أصدرت المحكمة البريطانية العليا في العاصمة البريطانية لندن اليوم (الاثنين)، حكمها في شأن النزاع على ملكية نادي شيفيلد يونايتد لكرة القدم بين الطرف الأول الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود وشركته يو. تي. بي (UTB)، LLC، والطرف الثاني كيفن مكيب وشركته شيفيلد يونايتد ليمتد (SUL).
وتعقيبا على ذلك، أعلن الأمير عبدالله بن مساعد أن المحكمة البريطانية العليا في لندن أصدرت اليوم حكمها النهائي لصالحه، إذ أصبح المالك الوحيد لنادي شيفيلد يونايتد، كما أبطلت المحكمة الدعاوى التي رفعها خصمه ضده.
وقال الأمير عبدالله بن مساعد: «ندخل الآن مرحلة جديدة، هدفها البناء على النجاحات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الـ6 الماضية، ونعد بأن ندير النادي على أعلى المستويات المهنية، وبأكبر قدر من المسؤولية، لنقدم ونحفظ لجمهور هذا النادي العريق ناديا يفخرون به من كل النواحي، كما يبدأ اليوم العمل أيضا على تدعيم أكاديمية النادي ذات التاريخ العريق لتكون واحدة من أفضل الأكاديميات في العالم».
وتابع الأمير عبدالله بن مساعد عبر حسابه في «تويتر»: «كما سيقوم النادي بإذن الله بشراء الملعب التاريخي (برامالين) والأرض التي تقع عليها الأكاديمية ومباني الإدارة وضمها للنادي تدعيماً لمستقبل النادي».
وقبل رفع القضية أمام القضاء، كان الطرفان يملكان مناصفة النادي بنسبة 50% لكل منهما، من خلال شركة قابضة هي بليدز ليجر ليمتد (Blades)، إذ جاء الحكم بعد مرافعات وشهادات استمرت 19 يوماً عُرضت وقائعها في شهري مايو ويونيو من العام الحالي (2019) وبدأ نظرها قبل أكثر من 18 شهراً.
وجاء حكم القاضي فانكورت في 262 صفحة لصالح الأمير عبدالله بن مساعد وشركة UTB بشكل ساحق، ووجّه، طبقاً لشروط اتفاقية بيع وشراء أقدم عليها الطرفان والتزما بها، بأنّ على شركة SUL وجوباً نقل حصة ملكيتها البالغة نسبتها 50% في Blades إلى شركة UTB وتؤول بموجب النقل إلى الأمير عبدالله بن مساعد كامل ملكية النادي.
ورفض القاضي بشكل كامل المزاعم الإضافية التي تقدم بها الطرف SUL ومنها المطالبة بتعويضات لقاء أضرار مزعومة تأتّت من خرق العقد بين الطرفين والاحتيال للتسبّب لشركته بأضرار، وأيضاً مزاعم مثلها ضد شركة UTB بالتآمر على كيفن مكيب والإساءة له والرشوة.
ووصف القاضي جميع المزاعم بأنها وهمية ولا أساس لها من الصحة، فقضية SUL في شأن الرشوة تغيرت، إذ كان واضحاً أن الاتهامات قائمة على أسس ضعيفة للغاية، وكان الدليل على تلك المزاعم مبنياً على أدلة ثبت أنها «ملفقة».
وأشار القاضي فانكورت في حكمه إلى حالة غير واضحة تبدّت عام 2013، عندما أصبح الأمير عبدالله شريكاً مماثلاً في النادي، تناولت الاتفاق على تمويل النادي بعد تقديم الأمير عبدالله استثماره الأوّلي وقيمته 10 ملايين جنيه إسترليني صُرف بكامله خلال الموسمين الرياضيين 2014/2013 و2015/2014، وأراد مكيب أن تتكفّل شركة UTB بتغطية مصروفات النادي كاملة، فيما لا تتكلف شركة SUL بتمويل النادي، أما الأمير عبدالله فقد كان يعتقد أن على شركتي UTB وSUL توفير التمويل للنادي بمحاصصة متساوية.
وأدى هذا الأمر إلى تطوّر عدد من الخلافات في شأن تمويل النادي بين عامي 2014 و2018 ما ولد خلافات على قضايا أخرى عدّة أدت إلى تفاقم الخلاف في نوفمبر 2017، وشكلت هذه القضايا جوهر وقائع المحاكمة ومداولاتها، وعندما انتبه مكيب إلى أن عليه المساهمة في تمويل النادي تغير «موقفه من إدارة النادي».
وخلُص القاضي فانكورت إلى أن مزاعم شركة «SUL» بخصوص إضرار الأمير عبدالله بن مساعد وشركة «UTB» بها إضراراً لا تستحقه بسلوكها خلال عام 2017 وإجبار «UTB» على بيع حصتها في النادي لشركة «SUL»، إضافة إلى مزاعم استحقاق مكيب وشركة «SUL» لتعويضات عن الأضرار، جميعها مزاعم اعتبر القاضي أنها تفتقر إلى الاستحقاق، وتوصل بعد تحليل حالات بعينها إلى جملة استنتاجات منها:
- أن مكيب -وبعد إخفاق تأمين استثمار جديد للنادي من طرف ثالث- خالف القانون بمحاولة الهيمنة على النادي وإعادة تنظيمه ليناسب أجندة شركة «SUL» شاملا عدم توفير أي استثمارات جديدة للنادي وسيطرة «كيفن مكيب القابضة» عليه، على الرغم من أن النادي ملكية شخصين هما مكيب والأمير عبدالله بن مساعد.
