بالقرب من جزيرة الجريد، وعلى بُعد 40 كيلومتراً من خط الساحل، ستتلألأ عما قريب مياه الخليج العربي الفيروزية، عاكسة أضواء منشأة ضخمة واستثنائية وهي تمد أذرعها لتعانق السحاب، فيما تردد صفحة المياه أصداء صيحات الحماسة والمتعة المنطلقة من حناجر الزوار والمصطافين المنغمسين في تحديات مغامراتهم البحرية وأدرينالين رياضاتهم الجريئة.
يبدو ذلك أشبه بالحُلم، نعم. لكنه حُلم مدعوم بسنوات من التفكير والدراسة والتخطيط واستطلاعات الرأي، كما يؤكد رائد بخرجي، الرئيس التنفيذي لمشروع «.THE RIG»، المتوقع افتتاحه في المملكة العربية السعودية ضمن خطة تنفيذ رؤية السعودية 2030، كوجهة غير مسبوقة في المنطقة والعالم للترفيه وسياحة المغامرات.
ويصف بخرجي مشروع «.THE RIG» قائلاً: «لاستيعاب طبيعة المشروع علينا أن ندرك أنه مشروع سياحي إستراتيجي طموح، يستهدف استقطاب أكثر من 900 ألف زائر سنوياً بحلول عام 2032، على متن منصاته الأربع، والممتد على مساحة تزيد على 300 ألف متر مربع، يضم بدوره 3 فنادق بسعة 800 غرفة و11 مطعماً مختلفاً، إضافة إلى المطاعم الموجودة في منطقة التسوق، والعشرات من الأنشطة الترفيهية بما فيها الرياضات الجريئة والمغامرات السياحية، وباختصار، فإن المشروع متفرد ولم يسبق له مثيل في العالم، ونرى أنه سيمثل نقلة نوعية لقطاع السياحة والترفيه في المملكة والمنطقة، وسيعيد تعريف مفهوم السياحة البحرية بأنواعها».
ويُعد مشروع «.THE RIG» الأول من نوعه عالمياً الذي يتم تشييده من منصات نفط بحرية مُصنعة أو معاد تأهيلها وهو أمر غير مألوف في المشاريع السياحية، ويشرح بخرجي أسباب التركيز على منصات النفط البحرية كوحدات بناء للمشروع، وكيفية تصميمها وبنائها ومن ثم تشغيلها قائلاً: «تمثل منصات النفط البحرية المكونة للمشروع تجسيداً لإرث المملكة العربية السعودية الغني في قطاع النفط والغاز واحتفاءً به، وسيجري تصميم كل منصة من منصات المشروع ليعكس جانباً من ذلك الإرث، أما المنصات نفسها، فسيتم تصنيع بعضها بطريقة عصرية قبل أن يتم نقلها إلى موقع المشروع، فيما سيتم جلب البعض الآخر وإعادة تأهيلها، ليكون بذلك أضخم بناء يتم نقله من البر وتثبيته في وسط البحر».
ويتابع: «إن تصميم وبناء مشروع سياحي ضخم مثل «.THE RIG» من منصات نفط يشتمل في حد ذاته على تحديات كبيرة، فلم يسبق لأحد أن قام بالتخطيط لمثل هذا المشروع، لكن التحديات وُجدت للتغلب عليها، وسيشهد الزوار عند افتتاح «.THE RIG» عدداً من الابتكارات غير المسبوقة التي تطال كافة المرافق والأنشطة بالموقع، التي تعتمد في وجودها على أحدث ما أنتجت العلوم والتقنيات، وعلى إبداعات ألمع العقول العاملة في المشروع».
وكانت المملكة العربية السعودية قد خطت خطوات واسعة لتعزيز الأصول السياحية بها خلال السنوات الماضية، وتحفل الأجندة السياحية السعودية حالياً بالعشرات من المواقع والوجهات والفعاليات الممتدة زمانياً ومكانياً بطول البلاد وعرضها، وحول المكانة التي يسعى إليها المشروع وسط كل هذا، والإضافة التي سيحققها للمشهد السياحي السعودي، يشدد بخرجي على أن الفكرة الإبداعية خلف المشروع هي أهم عناصر جاذبيته، «فنحن نوفر الدهشة والاستمتاع وهما العمود الفقري للمشروع ومكمن سحره القادر على اجتذاب الباحثين عن المغامرات السياحية وهواة الاستكشاف، والراغبين في معايشة تجارب تمنحهم شعوراً جديداً. نعلم أن العالم يعج بوجهات الاسترخاء والمنتزهات الترفيهية ومدن الملاهي وكل وجهة من هذه الوجهات مختلفة عن الأخرى، ونحن كذلك مختلفون، واختلافنا وتميزنا هو ما سيجعل الزوار يتوافدون إلينا لمعايشة تجارب غير مسبوقة وتجربة مشاعر جديدة في موقع يحظى بمعطيات لا مثيل لها في العالم، ويقدم خدماته لكافة فئات الزوار».
