طويلاً. قررت إدارة النادي في سبتمبر من نفس العام إقالة مدرب الفريق الأول فران أسكريبا بعد فشله في تحقيق البداية المنتظرة وتعيين كاييخا خلفا له كمدرب مؤقت. تمكن كاييخا في أول مواسمه كمدرب فريق أول من إنهاء الموسم كخامس الليغا، وأهدى ناديه مقعدا أوروبيا مباشرا في دوري المجموعات لليورباليغ. في مايو 2018 تم تمديد عقده مع الفريق.

في ديسمبر من نفس العام، قررت الإدارة إقالة كاييخا بعدما كان الفريق يعيش فترة سيئة ابتعد فيها عن الهبوط بثلاث نقاط فقط. قرار الإقالة كان قاسيا على كاييخا بالنظر للإصابات التي تعرض لها معظم نجوم الفريق حينها. البديل كان لويس غارسيا الذي لم يستمر سوى شهر واحد فقط وتمت إقالته أيضا من قبل الإدارة (لويس توجه بعد هذه التجربة إلى نادي الشباب). ما لبثت الإدارة أن كفرت عن خطأها وأعادت كاييخا للفريق والذي تمكن من إنهاء الموسم بشكل جيد للنادي.

في الموسم الذي يليه (2019-2020)، قدم فياريال واحدا من أفضل مواسمه على الإطلاق وأنهى الموسم كخامس الليغا ومقعد أوروبي من جديد. بقرار غريب، قررت الإدارة إبعاد كاييخا وتعيين أوناي إيمري بديلا له.

في أبريل 2021 تم تعيينه مدربا للافيش بهدف إنقاذ الفريق من الهبوط. في يوم تقديمه كمدرب للنادي الباسكي الافيش، قال خافيير كاييخا وبكل ثقة: «أنا مقتنع بأننا سنلعب في الليغا الموسم القادم».

حتى تستوعب حجم هذا التحدي، يُجدر أن نشرح حالة الافيش في تلك الفترة (موسم 2020-2021): فريق باسكي هدفه الأساسي وكل طموحه هو البقاء في الليغا الإسبانية، بدأ موسمه مع المدرب بابلو ماشين الذي فشِلَ فشل ذريعا مما تسبب في إقالته بعد 18 جولة تحديدا بتاريخ 12 يناير 2021. تم تعيين المدرب المتمرس جدا إبيلاردو لإنقاذ الفريق من شبح الهبوط. فشل هو الآخر في إعادة الفريق مما جعل الأمور أسوأ وأصبح الافيش هو أقرب الفرق فعليا للهبوط سواء من الناحية النقطية أو على مستوى اللعب. قررت الإدارة حينها إقالة إبيلاردو بعدما قاد الفريق في 11 جولة حقق فيها فقط 5 نقاط من أصل 33 نقطة، وتعيين خافيير كاييخا بتاريخ 7 أبريل 2021. الحلم هو ذات الحلم: إنقاذ الفريق من الهبوط، وإبقاؤه في الليغا.

كان أمام كاييخا فقط 9 جولات لانتشال الفريق وتنتظره مجموعة من المباريات الصعبة جدا. الكثير انتقده على خوض تحد انتحاري بمعنى الكلمة خصوصا بعد تجربة مميزة خاضها مع فريقه السابق فياريال. يبدو أن كاييخا كان يعرف جيدا ماذا يفعل وكيف يتخذ قراراته.

تغيّر شكل الفريق كلياً مع كاييخا وتحول من فريق كسيح فاقد الثقة ينتظر الهبوط فقط إلى فريق مرعب يحقق النقاط واحدة تلو الأخرى. نجح الفريق معه في تحقيق 5 نقاط في أول 3 مباريات صعبة للغاية وفي ملاعب مؤثرة: أثليتك بلباو في سان ماميس، وأخرى ضد فالنسيا في مستايا، والثالثة على ملعبه ضد فريقه السابق فياريال.

منذ ان امتلك كاييخا زمام الأمور في الافيش حتى نهاية الموسم، الافيش خامس أفضل ناد في الليغا بعد الريال البطل، الاتلتي، سلتا فيغو و اشبيليه. و تفوق على أندية بحجم برشلونه، ريال بيتيس، فياريال، فالنسيا و ريال سوسيداد.

