يبدو أن رئيس وزراء إيطاليا وميلان السابق سيلفيو بيرلسكوني كانت لديه نظرة مستقبلية بأن كرة القدم الأوروبية إن لم تعمل على نفسها بشكل جيد فلن يكون لها مُستقبل كبير، حيث قدم في عام 1989 اقتراحا لمشروع السوبرليغ الذي تم رفضه آنذاك.
ماذا حدث في ذلك المشروع؟ ذهب أدراج الرياح وفضل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تغيير المسمى من (الكأس الأوروبية) إلى (دوري أبطال أوروبا) بدايةً من موسم 1992/1991 مع تغيير نظام البطولة من مباريات أدوار نهائية إلى دور مجموعات إضافة إلى أدوار نهائية.
مرت السنوات على هكذا نظام، وكانت الأمور تسير بشكل جيد والمنافسات ارتفعت بين الحين والآخر بين الأندية الأوروبية الكبيرة، ولكن كانت هناك إشكالية كبيرة في نظام توزيع المكافآت المالية لهذه الأندية التي كانت تدفع الكثير وترفع من مستويات المنافسة والشهرة للبطولة الأوروبية.
وهذا الشيء أدى إلى غضب الأندية وتحديداً ريال مدريد في عام 2009 عندما عاد رجل الأعمال الإسباني ورئيس النادي الملكي فلورينتينو بيريز وقرر إعادة إحياء فكرة بيرلسكوني التي مضى عليها 20 عاماً وهنا نتحدث عن السوبرليغ.
هذه المرة ماذا كان رد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم؟ الرد كان ببداية التفكير في نظام مالي جديد يدعى (القانون المالي للعب النظيف) التابع لهيئة الرقابة المالية في المؤسسة الأوروبية لكرة القدم، يهدف هذا القانون هو إعادة موازنة كرة القدم من خلال الحفاظ على استمرارية الأندية على المدى البعيد دون الوصول إلى نقطة الإفلاس كما حدث مسبقاً مع بارما وفيورنتينا من إيطاليا.
يبدو أننا سوف نستخدم (لكن) كثيراً، لأننا مهما تحدثنا عن نقطة فسيكون هناك رد على سلبية هذا القرار باستخدام هذه الكلمة، إذ إن القانون المالي للعب النظيف جاء نظرياً للحفاظ على الأندية ولكنه في الحقيقة جاء ليُغيّر منظومة كرة القدم إلى لعبة رأسمالية من الدرجة الأولى والنادي الذي يمتلك مستثمراً لديه الكثير من الأموال هو من لديه القدرة على الحصول على ما يريد، بالمقابل هناك أندية كبيرة سقطت بشكل مخيف وخصوصاً الأندية الإيطالية مع القليل من الأندية الإسبانية، والأندية التي حافظت على نفسها هي من عملت قبل إقرار هذا القانون في عام 2013.
استمرت رغبة بيريز في إنشاء بطولة السوبرليغ في عام 2014، وماذا كان الرد؟ الرد كان من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالرفض وإعادة هيكلة نظام المكافآت المالية مرةً أخرى، بيريز كان يقول حينئذ «ليس من المعقول أن ندفع كثيراً، ولا نحصل على الكثير».
بيريز يرى أن كرة القدم الأوروبية ليس لديها مستقبل، اللعبة تتجه إلى الهاوية، الجيل الجديد والقادم يُتابع برامج التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية أكثر بكثير من كرة القدم، ومن ضمن اقتراحاته أن بطولة السوبرليغ تهدف إلى وجود كثرة المباريات الكبيرة بين الأندية الكبيرة التي ستُحقق مشاهدات أكبر، وإيرادات أكبر، وبالتالي نرى منافسات مالية جداً مرتفعة مدعومة من قبل صناديق أمريكية عملاقة مثل (JP Morgan) و (Goldman Sachs).
في عام 2020 حدثت الخطوة الخطيرة جداً من بيريز بجانب رئيس يوفنتوس أندريا أنيللي ورئيس برشلونة جوان لابورتا بالمضي قدماً وإنشاء هذه البطولة دون اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ومرت على هذه الخطوة فقط 3 أيام قال عنها الرئيس تشيفرين إنه لم ينم أبداً في تلك الأيام وإنه سيكتب كتاباً في المستقبل حول هذه القصة.
تدخلت الحكومات الأوروبية والمؤسسات الرياضية في كل دولة مدعومة من الاتحاد العالمي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي لكرة القدم لإيقاف هذه البطولة، وبالفعل انسحبت الأندية بشكل تدريجي وتحديداً الأندية الإنجليزية التي وقعت بفخ رئيس الوزراء جونسون الذي كان يُلقي خطابات ساخنة يُهدد هذه الأندية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد من يحاول إسقاط المؤسسة الأوروبية.
على أي حال، محكمة مدريد وافقت على إنشاء هذه البطولة.. ومع ذلك بقي المشروع مُعلّقاً حتى إشعار آخر، الهدف من إنشاء هذه البطولة هو تغيير نظام كرة القدم تماماً بما يحافظ على قيمة هذه اللعبة بالنسبة للكثير.
ماذا كان الرد؟ رد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هو تغيير نظام القانون المالي النظيف إلى الاستدامة المالية وتراخيص الأندية على مدى 3 سنوات قادمة، وكذلك تغيير نظام بطولة دوري الأبطال بزيادة الأندية وعدد المباريات ما يوفر الكثير من الأموال والمكافآت المالية بداية من موسم 2025/2024 كما حدث مسبقاً مع بيرلسكوني.
إذن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هي مؤسسة رياضية رجعية تتخد نفس القرارات باندفاعية ودون المحاولة للحفاظ على هذه اللعبة بشكل جيد، ولهذا السبب السؤال الذي يطرح نفسه: هل كرة القدم الأوروبية إلى الهاوية؟ الكثير يرد بالإجابة نفسها: نعم، كرة القدم الأوروبية إلى الهاوية.