عبدالمجيد كيال
عبدالمجيد كيال




عبدالمجيد كيال وزملاؤه في فريق الاتحاد يحملون العلم السعودي في نهائي كأس الملك 1378.
عبدالمجيد كيال وزملاؤه في فريق الاتحاد يحملون العلم السعودي في نهائي كأس الملك 1378.
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz@
من رائحة «البحر» مدينة وشاطئاً؛ فتح عينيه وفلَّ معه أشرعة نجابته.. ومن أسرة ولادة لنجوم «المستديرة»؛ بزغ «الفتى مجيد» لينسج حلمَه.. ومن قميص اختفى لونه تحت الأتربة؛ حضرت خطورة «هدَّاف» مدرسته.. ومن فريق حيِّه المتوقف «الكوكب»، إلى كنف المتجدد عميد الأندية.. ومن نفض غبار «ملعب الصبان» سَنَّ حذاءه لعشب «روشة بيروت».. ومن تصويباته الحاسمة وتسديداته العابرة لُقِّب بـ «الصاروخ».. إنه كابتن الاتحاد الراحل عبدالمجيد كيال.

في خمسينات القرن الميلادي؛ كتب لمعانه الكروي بقائمة «أوليات الملاعب».. فمع «الشغف العلمي»؛ أول لاعب يُبتَعث خارجياً للدراسة الجامعية.. ومع «الفريق الاتحادي»؛ اقترن اسمه بأول بطولة لكأس الملك.. ومع «المنتخب الوطني» أول من حمَل شارة «القيادة» في أول تشكيلة للصقور الخُضر.. ومع «البطولات العربية» أول هدَّاف سعودي دولياً.


وعندما أُحِلَّ فريق بداياته الكروية «الكوكب»؛ تردد والده في انتقال شبله الصغير إلى عميد الأندية.. وحين قَبِل بالعرض الاتحادي؛ اشترط انتقال كل لاعبي الفريق الكوكبي، وكان له ذلك.. ولما ألحقه أبوه للدراسة في بيروت والقاهرة؛ يستدعيه «الاتحاد» لأيام معدودات فيصنع النصر ثم يعود لمواصلة التعلّم.. ذلك هو النجم الذي سبق زمانه.

أما «مجايدة الاتحاد الثلاثة» في السبعينات الهجرية؛ فاجتمع صاروخ الهجوم «عبدالمجيد كيال»، والمحور المختلف «عبدالمجيد بكر»، والغضبان الهدَّاف «عبدالمجيد راجخان».. وحين أوجد «عبدالمجيد أس 3» مكاناً عميقاً عند الجماهير العاشقة المتفائلة؛ تمتع الاتحاديون بأفراح الانتصارات وحصد البطولات.. ذلك المعنى الذي أدركوه، وذلك الأثر الذي تركوه.

عن «الثراء» فحدِّث ولا تتوقف؛ متفردٌ في الرياضة وشؤونها، متفقهٌ في التجارة وأصولها، متطلعٌ إلى المعرفة وأبوابها، وباحثٌ عن الحكمة وأسرارها.. ومن الرقص مع الحياة وبهجتها؛ استوحى إيقاعات التناغم مع كنوزها الخفية.. ومع الرضا والسعادة؛ أعطى كل شيء فاستمتع بكل شيء، وتقبَّل لحظات الخسارة مثلما زها في أوقات النصر. وبين الكياسة والبسالة واللباقة؛ طَلة خِلْقَة، وبشاشة تهلُل، وأزليَّة شغف.. وبين صوت خفيض وذراعين دائمتي الحركة؛ أحاط الآخرين تقديراً، بكثير من التلميح وقليل من التصريح.. وبين جبهة عريضة وأنف خشيم؛ نظرات مرتفعة تشبه الغرور وليست غروراً.. وبين وجه مستطيل ولسان حكيم؛ دهشة أبدية لم تكتشف كلها حتى بعد رحيله.

حين تشبَّع بندى الشفافية ونعومة النضارة؛ لم يَعْرِف الإغضاب والحِقد والنِكاية.. وعندما جمع الأداء والسلوك الرفيع؛ كان رجلاً استثنائياً بعلمه وفكره وثقافته.. وفي عمق جوقة عائلته ومحبيه ومن حوله؛ عاش على الفطرة برقة مشاعر وعاطفة إحساس.. ومن أناقة في كل شيء؛ أدى واجباً اجتماعياً وعاد لبيته، ثم رحل دون ضجيج.