- بحلول أكتوبر 2017 لم يكن مكيب وقتها حتى مجرد مدير لشركة Blades أو النادي، لكنه كان مصمماً على الاستمرار في معارضة الأمير عبدالله بن مساعد على جميع الجبهات، ومن مواقف المعارضة: اعتزامه إزاحة ستيفن بيتس المدير التنفيذي للنادي، خلافاً لرغبات «UTB» ومجلس إدارة النادي، اعتراضه على استقدام شركة ديلويت للمحاسبة التي رغب الأمير عبدالله بن مساعد بتكليفها لعمل دراسة مستقلة للوضع المالي للنادي، معارضة مكيب تعيين مدير مالي جديد، عطفا على أنه كان عليه قبول وضع يخوّل «UTB» تعيين مدير مالي بموجب عقدها مع النادي.
- إنّ شركة «UTB» لم تفسد علاقة الثقة بين «UTB» و«SUL»، وأن محصلة أفعال وخطوات مكيب هي التي أنتجت في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر 2017 وضعاً لعلاقة خلت من الثقة والأمانة، إذ كانت «SUL» مصممة على الاستمرار في سلوك نهج كما فعلت في السابق، والتصرّف لخدمة مصالحها الخاصة لا التعاون مع «UTB» وواضعة نصب عينيها صفقة بيع النادي لشركة «ALK» لقاء ربح وفير.
- الأمير عبدالله بن مساعد وجيان سيراكوزا لم يكونا مصممين على التآمر لإيذاء أو إحراج مكيب كما زعمت «SUL» بل على تحقيق هدف وحيد هو «حمل كيفن مكيب على احترام أنظمة Blades ونادي شيفيلد يونايتد والعمل بشكل صحيح من خلال مجالس الإدارة والمدير التنفيذي» وتطبيق الحوكمة واحترام الصلاحيات والمسؤوليات، كما أن الأمير عبدالله وجيان سيراكوزا كان هدفهما جعله يفهم أن سلوكه غير مقبول وإعادته إلى جادة الصواب.
ورأى القاضي فانكورت أن سلوك مكيب كان استغلالياً ومخادعاً في عدد من القضايا التي قام عليها الخلاف، التي أثارتها «SUL» في المحاكمة مفترضة أنها تسلط الضوء على افتراءات مزعومة على الأمير عبدالله بن مساعد وشركة «UTB»، وأعرب القاضي عن اعتقاده أن شهادة مكيب في حالات بعينها من التطورات الأساسية في القضية كانت «مخادعة».
ووصف القاضي كيف أغرى مكيب، بيركس (صديق لأسرة مكيب عُيّن مديراً تنفيذياً) على تأدية «الأعمال القذرة» بالنيابة عنه،بإزالة اسم بيتس من جدول الرواتب من دون علم بيتس بذلك، فأدى ذلك إلى قيامه بعمله شهراً كاملاً من دون أجر قبل أن ينتبه إلى ما فعله بيركس بطلب من مكيب.
كما خلص القاضي إلى أن تصرّف السيد مكيب في ما اتصل بالتعيين المقترح لكل من شركة ديلويت وفان وينكل اتصف بالتستر والمكر والإعاقة المقصودة، ووصف القاضي استعداد مكيب لاستغلال موظفي نادي شيفيلد يونايتد لتحقيق أغراضه الشخصية وبالتالي وضعهم في موضع يثير الاستياء والحسد، مشيرا إلى أن مكيب يقوم بلوم أي شخص سواه على الأخطاء التي وقعت.
وواجه القاضي صعوبة في استيعاب شهادات مكيب، مشيراً إلى حالات كثيرة دافع فيها عن رواياته وأكدها فتبين أنها خطأ، ولذا لم يكن القاضي قادراً على الاعتماد على إفادته بخصوص أحداث رئيسية في القضية، كما خلص القاضي إلى أن تاتن المدير المالي لشركة «SUL» شاهد لا يعول عليه، واصفاً أداءه خلال شهادته لصالح مكيب بـ«غاية في العجب»، وتوصّل القاضي إلى أن شهاداته في شأن أجزاء أساسية عدّة من القضية كانت «فبركة».
وقال القاضي فانكورت: «كيفن مكيب قادر فقط على تذكر الأحداث، أو حتى النظر في الوثائق، من منظور معتقداته الذاتية وفهمه الشخصي لما كانت عليه الأمور أو كيف كانت في رأيه، واعتقاده هو لا غيره من كان مصيباً ومن كان مخطئا. هناك حالات كثيرة عرض فيها مكيب روايات أكدها بقوة ودافع عنها وهو على منصة الشهود لكن كان واضحاً أنها خطأ، أو أن الرأي الذي تبنّاه كان بلا أساس واقعي سليم».
كما وجد القاضي فانكورت أن الأجزاء الرئيسية المختلفة في أدلة تاتن، زميل جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين على وجه التحديد كانت «مُلفّقة».
ووصف القاضي في توثيقه للحكم الأمير عبدالله بن مساعد بأنه «رجل ذكي جداً» و«شاهد موثوق به»، وقال إنه الأمير توهج بالحماسة والحب لنادي شيفيلد يونايتد، وأعرب القاضي عن اقتناعه بأن شهادات الأمير عبدالله بخصوص اجتماعات مع مكيب أصدق من الروايات نفسها كما سردها مكيب، فيما وصف القاضي، جيان سيراكوزا عضو مجلس إدارة «UTB» بأنه «ذكي وجزل وحذر وهو في رأيي شاهد صادق».
يذكر أن المحكمة ستعقد جلسة في أكتوبر القادم 2019 لنظر قضايا متابعات ناتجة عن صدور الحكم ومتضمنة نظر المحاصصة في تكاليف المرافعات.