ويضيف: «لا تفتقر المملكة لأية مقومات سياحية، لكنني أنظر هنا إلى الهدف الأكبر والمتمثل في تشجيع الزوار على التخطيط لزيارات متكاملة للمملكة، وبفضل رؤية قيادتنا الرشيدة، وفي ظل مستهدفات رؤية المملكة 2030، فالسعودية تعمل بجد من أجل التوظيف الأمثل للثروات السياحية الموجودة لدينا، فلدينا ولله الحمد الجبال، والأودية، ولدينا البحار والصحاري والثلوج، بما يسمح لنا بتصميم تجارب سياحية شاملة تلبي تطلعات الزوار المحليين والدوليين».
ووفقًا للدراسات والأبحاث التي أجرتها شركة تطوير منتزه النفط المطورة للمشروع، فإن المستهدفون لزيارة الوجهة يشمل هواة الرياضات الجريئة والمغامرات والمستكشفون و الباحثون عن الاسترخاء من جميع أنحاء العالم، وليس فقط داخل المملكة. ويؤكد الرئيس التنفيذي: «سوف يتوجه هؤلاء الزوار إلى الوجهة عندما يجدون فكرة أو نشاطًا أو تجربة تناسب تطلعاتهم، هنا تكمن مهمتنا في تسهيل وصول هؤلاء الزوار إلينا لخوض تجارب سياحية متكاملة فريدة من نوعها. إضافة إلى ذلك، ستكون وجهتنا محطة انطلاق رئيسية لرحلات الزوار إلى وجهات مختلفة داخل المملكة، مما يمنحنا ميزة ترويجية».
جانب آخر من نتائج الدراسات والأبحاث التي أجرتها الشركة وجود استجابة إيجابية من المجتمع السعودي والزوار بشكل عام للمشروع المقترح، مما يشير إلى توقع استقبال أعداد كبيرة من الزوار من مختلف البلدان، ليخوضوا تجربة سياحية فريدة تتميز بالكرم السعودي والتنوع الاستثنائي الذي سوف يُقدمه المشروع لزواره.
ويقول الرئيس التنفيذي: «المشروع يستهدف جميع فئات الزوار، وقد تم تصميم المشروع بعناية لتلبية جميع حاجاتهم، ويؤكد أنه مشروع سياحي متكامل يوفر وسائل متنوعة للوصول إليه تلائم جميع زواره سواء عن طريق المروحيات أو الطائرات المائية أو العبّارات الكبيرة التي تتسع لأكثر من 500 راكب، وتمثل وسيلة اقتصادية للتنقل. كما سنستقبل كذلك الزوار الذين يفدون إلينا على متن سفن الخطوط السياحية. فمشروع «.THE RIG» تمت دراسته والتخطيط له بعمق وصولاً إلى أدق التفاصيل بهدف تلبية حاجات كافة فئات الزوار، سواء كانوا زوار اليوم الواحد الذين سيأتون للاستمتاع بالمغامرات، أو الزوار الذين يقضون ليلة واحدة، أو أولئك الذين يقضون عطلة طويلة تتيح لهم التمتع بكل الخدمات والأنشطة المدهشة في الوجهة».
وسيرحب مشروع «.THE RIG» بكل فئات السياح من كل مكان في العالم بمن فيهم الأطفال والكبار والعائلات من دون محددات عمرية، وهو ما يجعل لعوامل الأمن والسلامة أهمية خاصة، كما يشير المهندس بخرجي قائلاً: «عند الحديث عن مشروع بهذا الحجم وزوار بالأعداد الكبيرة المتوقعة، فمن الطبيعي أن يكون هناك اهتمام كبير بعوامل الأمن والسلامة، وبقواعد الإخلاء في حالات الطوارئ. ونستقي الخبرة في هذا الصدد مما تطبقه سفن الخطوط السياحية بما تحمله على متنها من أعداد كبيرة من المسافرين، ونحرص على تبني أفضل الممارسات في «.THE RIG» لنضمن تجربة آمنة ذات معايير أمان وسلامة عالية للزوار».