قبل نهاية الموسم بجولة يتحقق ما وعد به كاييخا عند قدومه: «أنا مقتنع بأننا سنلعب في الليغا الموسم القادم.» الافيش يحقق المعجزة ويضمن البقاء رسميا في الليغا الأسبانية.

بعد هذا المنجز قررت إدارة النادي تمديد عقده لعامين لكن تمت إقالته قبل نهاية العام بعد البداية السيئة للفريق في الليغا وخروجه من الدور الثاني في بطولة الكأس من أمام فريق درجة ثالثة.

ما هو أسلوب لعب كاييخا وهل يناسب الشباب؟

هنا يجب أن نشيد بطريقة عمل إدارة نادي الشباب التي اختارت في البداية كيكي سيتين وعندما لم تتفق معه توجهت لخيار آخر (كاييخا) من نفس المدرسة تقريبا مع اختلافات بسيطة. مدرسة تعتمد على الاستحواذ، التمريرات القصيرة و الضغط العالي. وفي هذا دلالة واضحة جدا على أن الإدارة تعرف جيدا ماذا تريد وما هي نوعية المدرب الذي يناسب إمكانات الفريق. نجاح كاييخا مع الشباب من عدمه يعتمد على معطيات مختلفة لكن الاختيار يجب الإشادة به.

أسلوب كاييخا:

عادة يلعب كاييخا بشكل هجومي من خلال طريقة 4-3-1-2 بحيث يتواجد لاعبان على الطرفين يجيدان فتح اللعب لتوسيع مساحة اللعب وتشكيل خط ضغط إضافي. أحد أهم مميزات أسلوب لعب كاييخا هو الضغط في مناطق متقدمة جدا بحيث ينقسم المهاجمان الاثنان مع قلبي الدفاع عندما يقرران التوسيع، مما يعطي اللاعب رقم 10 مساحة أكبر للضغط وتشكل خط ضغط ثلاثي أمام خط 18 الخصم. ثلاثي الوسط يتواجد مباشرة خلف ثلاثي المقدمة مما يشكل خط ضغط ثان يُصعّب مأمورية الخروج بالكرة على الخصم.

مشكلة هذا الأسلوب تتمثل في أن الفريق سيتضرر بقوة في حال لم يتم الضغط ككتلة واحدة وبتفاهم كبير لأن الخصم إذا تجاوز الخط الثاني فهذا يعني أنه انفرد تماما وأصبحت فرص تسجيله للأهداف أعلى. لذلك برر كاييخا كثيرا سبب استخدامه 4-3-1-2 لأنها تجعل الفريق يضغط ككتلة واحدة و كوحدة واحدة.

من الأمور التي تميز بها فياريال مع كاييخا بشكل واضح هو قدرته على تنفيذ المرتدات بسرعة متناهية وجودة كبيرة كواحد من أفضل الفرق في أوروبا. هنالك سببان خلف هذا النجاح: الأول عندما يستعيد الفريق الاستحواذ، هنالك ثلاثي خط وسط ذو صبغة هجومية فعالة ويجيد إرسال الكرة في مناطق الخصم بذكاء كبير. السبب الثاني يتمثل في توجيه المهاجمين مع الأجنحة للركض سريعا خلف المدافعين واستغلال المساحة. لذلك تكررت في فياريال أهداف اللمسة الواحدة فقط.

بعد تعاقد الشباب مع كريتشوفياك وادم في مركز المحور الدفاعي، باستعادة جوانكا، ووجود العابد و باهبري و جونيور، وبالطبع في وجود المايسترو بانيغا تصبح الأسماء وخصائص اللاعبين مناسبة جدا لفكرة كاييخا.

يمكن البدء مثلا: كريتشوفياك كمحور، جونيور/ باهبري في اليمين، العابد/ جوانكا في اليسار.. يتبقى فقط خانة الهجوم.

في الختام، نقول دائما النجاح والفشل نتيجة تأتي بناء على عمل يومي ومعطيات متعددة مختلفة، لكن اختيار مدرب بنوعية وأسلوب كاييخا يعتبر اختيارا ذكيا جدا، والأقرب نجاحه إذا تم الصبر عليه من قبل الإدارة والجمهور