-A +A
علا الشيخ - ناقدة سينمائية ola_k_alshekh@

مضى الربع الأول من عروض أفلام مهرجان برلين السينمائي في دورته الـ70، والتي خيم عليها الحزن منذ اليوم الأول، من خلال وقفة الحداد على أرواح ضحايا العملية العنصرية الإرهابية التي قام بها ألماني بقتل تسعة مسلمين في مدينة هانوا، فصمت ضيوف المهرجان دقيقة احترامًا لأرواح الضحايا، قبيل الدخول في الأجواء البرلينالية، وبدأت بعدها ملامح الدورة الـ70 تتضح، وكان التساؤل يحضر في الأسباب التي جعلت من مهرجان عريق مثل هذا وهو يختبر إدارته الجديدة المتمثلة بالمدير الفني كارلو شاتريان والمدير العام ومارييت ريسنبيك، في الأسباب التي دفعت لاختيار الفيلم الكندي سنتي السلنجيرية (My Salinger Year)، للمخرج فيليب فالارديو.

فالفيلم متواضع في كل عناصره، ولا يمكن استيعاب اختياره ليكون هو واجهة افتتاح هذا المهرجان، لكن التساؤلات ظلت موجودة، مع غالبية الأفلام التي تم عرضها في المسابقة الرسمية إلى اللحظة والتي ينافس من خلالها 18 فيلما للحصول على الدب الذهبي، ولكن لا بد من الحديث قليلا عن هذا الفيلم المبنية أحداثه على رواية (سالينجر الحارس في حقل الشوفان) التي تم ترجمتها لعدة لغات، منها العربية، لذلك العديد من قراء الرواية سيجدون أنفسهم على علم في التفاصيل، وهذا الذي جعل من الفيلم أبسط في تأثيره عن الرواية، لكنك لا شك أن الموسيقى المستخدمة في الفيلم إضافة الى أداء الممثلين أعطى قوة له، وشكلت نوعا من القبول لفيلم كان من الممكن أن يكون أفضل وأكثر إلمامًا، واستطاعت الممثلة مارغريت كوالي أن تؤدي شخصية جوانا راكوف بتمكن منذ لحظة دخولها، وتعمل بوظيفة سكرتيرة مساعدة وظيفتها الاطلاع على رسائل القراء الخاصة بسالينجر وترد عليهم، ليدرك المشاهد أن الفيلم يدور حولها وليس حول سلينجر.

وفي صباح اليوم الثاني من عرض الأفلام، كان الجمهور على موعد مع فيلم الكرتون «أونوورد» (Onward)، وهو من الأفلام التي ستكون حاضرة في دور العرض التجارية قريبا، للمخرج دون سكانلون، يتحدث عن معنى الأخ الكبير في حضرة وفاة الأب، فيلم جميل، ومصنوع بطريقة تلامس القلب قبل العقل، الرسوم فيه متقنة، وكل التقنيات الصوتية والتكنولوجية متماسكة، فيلم مهم من ناحية القصة وطريقة تناولها والتصاعد الدرامي فيها.

في المقابل وضمن قسم البانوراما، عرض الفيلم الصربي (أوتاك) للمخرج سرادن جلوبوفيتش والذي أدارت المؤتمر الصحافي الخاص به المخرجة اللبنانية ريم صالح، يحكي قصة مؤلمة مبنية على حكاية حقيقية لأب سلبت الحكومة منه أطفاله بسبب فقره الشديد وكانت تضع كل العراقيل التي من الصعب أن ينجزها ليستطيع أن يعيد أطفاله إليه، هذا الفيلم يدخل ضمن أفلام الطريق، وهو يحاول بكل جهده أنه يصل إلى المسؤولين ليحكي قصته، فيلم مصنوع بحرفية، وبجهد عاطفي، وهو يعتبر من أفضل أفلامه البانوراما في الربع الأول من عروض المهرجان.