وحول ما إذا كان وجود المشروع في موقعه ينذر بأية أضرار قد تؤثر على البيئة المحيطة أو الحياة البحرية في المنطقة، شدّد الرئيس التنفيذي على أن جزيرة الجريد محمية طبيعية، وأن شركة تطوير منتزه النفط قد أبرمت اتفاقية تعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية للعمل معاً على حماية الجزيرة بشكل كامل، وأضاف: «أيضاً نقوم حالياً بتطوير عدد من التقنيات الخاصة بإنشاء مستعمرات للشعاب المرجانية ضمن المشروع، فبعض أجزاء المشروع سيكون مغمور بمياه البحر، ويمكن استخدامه كمستعمرات لهذه الشعاب والأحياء البحرية الأخرى، وهذا بالطبع مفيد من الناحية السياحية».
من ناحية أخرى، تضم مرافق المشروع أحدث تقنيات الطاقة وتحلية ومعالجة المياه والصرف الصحي المواكبة لأفضل الممارسات العالمية للمحافظة على البيئة وحماية الحياة البحرية وتنميتها. ونعمل كذلك على عدد من المبادرات المعنية بجزيرة الجريد لضمان استمرار وازدهار أشكال الحياة بها والحفاظ على ما بها من بهاء طبيعي. وأود هنا أن أذكر أن أحد أهم الأنشطة لدينا هو الغوص، فمن ثم، تشكل الحياة البحرية في المشروع ومحيطه أهمية قصوى لنا، إذ تمثل أحد عوامل الجذب المهمة للزوار.
من ناحية أخرى، يلقي بُعد «.THE RIG» عن الساحل بظلاله على الطريقة التي ستؤمن بها المشروع حاجاته من الطاقة والمياه وغيرها من الخدمات، وفي هذا الشأن يوضح الرئيس التنفيذي أن شركة تطوير منتزه النفط قامت بدراسة أمر الطاقة التي سيعمل عليه المشروع، وخصوصاً في ما يتعلق بالطاقة الكهربائية، مؤكداً أن المشروع يعمل على أن تكون الطاقة المتدفقة في الوجهة متجددة، مشيراً إلى وجود تعاون في هذا الأمر مع الشركة السعودية للكهرباء لضمان إمدادات طاقة متجددة ومستدامة.
ملمح اَخر من ملامح مشروع «.THE RIG» الطموح، وهو الغموض الذي يبثه في قلوب زواره حين يربطون بين الوجهة السياحية البحرية، وما يعرفون عن منصات النفط الحقيقية ومشقة العمل على متنها، ويرى المهندس المهندس بخرجي في ذلك ملمحاً إيجابياً ويعده جزءاً من الغموض الإيجابي الذي يكتنف طبيعة التجارب الترفيهية والمغامرات التي يوفرها «.THE RIG»، التي لن تكون شاقة بالتأكيد، بل ستكون معايشة لتجارب مختلفة قادرة على توليد مشاعر جديدة تسهم في تعزيز المتعة. وبذات المعنى، تعمل الشركة على أن تكون إقامة ضيوف الوجهة حافلة بالمتعة والإثارة والمشاعر المرتبطة بالمغامرات والرياضات الجريئة.
ويرى الرئيس التنفيذي لمشروع «.THE RIG» أن الوجهة المرتقبة ستكون محط أنظار العالم، ومقصدا بارزا لعشاق الابتكارات الملهمة، ليس فقط في قطاع السياحة، بل في غيره من القطاعات كذلك، فليس أفضل من «.THE RIG» كموقع للاحتفالات أو العروض أو إطلاق المنتجات العصرية، وأكثر من ذلك، لا يوجد موقع أفضل منها لتصوير الأعمال الفنية والأفلام ذات الشعبية الكبيرة، وربما تكون تلك الأخيرة جزء لا يتجزأ من التجارب التي يشهدها الزوار كما يقول بخرجي.